السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«تناقضات ومساومات».. غموض يحكم العلاقات الأمريكية الإيرانية في بداية عهد بايدن

«تناقضات ومساومات».. غموض يحكم العلاقات الأمريكية الإيرانية في بداية عهد بايدن

فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران. (رويترز)

ما بين تصعيد وتهدئة، تسير العلاقات الأمريكية الإيرانية خلال الأيام الأولى من ولاية الرئيس جو بايدن. حيث تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة إحياء دورها الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، فيما تأمل إيران في تنازلات تخفف عنها آثار العقوبات الأمريكية، بحسب خبراء لـ«الرؤية».

وأعلن الرئيس الأمريكي يوم الجمعة الماضي خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، بأنه لا مجال لرفع العقوبات عن إيران، ولا بد من التصدي لتصرفات طهران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، لكن أرسلت أمريكا، في الوقت نفسه، طلباً لمجلس الأمن الدولي لسحب إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب في سبتمبر الماضي، بتطبيق عقوبات على إيران.

شروط بايدن

يقول أستاذ العلوم السياسية، ورئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية السابق، الدكتور عبدالمنعم سعيد، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتخذ موقفاً مضاداً للرئيس السابق ترامب فيما يخص الملف الإيراني، ويريد العودة للاتفاق النووي بشرط إزالة إيران أجهزة الطرد المركزي، والابتعاد عن استغلالها للاتفاق النووي، الذي كان قد أبرمه أوباما عام 2015، في أعمال إقليمية تضر بحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، وتعلن انسحابها الكامل من العراق، والتوقف عن التوغل في سوريا.

وتوقع سعيد، في حديثه لـ«الرؤية»، أن تدخل التعاملات الأمريكية الإيرانية في عملية مفاوضات طويلة يلعب فيها الاتحاد الأوروبي أدواراً كبيرة، ومن الممكن أن تكون هناك أدوار للصين وروسيا، المشاركتين في الاتفاق النووي.

وأشار سعيد إلى أنه لن يُبرَم اتفاق بين واشنطن وطهران، دون تنازل الأخيرة عن 3 أمور، أولها أجهزة الطرد المركزي التي لها علاقة مباشرة بالسلاح النووي، وثانياً: الصواريخ طويلة المدى، وأخيراً التدخل العنيف في الإطار الإقليمي، وتحديداً في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

وأضاف سعيد أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستعقد في يونيو المقبل، ستحدد بشكل كبير طبيعة العلاقات الإيرانية الأمريكية في الفترة المقبلة. داخل إيران يوجد محافظون، لا يريدون أي اتفاق مع الغرب باعتباره عدواً، وهناك معتدلون، كالرئيس الحالي روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، حيث يحاولان ويسعيان للتفاهم. «الانتخابات الرئاسية لو ذهبت لمصلحة المحافظين، فإن احتمالات الاتفاق مستبعدة».

الجولة الأولى

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور إكرام بدرالدين، يرى أن إيران بمحافظيها ومعتدليها متشددة الآن في موقفها من المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأنها تعلم أنها أول جولة في المفاوضات، ويعرفون أنهم لن يستطيعوا الوصول إلى اتفاق حتى تنتهي الانتخابات، لذا لدينا فترة من التشدد الإيراني. المفاوضات تأخذ وقتاً، والمساومة تستغرق أحياناً سنوات، وكل طرف ينهج مزيجاً من الشد والجذب.

وأضاف بدرالدين، لـ«الرؤية»: إن استراتيجية الرئيس بايدن حالياً، هي المقايضة، حيث أوقف حزمة العقوبات الجديدة التي كان يتجه ترامب لتنفيذها تعبيراً عن حسن النوايا. في محاولة للعودة بالملف إلى طاولة المفاوضات بين البلدين.

تكتيك سياسي

يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بلبنان، الدكتور رائد المصري، إنه من الواضح أن الرئيس بايدن يدفع بالعلاقات الأمريكية الإيرانية إلى منحى مختلف، يتناول فيها التكتيك السياسي لاحتواء إيران وحضورها على المستوى الإقليمي.

وأضاف المصري لـ«الرؤية» أن الرؤية الأمريكية الجديدة تجاه إيران بدت متأرجحة، ففي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لرفع العقوبات تدريجياً عن إيران، والمطالبة بوقف الحرب في اليمن، والسعي لطاولة المفاوضات، في مؤشرات اعتبرتها إيران تنازلاً أمريكياً واضحاً وصارخاً، نجد تصعيداً في سياسات الرئيس الأمريكي في سياق التكتيك السياسي الذي يعتمد على ضرورة منع إيران من استكمال برنامجها النووية، والتأكيد على أنها تعرقل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط..

وأضاف«المصري» لـ«الرؤية»، إن الاختباء خلف هذا التصعيد، بين كلا الجانبين، الأمريكي والإيراني، يكمن في بواطنه تنازلات تريدها إيران التي لم تعد تحتمل هذه العقوبات، وأيضاً الولايات المتحدة التي تريد إعادة تموضعها على مستوى الشرق الأوسط، وإعادة إحياء دورها الاستراتيجي.