الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

«النسور الحُمر».. سرب أمريكي سرِّي لمواجهة المقاتلات الروسية

كشفت دوائر استخباراتية النقاب عن تكليف سرب طيران أمريكي بالتدريب السرِّي على التعامل مع مختلف المقاتلات الروسية، وشروع سلاح الجو الأمريكي في تدريبات من هذا النوع منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، واعتمد السلاح على مخلَّفات حروب استحالت فيها أنواع المقاتلات الروسية بعد سقوطها إلى خردة بفعل التقادم، لتبدأ بعد ذلك مرحلة إعادة تأهيل المقاتلات والتدريب عليها.

ويشرف على التدريبات «برنامج تكنولوجيا المقاتلات الأجنبية» التابع مباشرة للإدارة الأمريكية؛ أما السرب المكلف بالمهمة فيُطلق عليه «سرب الاختبار والتقييم 4477» (4477 TES). وكان للسرب الذي انطلقت أولى طلعاته من مطار معزول في ولاية نيفادا، ويطلق عليه «النسور الحُمر» هدفاً واحداً، وهو تدريب الطيارين الأمريكيين على التعامل مع المقاتلات الروسية، وإصدار تقارير دورية للقوات الجوية والبحرية وطياري مشاة البحرية الأمريكية حول التكتيكات القتالية اللازمة لهزيمة المقاتلات الروسية.

جهود الـCIA

وحسب تقرير نشرته «واشنطن بوست»، استحالت مقاتلات روسية من طراز MIG إلى أداة يعتمد عليها برنامج تكنولوجيا الطائرات الأجنبية الأمريكي، ليتشعب منه برنامج آخر يهدف إلى التدريب على التكتيكات الجوية ويُعرف بـ«SFTI»، وتشرف عليه إحدى مدارس سلاح الجو الأمريكي المعروفة بـTOPGUN. ورغم قدم عمل السرب الأمريكي السرِّي، إلا أنه لا يزال معنياً بالمهمة ذاتها حتى الآن، وانتقل في عملياته التدريبية إلى أنواع جديدة من المقاتلات الروسية.

بطبيعة الحال، يتطلب تشغيل سرب «النسور الحُمر» السرِّي توفير نماذج لمقاتلات معادية، ونظراً لصعوبة تلك المهمة، اعتمدت الولايات المتحدة على علاقاتها المتشعبة بدول العالم للحصول على المقاتلات الروسية حتى ولو كانت «خردة». وفي حين فطنت إسرائيل إلى رغبة واشنطن، أعارتها مقاتلتين روسيتين من طراز MiG-17F، وMiG-21، كانت قد استولت عليهما إسرائيل من القوات العراقية والسورية. بالإضافة إلى حصول الولايات المتحدة على أكثر من 10 مقاتلات MIG عن طريق إندونيسيا، بعد حصول الأخيرة عليها من كوريا وباكستان وكمبوديا؛ وبينما كان الأمريكيون في حاجة إلى سرب المقاتلات الهجومية الروسية، عرضوا على الإندونيسيين إمدادهم في المقابل بمقاتلة أمريكية متطورة من طراز «نورثروب» F-5 Tiger II، فوافقت حكومة جاكرتا على الصفقة.

ساحات الخردة

ووفقاً لتقرير نشره موقع 19 fortyfive المتخصص في الملفات العسكرية، كانت الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن جادة في عمليات البحث عن المقاتلات الروسية، إذ تم انتشال بعض مقاتلات الـMIG من ساحات تجارة «الخردة»، والتنقيب عن بعضها في المواقع النائية التي سقطت فيها، بينما عُثر على البعض الآخر وهو مهجور في مستودعات دولة وأخرى.

ولا تتردد وكالة الاستخبارات المركزية الـCIA في لعب دور كبير لتسهيل مهمة توفير المقاتلات الروسية لصالح سرب «النسور الحُمر»، فأبرمت عديد الصفقات من هذا النوع مع حكومات في مختلف دول العالم، وجاء في طليعتها صفقة مع ألمانيا الشرقية عام 1987، حصلت بموجبها الولايات المتحدة على مقاتلات متنوعة من طراز MIG. وخلال العام ذاته، اشترت القوات الجوية الأمريكية عشرات المقاتلات من طراز Shenyang F-7Bs المتطورة، والتي تعد النسخة الصينية من طراز MiG-21، بعد حصول بكين على رخصة من موسكو ببنائها.

وبعد تجاوز صعوبات توفير المقاتلات الروسية، عكفت القوات الجوية الأمريكية على اختيار نخبة الطيارين البارعين المقرر انضمامهم إلى سرب «النسور الحُمر»؛ وتنتقي قيادة القوات الجوية كوادر السرب من خريجي المدرسة التجريبية Edwards AFB، أو خريجي المدرسة البحرية التجريبية في NAS Patuxent River.

موهبة وعزيمة

وتخوض القوات الجوية الأمريكية تحدياً كبيراً في إعادة تأهيل المقاتلات الروسية بعد الحصول عليها؛ فالمقاتلات التي انتشلتها الولايات المتحدة من ساحات ومستودعات «الخردة» في مختلف دول العالم تحتاج لإصلاحها وإعادة تأهيلها للطيران موهبة وعزيمة، لا سيما أن القائمين على عمليات من هذا النوع لا يمتلكون كتيبات إرشادية ولا بيانات فنية، فضلاً عن الافتقار إلى قطع الغيار، أو إمكانية الحصول عليها بسهولة؛ فكلما احتاج سرب «النسور الحُمر» إلى جزء ما في المقاتلات الروسية، يلجأ إلى وكالة الاستخبارات المركزية، أو الشركة الأمريكية المصنعة لتوفير أو تصنيع البديل؛ أما المقاتلات التي يستحيل الاعتماد عليها في التدريبات، فتشير تسريبات أمريكية إلى أنه جرى دفنها سراً في صحراء ولاية نيفادا.

وللحفاظ على سرية عمل «النسور الحُمر»، وتوخي الحذر خلال عمليات التدريب على المقاتلات الروسية، اتخذت الجهات القائمة على المشروع احتياطيات خاصة جداً من بينها تفادي تحليق المقاتلات في ساعات الليل، والعزوف عن نقلها جواً في ظروف جوية سيئة. وتؤكد بيانات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» في هذا الخصوص نجاح الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن في الحصول على 4477 مقاتلة متنوعة من طراز MIG الروسية.