الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

بعد 75 عاماً.. الناجون من القنبلة الذرية يُبقون ذكرى الكارثة حية

بعد 75 عاماً من إلقاء القنبلتين الذريتين على مدينتَي هيروشيما وناغازاكي في اليابان، يواصل الناجون سعيهم لإبقاء ذكرى المأساة حية ونقلها إلى الأجيال الجديدة.

لم يتوقف هؤلاء الناجون الذين يُعرفون في اليابان بعبارة «هيباكوشا» ومعناها الحرفي «المتضررون جراء القنبلة»، عن الدعوة منذ عقود إلى التخلي عن السلاح الذري.

وما زال هناك حالياً 136 ألفاً و700 ناجٍ، غير أن متوسط أعمارهم يزيد على 83 عاماً، بحسب وزارة الصحة اليابانية.

وكان العديد منهم أطفالاً رضعاً أو لم يولدوا بعد في صباح السادس والتاسع من أغسطس 1945.

يقول تيرومي تاناكا (88 عاماً) الناجي من القنبلة الذرية على ناغازاكي، متحدثاً لوكالة «فرانس برس» قُبيل ذكرى القصف «يجب ألا يتكرر الأمر»، ومن أجل ذلك «يجب أن يستمع الناس إلى الوقائع».

كان تاناكا في الـ13 من العمر حين ألقى الأمريكيون القنبلة الذرية على مدينته في 9 أغسطس 1945، قُتل 74 ألف شخص بين من سقط على الفور ومن قضى في الأشهر اللاحقة.

وقبل ذلك بـ3 أيام، تعرضت هيروشيما لأول هجوم نووي في التاريخ أسفر عن 140 ألف قتيل.

وقضى تاناكا القسم الأكبر من حياته يروي تجربته على أمل أن يتم حظر الأسلحة النووية في العالم.

لكنه يضيف «عاجلاً أم آجلاً، سوف نغيب جميعنا».

شارك في إنشاء مجموعة «مشروع لا هيباكوشا بعد الآن» التي تحافظ على أرشيف المأساة «بما في ذلك ما كتبناه بأنفسنا» حتى يكون متاحاً للجيل التالي «التمكن من استخدامه» في حملاته ضد السلاح الذري.

ويقر تاناكا بأن مداخلات الناجين لم تعد تجتذب في غالب الأحيان سوى عدد ضئيل من المستمعين.

وبين الناجين جيرو هاماسومي (74 عاماً)، وهو من أصغرهم سناً إذ كانت والدته حاملاً به عند انفجار القنبلة في هيروشيما.

قُتل والده على الفور، على الأرجح، ويروي هاماسومي لوكالة «فرانس برس» خلال مقابلة جرت في منزله «لا يمضي يوم من غير أن أفكر بوالدي».

ما يعرفه عن القصف رواه له أشقاؤه: النور الباهر ودوي انفجار القنبلة الملقبة «الفتى الصغير» (ليتل بوي) وما تلى ذلك من فظاعة.

كان والده يعمل على مسافة بضع مئات الأمتار من نقطة سقوط القنبلة. حاولت والدته التوجه مع أولادها إلى مكتب زوجها، لكن «الحرارة ورائحة الأجساد المحترقة» منعتها من ذلك.

لم يعثروا في نهاية المطاف سوى على «شيء يشبه جسده» وكل ما وجدوه كان حلقة حزام ومفتاحاً وبقايا محفظة.

ولد هاماسومي في فبراير 1946 ولم يعانِ من الآثار التي ظهرت على العديد من الأطفال نتيجة تعرضهم للإشعاعات في أرحام والداتهم.

لكن ذلك القصف النووي حدد حياته برمتها وجعله ينشط على مدى عقود ضد السلاح النووي.

يقول إن عبارة «المظلة النووية» التي تضمن لبلد حماية حليف يملك السلاح النووي، لا تستحضر في ذهنه سوى صورة «سحابة الفطر» المتصاعدة من انفجار ذري.

ومع تقدمهم في السن، ينقل الناجون إرثهم إلى ناشطين شباب يتحدر العديد منهم من هيروشيما وناغازاكي ونشؤوا على ذكريات الذين عايشوا القصف الذري.

وبين هؤلاء الناشطين الشبان ميتسوهيرو هاياشيدا (18 عاماً) حفيد أحد الناجين في ناغازاكي، وهو ينظِّم لقاءات بمشاركة ناجين ويساهم في نشر ومتابعة عريضة دولية تطالب بحظر السلاح النووي، جمعت حتى الآن أكثر من 11 مليون توقيع.

يقول لفرانس برس «اليوم ينشط أطفال وأحفاد ناجون على غراري، لكن كلامنا ليس له على الأرجح نصف وقع كلام الناجين».

ويضيف «يجب فعلاً أن يتجه العالم إلى إلغاء السلاح النووي طالما أنهم ما زالوا على قيد الحياة».