الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

لماذا قامت الاحتجاجات في الهند الآن؟

تقرّ محررة المواد الإعلانية ساره سيد بأن التوجهات القومية الهندوسية لرئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي لطالما أثارت قلقها، لكنها تؤكد أن شعورها بالعجز عن وضع حد لهذه السياسات، تغيّر الآن.

وتعتبر على غرار كثر ممن يشاركون في موجة الاحتجاجات الحالية، أن قانون الجنسية الجديد ومشاهد التصدي للطلاب المعترضين عليه بالغاز المسيل للدموع شكّلا القشة التي قصمت ظهر البعير.

وتقول سيد وهي مسلمة متزوجة من كاثوليكي «ليس الأمر وكأن أحداً لم يكن يعلم بأن الأمور لم تكن على ما يرام. لكن السياسة بالنسبة إلى كثر منا محبطة لدرجة تدفعنا إلى عدم الاكتراث بها».


وتضيف محررة المواد الإعلانية «لكن المرء يشعر الآن بأن عدم المشاركة في الاحتجاجات والتزام الصمت جريمة».


ويقول معارضو مودي إن القانون الذي يعطي أفضلية لرعايا غير مسلمين في أفغانستان وبنغلادش وباكستان لاكتساب الجنسية الهندية، يشكل خطوة جديدة للحكومة الهندية المتهمة بتهميش المسلمين في الدولة ذات الأغلبية الهندوسية.

ومدى نحو 6 سنوات، غيّر حزب مودي الحاكم تسميات أماكن كانت تحمل أسماء إسلامية وأعاد كتابة كتب التاريخ لتقليص دور القادة المسلمين وتهميشهم، كما جرّد إقليم كشمير من حكمه الذاتي.

ويؤكد مودي أن القانون لن يؤثر في الهنود المسلمين، إلا أن تعهّد حزبه في انتخابات عام 2019 إجراء مسح لكشف المهاجرين غير الشرعيين أثار مخاوف المسلمين بأن يصبحوا عديمي الجنسية مع عدم إمكان تسريع إجراءات تجنيسهم.

ويقول المحامي مؤمن مصدق المقيم في بومباي والذي يقدّم استشارات مجانية للقلقين من تداعيات القانون، إن قلق المسلمين المكبوت منذ سنوات وجد في نهاية المطاف سبيلاً للظهور عبر الاحتجاجات التي تشهدها مختلف مناطق البلاد.

ويضيف لفرانس برس «الناس كانوا خائفين منذ زمن من مشاريع هذه الحكومة الهندوسية وباتوا الآن يشعرون بأنه لم يعد لديهم ما يخافون منه».

ويتابع «الآن، وبعدما أصبحت حياتهم في الهند مهددة لم يعد لديهم خيار سوى الاحتجاج».

إضافة إلى المسلمين، تمكّنت التظاهرات من تعبئة فئات كبيرة من المجتمع الهندي من الهندوس العلمانيين والأقليات، إضافة إلى المثقفين والسياسيين المعارضين.

وتقول المؤرخة زويا حسن من جامعة جواهر لال نهرو إن الاحتجاجات تشكل «أكبر تحد تواجهه حكومة مودي في السنوات الـ6 الأخيرة».

وتؤكد حكومات محلية عدة في ولايات تحكمها المعارضة على غرار كيرالا وغرب البنغال أنها لن تجري المسح الميداني لتسجيل المواطنين، تماشياً مع توجهات الرأي العام فيها في موقف يقوّض سلطات رئيس الوزراء.

وتقول حسن إنه على الرغم من أن الاحتجاجات بدأت اعتراضاً على قانون الجنسية، يسعى حالياً متظاهرون كثر للضغط على الحكومة للتراجع عن قرارها جعل البلاد التي ينص الدستور على علمانيتها، دولة هندوسية.

لكنها استبعدت أن تتمكن الاضطرابات من حرف الحملة الهندوسية لمودي عن مسارها ما قد يغضب قاعدته الانتخابية التي منحته فوزاً ساحقاً في انتخابات مايو.

وتقول حسن إن «الحكومة قد تتريث تحت ضغط الاحتجاجات لكنها لن تتخلى عن مشاريعها الرئيسة».

وتعبّر سيّد التي تشارك للمرة الأولى في التظاهرات عن مدى سرورها لرؤية أشخاص من فئات مختلفة يتّحدون.

وتقول «كنت سابقاً أشعر بأني عاجزة، وغير قادرة على تغيير مسار الأمور في هذا البلد».

وتتابع أن «استراتيجية الحكومة كانت مجرّد كلام فارغ»، مضيفة «لقد استفقنا الآن».