الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الغارديان: أردوغان بلطجي يجب أن تردعه أوروبا

الغارديان: أردوغان بلطجي يجب أن تردعه أوروبا

أردوغان. (أ ب)

تبدو المواقف الأوروبية المنتقدة علناً وبشدة لديكتاتورية رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو مناقضة للتردد في الإدانة الصريحة للمخططات العدوانية في شرق البحر المتوسط والتي يقودها دكتاتور آخر هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وذكر مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، اليوم الأحد، أن تركيا، على العكس من بيلاروسيا، لها أهمية استراتيجية حقيقية، كعضو في حلف الأطلسي (ناتو) وكشريك تجاري أساسي للاتحاد الأوروبي، وربما هذا ما يفسر الصمت الغريب لكثير من الحكومات الأوروبية، بما فيها بريطانيا. إلا أن هذا التفسير لا يمثل مبرراً للصمت.

لكن المقال، الذي كتبه المعلق السياسي سايمون تيسدال، ذكر أن هناك نقطة تشابه واحدة في سياسة الاتحاد الأوروبي مع بيلاروس: ألا وهي عدم وجود مؤشر يذكر على التنسيق المشترك لكبح تجاوزات أردوغان.

ويمثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استثناء عن نظرائه الأوروبيين. فقد عبر عن سخطه في يونيو الماضي، عندما تم رصد سفن حربية تركية ترافق سفينة تركية كانت تقوم بتهريب أسلحة إلى ليبيا، وبعد اعتراض فرقاطة فرنسية لهم في مياه المتوسط، اتخذت طواقم السفن الحربية التركية وضع الاستعداد للقتال، ما اضطر الفرقاطة الفرنسية للانسحاب. لم يكن ذلك سلوكاً متوقعاً لأعضاء في حلف واحد. بل زاد غضب ماكرون عندما أعلنت أنقرة عن توسيع عمليات التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل اليونان، ما دعا باريس، الأسبوع الماضي، لإرسال تعزيزات عسكرية بحرية لمنطقة شرق المتوسط، مطالبة أردوغان بوقف التنقيب.



كل من تركيا واليونان حشدتا قواتهما الجوية. وتدعي تركيا أن القانون الدولي الحالي الذي يحكم مصادر الطاقة في الجرف القاري غير عادل. ومن جانبها، تقول اليونان إن تركيا تنتهك مياهها الإقليمية. كلاهما يقول إنه يفضل الحوار عن المواجهة العسكرية. لكن يوم الخميس الماضي، وبينما تعهدت أنقرة بأن تدافع عما أسمته «حقها ومصالحها»، وحذرت أثينا من الخطر المتزايد لاحتمال وقوع «حادث» عسكري، تصادمت بالفعل سفينتان تركية ويونانية.

أثار تصاعد الأزمة، التي تتلامس أيضاً مع مصالح قبرص ومصر وإسرائيل، ردة فعل دبلوماسية متأخرة الأسبوع الماضي. فقد عقد مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جلسة غير عادية، بينما أجرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتصالاً هاتفياً مع أردوغان لتهدئة الأجواء، كما فعلت في أزمات سابقة، فيما استغاثت اليونان بالولايات المتحدة.

التوتر بين اليونان وتركيا ليس جديداً. لكن التصعيد المفاجئ والمركز للنزاع طويل الأمد بين البلدين يوحي بحسابات متعمدة. وقد دفعت تلك التطورات إلى إثارة المعلق السياسي يافوز بيدر تساؤلات حول ما يسعى الرئيس التركي إلى تحقيقه من وراء ذلك.

وكانت إجابته: إن أردوغان، الذي يشعر بعدم الأمان بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية والجائحة وانهيار العملة، يريد أن يستعيد مكانته كقائد مهيمن وقوي يرفع مكانة تركيا في العالم. «يريد أن يعيد إنتاج صورته كل يوم كقائد مغوار»، بحسب بيدر.

ثانياً، يرغب أردوغان في تأمين وضعه في منطقة بحر إيجة، وشرق المتوسط، وسوريا، وليبيا، أمام التغير المحتمل في الإدارة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.



ويقول المقال إن معضلة أردوغان مع أوروبا تفاقمت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، والتي قاد على إثرها حملة قمع عشوائية في بلاده، شملت اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين الفعليين أو أولئك الذين صورهم له خياله، وهو ما نُظر إليه في الخارج باعتباره محاولة لإحياء مغامرات الحقبة العثمانية.

مدفوعاً بشعور قومي، كثف أردوغان دوره كجار متنمر ومشاكس. يوم الثلاثاء الماضي، على سبيل المثال، أفادت تقارير بتنفيذ طائرة استطلاع تركية لهجوم داخل الأراضي العراقية، ما أثار رد فعل غاضباً من بغداد. وجاءت تلك الواقعة في أعقاب هجوم عسكري آخر في يونيو، أيضاً داخل الأراضي العراقية.

وفي ليبيا، تتدخل تركيا بقوة في الحرب، لتؤجج الصراع بين الأطراف المتنازعة. يعود ذلك في جزء منه إلى الصراع على النفط، وليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بمصلحة ليبيا أو الشعب الليبي.

وختم تيسدال مقاله قائلاً: إن على قادة أوروبا ألّا يدفنوا رؤوسهم في الرمال، متصورين أن خطر أردوغان سيزول وحده. فالحقيقة المؤكدة أن دولته تتحول بصورة حثيثة إلى دولة مارقة وخطرة. ولا يبدو أن أحداً بعد يملك خطة لاحتوائه.