الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

نيوزيلندا.. درس في السياسة مع وزيرة «الوشم المقدس»

نيوزيلندا.. درس في السياسة مع وزيرة «الوشم المقدس»

نانايا ماهوتا. (أرشيفية)

بعد أن لفتت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن أنظار العالم وحظيت بإشادات دولية بفضل إدارتها لأزمة الاعتداء على المسلمين في مارس 2019، جاء الدور على سياسية نيوزيلندية أخرى لتلفت الانتباه الدولي وتقدم للعالم دروساً حول تعزيز روح التفاوض والتعايش السلمي بين المجتمعات.



وفي تقرير مطول، سلطت صحيفة «الغارديان» البريطانية الضوء على قصة صعود وزيرة الخارجية النيوزيلندية نانايا ماهوتا المعروفة بالوشم التقليدي الذي «يُزين» وجهها، إلى عالم السياسة المحلية ومسرح الصراع الدولي.



وقالت الغارديان إن قصة ماهوتا مع السياسة تعود إلى جذورها العائلية، حيث تنحدر من قبائل الماوري المجتمع الأصلي في نيوزيلندا، وكان لأسرتها ووالدها دور كبير في الكفاح من أجل حقوق مجتمعه، كما كان مفاوضاً ممثلاً لقبيلته في سلسلة مفاوضات مع حكومة نيوزيلندا بهدف دفع تعويضات عن المصادرة الجماعية لأراضي السكان الأصليين والفظائع التي ارتكبت أثناء فترة الاستعمار، والتي توجت بالوصول إلى أول تسوية من نوعها في تاريخ نيوزيلندا بقيمة 170 مليون دولار مقابل أراضٍ مسروقة، مع اعتذار رسمي من ملكة بريطانيا.



وقالت الصحيفة إنه وبعد مضي 6 أشهر من توليها منصب وزيرة الخارجية، تواجه ماهوتا بيئة سياسية دولية محفوفة بالتحديات، تتسم بمحاولة نيوزيلندا وضع نفسها فوق صراع التوترات بين الصين، التي تعتمد عليها في التجارة، وحلفائها الأمنيين والدبلوماسيين التقليديين - أستراليا وبريطانيا ومجموعة العيون الخمس الاستخباراتية (وهي تحالف استخباراتي يضم بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا)، وذلك إضافة إلى توترات ثنائية مع أستراليا، وأزمة التغير المناخي وتداعيات جائحة كورونا.

وترى الصحيفة أن ماهوتا تحاول تكريس مدرسة في الدبلوماسية الدولية تقوم على نقل خبرات المجتمعات الأصلية في المفاوضات إلى المجال الدبلوماسي الدولي، ونقلت الغارديان عن خبير نيوزيلندي قوله «لقد اعتادت التفاوض، لكن ليس من موقع قوة ساحقة، ومن الواضح أن هذا أمر يتماشى جيداً مع مكانة نيوزيلندا في النظام الدولي: لسنا دولة يمكنها ممارسة الكثير من القوة من خلال السياسة الواقعية أو من خلال القوة العسكرية أو الاقتصادية، بل أساساً من خلال الدبلوماسية الناعمة».

بدورها، توضح ماهوتا لصحيفة الغارديان أن نيوزيلندا يمكن أن تقدم صيغة مناسبة للعديد من الدول «أعتقد أنه يمكننا تقديم هذه التجربة إلى البلدان التي لديها شعوب أصلية - ليس كنموذج جاهز للتطبيق، ولكن كطريقة للتفكير في كيفية تحقيق تقرير المصير، وعبر تعزيز التعايش من خلال قاعدة أنه لا يوجد ما نخشاه في هذا الميدان».

وتضيف أن هذه التجربة توفر أيضاً نظرة مستقبلية لمعالجة التوترات الدولية على نطاق أوسع، وذلك من خلال تعزيز قيم الشراكة وإعلاء شأن التفاوض بدل الميل لحسم الأمور كرهاً لصالح أحد الأطراف، وذلك عبر نموذج يقوم على «نحن نفوز» وليس أنا أفوز أو أنت تنتصر"، كما تمليه قواعد مجتمع الماوري.



ولا تقتصر رسائل الحضور السياسي للوزيرة النيوزلندية على قدراتها التفاوضية، حيث سلط إصرارها على تزيين وجهها بوشم «موكو» المعروف في التقاليد الماورية الضوء على واقع التنوع والتعايش بين المجتمعات متعددة الأعراق في هذا البلد ـ الجزيرة.

وحسب تقرير لـ «سي إن إن» فإن وشم موكو منتشر بشكل متزايد في المجتمع النيوزيلندي المعاصر، وغالباً ما تحمل الوشوم أهمية ثقافية كبيرة لمن يتزين بها، حيث تحكي قصة مرئية تربط السكان الأصليين بأسلافهم. ويضيف الموقع الأمريكي أن هذا الوشم يعد من مقدسات المجتمع الماوري، ويعكس أحياناً الوضع الاجتماعي أو التاريخ العائلي للشخص.