السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

خطوط حمراء وتحديات.. الرئيس شي بينغ يبشر بالقرن الصيني

خطوط حمراء وتحديات.. الرئيس شي بينغ يبشر بالقرن الصيني

الرئيس الصيني شي بينغ. (أ ب)

شكل إطلاق 100 قذيفة مدفعية في ميدان تيان إن مين بوسط بكين، الخميس الماضي، بداية للمئوية الثانية للحزب الشيوعي الصيني، الذي تأسس عام 1921 وحمل على عاتقه تحقيق نهضة اقتصادية وتكنولوجية يشهد لها الجميع في الداخل والخارج.

وجاء خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ، بهذه المناسبة، ليلقي بقفاز التحدي في وجه التحديات الداخلية والخارجية، ويرسم خطوطاً حمراء لن تقبلها بكين في الفترة القادمة، فأي محاولة للوقيعة بين الشعب والحزب الشيوعي الصيني الذي حكم البلاد طوال 72 عاماً بعد أن وصل إلى السلطة عام 1949، لن تتسامح معها القيادة الصينية المشغولة دائماً بتحقيق الرخاء والرفاهية لـ1.4 مليار نسمة، حيث نجح الحزب الحاكم الذي يضم أكثر من 95 مليون عضو في نقل 800 مليون شخص من تحت خط الفقر المدقع، إلى الطبقة الوسطى منذ عام 1981 وحتى 2018.

تحديات المئوية الجديدة

كما نجح الحزب الصيني الحاكم في تحسين مستوى حياة الغالبية العظمى من الصينيين، في غضون جيل كامل، وفق رأي مارتن رايزر، المدير القُطري للبنك الدولي في الصين.

فما هي تحديات المئوية الجديدة للحزب الشيوعي الصيني؟ وكيف يمكن للصين أن تحافظ على معدلات النمو والقفزات الهائلة دون الدخول في صراع مع القوى الدولية؟ وهل صعود الصين لقمة العالم كما يحلم الصينيون، يرتبط بصراع حتمي مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين؟



الصين واحدة

أكثر التحديات التي تواجه الصين هي الحفاظ على سياسة الصين واحدة والتي تعني الحفاظ على وحدة الأراضي الصينية في البر الصيني وهونغ كونغ وتايوان، ورغم أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر اعترف بسياسة الصين واحدة عام 1979، عندما أقامت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع الصين، إلا أن هذه السياسة تتعرض لامتحان خاص، في ظل الدعم السياسي والعسكري الأمريكي والغربي لتايوان، بعد أن وافقت وزارة الدفاع الأمريكية العام الماضي على بيع أسلحة لتايوان بقيمة تصل إلى 1.8 مليار دولار، ضمن سلسلة من الصفقات تصل إلى 5 مليارات دولار بحسب وزارة الدفاع الأمريكية، تضمنت لأول مرة راجمات صواريخ.

كما أن تلقي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهنئة بالرئاسة عام 2016 من زعيمة تايوان تساي إنغ ون، بات يؤرخ لمرحلة جديدة من الدعم الأمريكي المتزايد لاستقلال تايوان، وهو ما تجلى في زيارة أرفع مسؤول أمريكي لتايوان منذ 40 عاماً عندما زار وزير الصحة الأمريكي السابق أليكس عازار العاصمة التايوانية في أغسطس 2020، ناهيك عن البوارج الأمريكية التي تجوب بحر الصين الشرقي في إطار السياسة الأمريكية التي تطلق عليها حرية الملاحة في المياه الدولية.

ويرتبط بتحدي الحفاظ على وحدة الأراضي الصينية، الضغوط الغربية حول الأوضاع في هونغ كونغ، خاصة بعد إقرار الصين لقانون الأمن الوطني هناك، وهو ما نتج عنه قيام الولايات المتحدة وبريطانيا بسلسلة من الإجراءات لإضعاف وضع الإقليم كمركز تجاري عالمي، حيث أعلن وزير خارجية بريطانيا، دومينيك راب، أمام مجلس العموم أن بلاده سوف تمدد دخول وبقاء 3 ملايين من مواليد ما بعد 1997 من أبناء هونغ كونغ، للأراضي البريطانية، بعد الأشهر الستة التي كان مسموحاً بها في السابق، وهي خطوة عارضتها الصين بشدة.

وبالإضافة إلى تايوان وهونغ كونغ، هناك بعض الانفصاليين في إقليم شينجيانغ الذين يطالبون بانفصال الإقليم عن الصين، بينما تتهم بكين أطرافاً دولية بدعمهم.



حرب الأفيون الثالثة

كان لافتاً إشارة الرئيس بينغ لحرب الأفيون التي خاضتها بلاده مرتين ضد بريطانيا؛ الأولى انتهت عام 1842، والثانية انتهت عام 1860 بسيطرة بريطانيا الكاملة على هونغ كونغ، واستمرت هناك حتى انسحابها قبل 24 عاماً، ليربط بين التحديات الجيوسياسية التي تواجها بلاده الآن، بالأوضاع السياسية التي كانت سائدة قبل قرن ونصف من الآن.

ويتزامن حديث الرئيس بينغ بالصراع مع أمريكا وحلفائها الغربيين، فوفق استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي أعلنها ترامب في ديسمبر 2017، والدليل المبدئي لاستراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أعلنها الرئيس جو بايدن شهر مارس الماضي، فإن الصين هي أكبر منافس لأمريكا على الساحة الدولية، كما أن البيانات الختامية الصادرة عن قمم الدول الصناعية السبع الكبرى، والناتو، والقمة الأمريكية - الأوروبية، في شهر يونيو الماضي، والخطاب الأول لبايدن أمام الكونغرس، كلها كانت تعطي الأولوية للمنافسة مع الصين، وهو ما تراه بكين استهدافاً غربياً، يشبه الحصار الذي تعرضت لها أثناء حروب الأفيون، خاصة أن الدول السبع الصناعية الكبرى تبنت أكبر مشروع في التاريخ للبنية التحتية، وهو خطة بناء العالم، والذي تصل كلفته إلى 40 تريليون دولار حتى عام 2035، وهو ما تراه الصين منافساً لمشروعها الحزام والطريق، الذي أطلقة الرئيس بينغ عام 2013.

التسليح الصيني

كما تركزت كلمات الرئيس بينغ خلال خطاب المئوية، على ضرورة أن تكون الصين أقوى عسكرياً، عندما طالب بالارتقاء بمعايير القوة العسكرية إلى المستويات العالمية.

ورغم حرص القيادة الصينية على التأكيد دائماً على أن أهدافها تتعلق بالسلام والبناء وليس الحرب، إلا أن الدول الغربية، وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا، تتهم الصين بامتلاك قنابل نووية وأسلحة تقليدية نوعية غير معلنة، فبعد إلقاء خطاب الرئيس بينغ بساعات قليلة، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، تقريراً قالت فيه إن الصين تبني 119 منصة لإطلاق صواريخ عابرة للقارات، تحمل رؤوساً نووية، من غرب الصين، وهو استمرار لاتهامات أمريكية لبكين، بأنها تملك آلاف الرؤوس النووية، وليس 350 كما تقول الصين.

لكل ذلك، فإن هناك من هم في الصين مثل الجنرال شو كيليان، الرجل الثاني في القوات المسلحة الصينية، يعتقدون أن بلادهم بحاجة إلى الاستعداد لمواجهة فخ ثيوسيديدس (وهي نظرية تقول إن أي قوة صاعدة مثل الصين، عليها أن تدخل حرباً مع القوة الأولى عالمياً، حتى تصل لقمة القيادة العالمية)، فالتاريخ يقول إنه اندلعت 12 حرباً بين القوى الصاعدة والقوة المهيمنة، من إجمالي 16 مرة خلال الـ500 عاماً، عندما حلت قوة صاعدة محل قوة مهيمنة.