السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

بعد عام من احتجاجات نوفمبر في إيران.. غياب التحقيقات العادلة والسلطات تهدد عائلات الضحايا

بعد عام من احتجاجات نوفمبر في إيران.. غياب التحقيقات العادلة والسلطات تهدد عائلات الضحايا

ضغط المسؤولون على عائلات الضحايا لالتزام الصمت - رويترز

بعد مرور أكثر من عام على أشد حملة قمع دموية في إيران، والتي استهدفت الاحتجاجات المناهضة للحكومة، فشلت حكومة طهران في إجراء تحقيق نزيه لإدانة المسؤولين عن هذه الحملة القمعية، التي قتل فيها المئات، ولم يتم تحميل أي شخص مسؤولية القتل وفقاً لموقع راديو فردا.

وأشار الموقع إلى أنه بدلاً من ملاحقة الجناة، ضغط المسؤولون على عائلات الضحايا لالتزام الصمت وتحذيرهم من إقامة مراسم العزاء العامة في ذكرى وفاة أحبائهم.

بداية الاحتجاجات

وكانت الاحتجاجات الغاضبة قد اندلعت العام الماضي، في حوالي 100 مدينة وبلدة في جميع أنحاء البلاد، وذلك بعد الإعلان يوم 15 نوفمبر عن زيادة فورية في أسعار الوقود، وسط تدهور شديد في اقتصاد البلاد التي تعاني من العقوبات الأمريكية.

وسرعان ما تحولت الاحتجاجات التي كانت تنادي بإصلاح الأوضاع الاقتصادية التعيسة، إلى احتجاجات سياسية، وردّد المتظاهرون هتافات ضد قادة إيران ونظام الدولة، وأضرمت النيران في البنوك ومحطات الوقود وسيارات الشرطة.



وقتل ما لا يقل عن 304 أشخاص في 4 أيام فقط من أعمال العنف التي أعقبت الارتفاع الحاد في الأسعار، ومن ضمنهم العديد من المارة، و23 طفلاً تحت سن الـ18 عاماً، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.

ووثقت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقراً لها، كيف قامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص بهدف القتل على الكثيرين، حيث تم إطلاق الرصاص على منطقة الرأس أو الجذع في نية واضحة للقتل.

وقالت وزارة الداخلية الإيرانية أن 225 شخصاً قتلوا، وبحسب أحد النواب كان من بين القتلى 6 من رجال الأمن، بينما تم اعتقال حوالي 7000 شخص.

تعتيم إعلامي

وخلال احتجاجات العام الماضي فرضت الحكومة إغلاقاً بشكل شبه كامل على شبكة الإنترنت لمدة أسبوع تقريباً، في محاولة لمنع انتشار الاحتجاجات، وعدم تسريب أي معلومات حول عملية القمع.

لكن تم نشر عدد من مقاطع الفيديو والصور للعنف على الإنترنت، أظهرت كيف استهدف رجال الأمن الناس في الشوارع.

القتل جزاء مساعدة جريح

وأشار الموقع إلى أن من بين هذه العائلات، عائلة آمنة شهبازي، 34 عاماً وهي أم لثلاثة أطفال، خرجت من منزلها للتسوق، لكنها علقت في مسيرة احتجاجية، ولقيت حتفها رمياً بالرصاص، أثناء محاولتها مساعدة جريح خلال الاحتجاجات في مدينة كرج، غرب طهران في 17 نوفمبر 2019، وأفادت عائلتها بأنها توفيت جراء رصاصة في رقبتها.



وتم تشييع جنازتها في ظل حراسة مشددة حضرها رجال الأمن، وأحيت عائلتها الذكرى الأولى لرحيلها، رغم التهديدات المتجددة من الدولة.

تهديد عائلة الضحية

وقال شقيقها محمد شهبازي: قبل ذكرى وفاتها تلقت العائلة مكالمات تهديد من أرقام غير معروفة، «وقالوا إن الأسرة فقط يسمح لها بالقدوم إلى القبر، وفي حال كان هناك شخص واحد إضافي فإنهم لن يسمحوا بذلك وسيتخذون الإجراءات، وهو ما حصل في الجنازة أيضاً».

وقال شقيقها: «لا نعرف ماذا نفعل.. حتى عندما نتحدث قليلاً عن القضية، تهددنا السلطات بالاعتقال.. لا ننوي مواجهة أحد، نحن نسعى فقط للحصول على معلومات حول قضية شقيقتي، ونتساءل: لماذا قتلت امرأة غير مسلحة».

حالة شهبازي تكررت مع الكثيرين، حيث قال أقارب العديد من ضحايا احتجاجات نوفمبر في أصفهان وبهبهان، إنهم تلقوا تحذيرات مؤخراً من إقامة مراسم عزاء لإحياء ذكرى وفاة أحبائهم، أو التحدث بشأن ذلك إلى وسائل الإعلام.

10 دقائق فقط

سكينة أحمدي، قتل نجلها إبراهيم كتابدار في 16 نوفمبر العام الماضي، بينما كان يقف خارج متجره في مدينة كرج، تقول إنه تم منع أسرتها من إقامة سرادق عزاء عام في ذكراه، وأضافت: «لم يسمحوا لنا بإقامة عزاء عام، لقد ذهبنا إلى القبر، وكنا محاصرين برجال الأمن، وأخبرونا أنه لا يمكننا البقاء سوى لعشر دقائق».

وأضافت: «لقد استمروا بالاتصال بابني وابنتي، وحذرونا جميعاً من أن نقيم تجمعاً بمناسبة ذكرى وفاته».

وتابعت: «لقد ذهبت إلى قبر ابني، وضايقونا كثيراً هناك، وقالوا بشكل مباشر لقد قتلناه.. ماذا في ذلك؟».. معبرة عن مدى الألم الذي تشعر به.

وأشارت إلى أن السلطات هددت باحتجازها في حال لم تلتزم الصمت، وأكدت أنها لا تهتم في حال اعتقلوها ولا تريد «الدية»، وتتذكر قولها لرجال المخابرات: «كل ما أريده هو تقديم قاتل نجلي للعدالة».

المتظاهر بويا بختياري الذي لقى مصرعه برصاصة في رأسه، يتم احتجاز والده مانوشهر بختياري منذ يوليو بتهم مجهولة.

وكان بختياري الأب قد انتقد المؤسسة الدينية بعد وفاة ابنه البالغ من العمر 27 عاماً، والذي أصبح وجهاً للمظاهرات والقمع السياسي الذي أعقب ذلك.

لا مساءلة

وأشار الموقع إلى أن السلطات الإيرانية فشلت في إجراء تحقيق مستقل وعادل على خلفية الأحداث الدامية، فيما لا تزال أرقام الضحايا الصحيحة للعنف غير معروفة، حيث أشارت بعض الجمعيات الحقوقية إلى أن عدد القتلى قد يكون أعلى بكثير من العدد الذي تم تأكيده.

فئات ضعيفة

وبعد عام على الاحتجاجات، قالت الباحثة في هيومن رايتس ووتش، تارا سيبريفار، في بيان صدر في 17 نوفمبر: «بعد عام من حملة القمع في نوفمبر تجنبت السلطات الإيرانية أي إجراء للمساءلة وواصلت مضايقة عائلات الضحايا».

وأضافت سيبريفار: «عائلات مئات الضحايا معظمهم من الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع الإيراني، ويجب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم».

ودعت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومركز حقوق الإنسان في إيران، إضافةً إلى 20 منظمة حقوقية أخرى، إلى إجراء تحقيق بقيادة الأمم المتحدة في الجرائم المنتشرة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي ارتكبتها السلطات الإيرانية أثناء وأعقاب احتجاجات نوفمبر.