الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

طالبان على مشارف كابول بعد عقدين من الإطاحة بها من السلطة

طالبان على مشارف كابول بعد عقدين من الإطاحة بها من السلطة

سيطرت طالبان على مدينة جلال أباد الشرقية - EPA.

دخل مقاتلو حركة طالبان العاصمة الأفغانية كابول اليوم الأحد، وقالوا إنهم يتوقعون تسلّم السلطة في غضون أيام، متعهدين بتخفيف مواقفهم الدينية السابقة، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه الدبلوماسيون الأجانب وكثيرٌ من المواطنين الأفغان محاولات لمغادرة البلد.

وجرى نقل الدبلوماسيين الأمريكيين من سفارتهم باستخدام طائرات هليكوبتر، وذلك في أعقاب نجاحات خاطفة حققتها حركة طالبان التي أطاحت بها الولايات المتحدة من الحكم قبل 20 عاماً في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001.

وقال مسؤول كبير في وزارة الداخلية لـ«رويترز» إن طالبان تتقدم «من جميع الجهات».

ولم ترد تقارير عن قتال.

وقال المتحدث باسم طالبان في بيان، إن الحركة تجري محادثات مع الحكومة المدعومة من الغرب من أجل تسليم كابول سلمياً.

وجاء في بيان الحركة أن «مقاتلي طالبان في وضع الاستعداد على جميع مداخل كابول لحين الاتفاق على انتقال السلطة سلمياً وبشكل مُرضٍ».

وبينما تجمع مقاتلو طالبان حول المدينة، قالت 3 مصادر دبلوماسية إن علي أحمد جلالي، الأكاديمي المقيم في الولايات المتحدة ووزير الداخلية الأفغاني السابق، من المرجح تعيينه رئيساً للإدارة المؤقتة في كابول.

وتحاول طالبان، التي عُرفت خلال حكمها السابق بإبعاد الفتيات عن المدارس وتطبيقها لمفهوم التشدد، إظهار وجه أكثر حداثة فيما يبدو.

وقال متحدث آخر باسم طالبان، إن الحركة ستحمي حقوق المرأة وحريات الوسائل الإعلام والعمال والدبلوماسيين.

وتابع قائلاً في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي»: «نطمئن الناس خاصة في مدينة كابول على أن أملاكهم وأرواحهم في أمان»، مضيفاً أنه من المتوقع نقل السلطة في غضون أيام.

العالم في صدمة



أصاب تقدم طالبان بسهولة العالم بالصدمة، خاصة أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول أنفقت مليارات الدولارات على بناء قوات حكومية أفغانية محلية.

وقبل أسبوع واحد فقط، ذكر تقرير للمخابرات الأمريكية أن العاصمة الأفغانية بوسعها الصمود 3 أشهر على الأقل.

وذكر مسؤول بالقصر الرئاسي أن الرئيس يجري محادثات عاجلة مع مبعوث السلام الأمريكي زلماي خليل زاد ومسؤولين كبار في حلف شمال الأطلسي.

وقال عبدالستار ميرزاكوال القائم بأعمال وزير الداخلية في تغريدة بثتها قناة طلوع الإخبارية، إن السلطة ستُسلم إلى إدارة انتقالية. وقال دون الخوض في التفاصيل «لن يكون هناك هجوم على المدينة، وجرى الاتفاق على أن يكون التسليم سلمياً».

وتحدث مكتب القصر الرئاسي الأفغاني على تويتر عن سماع دوي إطلاق نار في عدد من النقاط بالعاصمة، لكنه قال إن قوات الأمن تسيطر على المدينة بالتنسيق مع شركاء دوليين.

وقال سكان إن العديد من شوارع كابول يعج بالسيارات وإن الناس يحاولون إما العودة إلى منازلهم سريعا وإما الوصول إلى المطار.

وقال أحد السكان لـ«رويترز» عبر الهاتف «البعض ترك المفاتيح في السيارة وبدأ يسير على قدميه إلى المطار». وأضاف «الجميع يعودون إلى منازلهم خوفاً من القتال».

وتدفق الأفغان على كابول خلال الأيام الماضية، فراراً من أقاليمهم، خوفاً من عودة الحكم المتشدد.

وفي الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، شوهد لاجئون من أقاليم تسيطر عليها طالبان ينزلون متعلقاتهم من سيارات أجرة وأسر واقفة أمام بوابات السفارات في حين اكتظ وسط المدينة بأناس يرغبون في شراء الإمدادات لتخزينها.

طائرات الهليكوبتر في السفارة



قال مسؤولون أمريكيون إنه جارٍ نقل الدبلوماسيين بطائرات هليكوبتر من السفارة في منطقة وزير أكبر خان المحصنة إلى المطار. وأُرسل المزيد من القوات الأمريكية للمساعدة في الإجلاء بعد نجاحات طالبان التي جعلتها على أعتاب كابول في غضون أيام.

وقال مسؤول أمريكي إن الأعضاء «الرئيسيين» في الفريق الأمريكي يباشرون عملهم من مطار كابول. وذكر مسؤول بحلف شمال الأطلسي أن عدداً من موظفي الاتحاد الأوروبي انتقلوا إلى مكان أكثر أمناً في العاصمة.

وفي وقت سابق من اليوم الأحد، سيطرت طالبان على مدينة جلال أباد الشرقية، ما منحها السيطرة على أحد الطرق السريعة الرئيسية في أفغانستان.

وسيطر مقاتلو الحركة أيضاً على معبر تورخم الحدودي القريب مع باكستان ليصبح بذلك مطار كابول السبيل الوحيد للخروج من أفغانستان ولا يزال في قبضة الحكومة.

وقال مسؤول أفغاني في جلال أباد لـ«رويترز»: «لا توجد اشتباكات حالياً في جلال أباد لأن الحاكم استسلم لطالبان...فتح المجال أمام مرور طالبان كان السبيل الوحيد لإنقاذ حياة المدنيين».

البعثات الدبلوماسية تغادر



أفادت صحيفة «بيلد إم زونتاج» أن الجيش الألماني يرسل طائرات نقل من طراز إيه 400 إم إلى كابول مع 30 فرداً من جنود المظلات على متن كل منها لإجلاء طاقم السفارة الألمانية ومساعديهم الأفغان مع تطويق مقاتلي طالبان للعاصمة الأفغانية.

نقلت الصحيفة اليوم الأحد عن مصادر لم تحددها قولها إن الطائرات ستنقل من يتم إجلاؤهم إلى مركز قريب، قد يكون العاصمة الأوزبكية طشقند، ليستقلوا رحلات جوية مستأجرة.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع إنه تم الإعداد لمهمة إجلاء الليلة الماضية بشكل طارئ للغاية لكنه أحجم عن الإدلاء بمزيد من التصريحات تعليقاً على تقرير الصحيفة.

مفاوضات

وقال مفاوض حكومي أفغاني إن وفداً تابعاً للحكومة الأفغانية ويضم المسؤول البارز عبدالله عبد الله سيتوجه إلى قطر اليوم الأحد، للقاء ممثلين عن حركة طالبان.

وأكد فوزي كوفي، وهو عضو في فريق تفاوض كابول، لـ«رويترز»، أن الوفد سيلتقي طالبان في قطر بعد دخول مقاتلي الحركة العاصمة الأفغانية في وقت سابق.

وقال مصدر مطلع لـ«رويترز» إن أعضاء الوفد الأفغاني وممثلي طالبان سيناقشون تسليم السلطة، وأضاف أن مسؤولين أمريكيين سيشاركون أيضاً.

ومع سحب القوات التي تقودها الولايات المتحدة معظم قواتها المتبقية الشهر الماضي، تسارعت حملة طالبان في ظل انهيار دفاعات الجيش الأفغاني.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس، إنه وافق على نشر 5000 جندي للمساعدة في إجلاء المواطنين وضمان تقليص عدد العسكريين الأمريكيين بطريقة «منظمة وآمنة». وذكر مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية أن العدد يشمل 1000 جندي من الفرقة 82 المحمولة جواً.

قالت طالبان إن مكاسبها السريعة تثبت أنها تحظى بقبول لدى الشعب الأفغاني. وقال بايدن إن إدارته أبلغت مسؤولي طالبان خلال محادثات في قطر بأن أي تحرك يضع الأمريكيين في خطر «سيواجه برد عسكري أمريكي سريع وقوي».

ويواجه بايدن انتقادات متزايدة في الداخل مع سيطرة طالبان على المدن الأفغانية واحدة تلو الأخرى بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً لكنه دافع عن خطة الانسحاب التي بدأها سلفه دونالد ترامب لإنهاء المهمة العسكرية الأمريكية بأفغانستان بحلول 31 أغسطس.

وقال بايدن أمس: «الوجود الأمريكي بلا نهاية وسط صراع أهلي ببلد آخر غير مقبول عندي».