السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

تايلاند.. هل تؤدي الاحتجاجات إلى استسلام القادة؟

تايلاند.. هل تؤدي الاحتجاجات إلى استسلام القادة؟

قوات الشرطة تنتشر مع المظاهرات المطالبة بالديمقراطية. (أ ف ب)

تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في تأجيج الاحتجاجات في أنحاء العالم، من خلال تسليط الضوء على سلبيات الأنظمة السياسية والاقتصادات المنهكة.. تفاقم هذا الأمر في تايلاند بسبب الاستياء الشعبي من استمرار حكم الرئيس السابق للمجلس العسكري، فضلاً عن التضييق على منتقدي الحكومة.

كانت النتيجة هي احتشاد أكبر تجمع مؤيد للديمقراطية في البلاد منذ وقوع انقلاب عام 2014، بقيادة حركة طلابية متنامية، خاضت في أمر من الأمور المحرمة في البلاد، وهو نظامها الملكي، بحسب ما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

ويتطلب معالجة مظالم المحتجين بصورة مناسبة، ولا سيما في ظل الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد، مرونة وتصوراً، وهما أمران لم يظهر قادة تايلاند دليلاً على وجود أي منهما.

وسيحتاج المحتجون إلى دعم أوسع بكثير من أجل دفع الحكومة إلى ما هو أبعد من ترقيع الدستور وإلى الحصول على تنازلات حقيقية.

واحتدم الاستياء منذ إجراء الانتخابات المتنازع عليها في العام الماضي، والتي تقول عنها المعارضة إنها أُديرت لضمان بقاء زعيم المجلس العسكري السابق برايوت تشان أوتشا كرئيس للوزراء، ثم تم في وقت لاحق حظر حزب «المستقبل إلى الأمام» المعارض، الذي يضم بعض أبرز منتقدي الحكومة.

ومما زاد الأمر سوءاً، تسبب مرض «كوفيد19-» الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا، في الضغط بشدة على اقتصاد البلاد المتضرر، الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة والصادرات الصناعية.

وفي الأسابيع الأخيرة، تأججت المظاهرات داخل حرم الجامعات ووصلت إلى المدارس الثانوية، وشارك في مظاهرة جرت في 16 أغسطس الجاري أكثر من 10 آلاف متظاهر في بانكوك، أما أعداد المعارضين على الإنترنت فهي أكبر من ذلك بكثير.

ورغم أن الحكومة اعتقلت بعض منظمي الاحتجاجات، إلا أنها، بخلاف ذلك، أثبتت أنها تلتزم بضبط النفس، ويعتبر الأمر واعداً، بالنظر إلى سجل البلاد القاتم فيما يتعلق بقمع المعارضة.

كانت جامعة تاماسات، وهي إحدى نقاط تجمع الاحتجاجات، شهدت فرض إجراءات صارمة عنيفة في عام 1976، عندما تم إطلاق النار على الطلاب وضربهم حتى الموت، في واقعة كانت مقدمة لحوادث متكررة في تايلاند في ظل الحكم العسكري.

ومع ذلك، تقول «بلومبرغ» إن النهج الحالي الأكثر ليونة لا يعني أن القادة الوطنيين سيستسلمون أو أن العنف لم يعد وارداً.

في الواقع، من الصعب رؤية كيف يمكن للجانبين التوصل إلى حل وسط. كما أن برايوت ليس لديه حافز كبير للتنازل عن الكثير، ومما لا شك فيه أنه في دولة مثل تايلاند، حيث تُعتبر الاحتجاجات الشعبية الحقيقية نادرة، وحتى المظاهرات الحاشدة يقودها القادة السياسيون بشكل كبير، فإن تجمع الحشود بصورة مستمرة يعتبر أمراً مقلقاً.

لكن الأمر لم يتحول بعد إلى حركة تجتاح الشوارع، والأكثر أهمية من ذلك، هو أنها ليست حركة وطنية بنفس نمط بيلاروس، حيث إن المجتمع التايلاندي المتحيز ما زال مُستَقطباً بصورة كبيرة.

وما زال المحافظون والحزب الحاكم والجيش وكبار رجال الأعمال، موالين للوضع الراهن.

ويطالب المحتجون بحل البرلمان، ووضع دستور جديد للبلاد وحماية حقوق الإنسان. كما يرغب البعض في فرض قيود على الملكية، وهي قضية محفوفة بالمخاطر وقد تتسبب في حدوث تصادم مع قوانين «العيب في الذات الملكية»، وهو ما يمكن أن يتسبب في الحكم على المخالفين بالسجن لفترات طويلة.

وتتضمن طلبات المحتجين جعل المؤسسة مسؤولة، وإبعاد الملك عن السياسة، والإشراف على نفقاته.

وكان الملك ماها فاجيرالونجكورن حازماً منذ اعتلاء العرش في عام 2016، وحتى مجرد إثارة هذه المسألة المرفوضة، جعل من الأسهل بالنسبة للأصوات المؤيدة للمؤسسة، رفض الحركة بأكملها، ووصف أفرادها بأنهم متطرفون.

ومن جانبه، يماطل برايوت من أجل كسب الوقت، حيث وعد بإجراء محادثات واحتمال إجراء تعديلات على الدستور.

وتُعتبر إمكانية معالجة المشكلات الحقيقية المتعلقة بالديمقراطية في الميثاق الحالي، مثل مسألة مجلس الشيوخ المعين عسكرياً، بعيدة.

وثمة أمران جديران بالاهتمام والمراقبة، أحدهما هو التأثير غير المعروف على المدى الطويل على المأزق الاقتصادي الحالي. فإن اعتماد تايلاند على الزائرين والصادرات يعني انكماش إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثاني من العام بنسبة تزيد قليلاً على نسبة 12% التي كان قد تم تسجيلها في العام السابق، وهو أسوأ تراجع يطرأ على الاقتصاد في تايلاند منذ تعرضه للأزمة المالية الآسيوية في عام 1998، وهو كافٍ للتسبب في ضرر واسع النطاق.

والسؤال الأكبر الآن هو: كيف سيؤثر ذلك على كبار رجال الأعمال في البلاد، الذين ليس لديهم حالياً أي حافز للابتعاد عن برايوت والنظام.

أما الأمر الثاني، فيقول تيتيبول باكديوانيش، وهو عالم سياسي في جامعة «أوبون راتشاتاني»، إنه بينما يُعتبر من الصعب تصور التغير على المدى القصير، فقد بدأت الحركة في فتح المناقشات بشأن موضوعات ظلت مغلقة منذ فترة طويلة في المجتمع التايلاندي.

ومن بين تلك الموضوعات الواضحة مسألة النظام الملكي، ولكن أيضاً هناك موضوعات أخرى مثل حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً، ومسألة الإجهاض، وغيرها.