ظلت تايوان لمدة 250 يوماً تنسج قصة نجاح منقطعة النظير، في منع فيروس كورونا من دخول أراضيها، محافظة على عدم تسجيل أي حالة إصابة بالمرض، لينعم مواطنوها بحياة عادية، بينما كانت الجائحة تصيب وتقتل الملايين حول العالم، قبل أن تنقلب الأمور رأساً على عقب، ويتفشى الفيروس هناك، وتبدأ الدولة رحلة البحث عن المساعدة في مواجهة الجائحة.
ضحية النجاح
وبحسب تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية فإن بداية الإصابات جاءت مع بعض أطقم الضيافة الجوية، في شهر أبريل الماضي، والذين نشروا الفيروس بين مواطني تايلاند، لتصل أعداد الإصابات الآن إلى 11 ألف حالة، ووفاة 260 شخص، 90% من تلك الحالات ظهر منذ منتصف مايو الماضي، بينما لم تقم الدولة إلا بتلقيح 3% فقط من مواطنيها (23.5 مليون نسمة)، وقالت رئيسة تايوان تساي إينج وين اليوم الاثنين إن 750 ألف جرعة من اللقاحات التي وعدت أمريكا بتقديمها لهم ستصل البلاد قريباً.
وقال خبراء في مجالي الصحة والاجتماع، إنه بينما انتشرت السلالات الجديدة لكورونا عبر العالم، فإن السلطات التايلاندية لم تحافظ على مواكبة الاطلاع العلمي بشأنها وسبل التعامل لتجنب انتشارها، مثل فرض بعض الدول للإغلاق المبكر والصارم لتجنب تفشي المرض، ما دفع البعض للقول إن تايوان هي «ضحية قصة نجاحها».
بداية الانتشار
ونقلت الغارديان عن البروفيسور شين شيان جين، الذي كان وزيراً للصحة في تايوان خلال ظهور وباء سارس عام 2003، قوله «اعتقدت السلطات أنها تسيطر على الأوضاع من خلال نظام التعقب والاختبارات، لكنهم فوجئوا بالانتشار السريع للسلالة ألفا، التي ظهرت أولاً في بريطانيا، وانتشرت بشكل كبير في تايوان بعد 9 مايو، واعتقدنا أنه من الممكن السيطرة على ذلك في نطاق محدود، لكن الفيروس انتشر بشكل شديد».
وذكرت الصحيفة أنه في يوم 19 مايو، بعد 10 أيام من احتفالات عيد الأم في تايوان، بدأ اكتشاف حالات الإصابة بكورونا، وبلغت 264 حالة، وفرضت البلاد مجموعة من الإجراءات فمنعت التجمعات، وفرضت ارتداء الكمامات وأقنعة الوجه في الأماكن العامة، وأغلقت المدارس والمراكز التجارية، لكنها سمحت باستمرار عمل المطاعم، ولم تفرض العمل من المنزل، ولم تقدم على الفور إعانات مالية للعمالة المتضررة، وعانت البلاد من عدم القدرة على إجراء الاختبارات لأعداد كبيرة من مواطنيها للتحقق من الإصابة بكورونا.
طريق اللقاحات
وأوضحت الصحيفة أن العديد من الدول سعت مبكراً للحصول على كميات كافية من اللقاحات لتطعيم مواطنيها، في ظل انتشار الجائحة، لكن تايوان واجهت بعض العقبات، منها ما يثار حول منع الصين لصفقة تقضي بحصول تايوان على لقاحات (BioNTech) الألمانية، وهو ما نفته بكين.
وشددت لجنة مكافحة انتشار الأمراض والوقاية منها، على أن «الوصول العادل للقاحات الفعالة هو الحل الوحيد لإنهاء جائحة كورونا».
وكانت اليابان قد أعلنت تقديم أكثر من 1.2 مليون جرعة من اللقاحات إلى تايوان، كما سافر بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي إليها للإعلان عن تقديم تبرعات أمريكية من اللقاحات، والتأكيد على مساندة الحزبين الأمريكيين (الديمقراطي والجمهوري) لتايوان.