الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

عودة طالبان.. حسابات جيوسياسية جديدة للهند وباكستان والصين

عودة طالبان.. حسابات جيوسياسية جديدة للهند وباكستان والصين

الولايات المتحدة بحاجة إلى أن يكون لها عيون في أفغانستان - أب.

تسبب استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان في صدمة وتداعيات فورية على الجوار الأفغاني الثلاثي: باكستان والهند والصين.



وخلال الأشهر الأخيرة صعدت الحكومات الثلاث تواصلها الدبلوماسي مع طالبان تحسباً لاحتمال أن تصبح الحركة المسلحة قوة سياسية في أفغانستان، وأصبح هذا الاحتمال حقيقياً ليبدأ مشهد جيوسياسي جديد في التشكل في آسيا.



وتناول تقرير لموقع «مودرن دبلوماسي» الآثار المباشرة على باكستان والهند والصين والولايات المتحدة، معتبراً أن عودة طالبان للسلطة يشكل نصراً بالنسبة لباكستان، وهزيمة استراتيجية لمنافستها الهند، لكنه في نفس الوقت أيضاً يمكن أن يكون بمثابة دفعة لمجموعة متمردة تابعة، وهي حركة طالبان الباكستانية، والتي تهدد إسلا أباد نفسها. أما بالنسبة للهند، فإن عودة طالبان ستزيد من مخاوفها بشأن التشدد في كشمير.

حسابات جيوسياسية جديدة



وخلقت تطورات أفغانستان، نطاقات جديدة في سياق الجغرافية السياسية للمنطقة، والتي قد تشكل معادلات جديدة لإعادة تنظيم سياسات القوة.

بالنسبة للصين، أثار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لها عدة مخاوف من اتساع شبكة الجماعات المسلحة التي تستهدف مشاريع البنية التحتية التي تنشرها غرباً عبر أوراسيا.

وكانت حركة طالبان قد تعهدت في اتفاق 2020 مع أمريكا، بأنها لن تؤوي جماعات متطرفة في حال انسحاب الجيش الأمريكي في الوقت المناسب، كما قال متحدث باسم الحركة إنها لن تهاجم أي أهداف صينية.



وقال التقرير إن إسلام أباد تعيش نشوة بسبب شعورها بأنها هزمت الهند وأمريكا، إلا أن هناك قلقاً حيال الأمن القومي من أن طالبان قد لا تكون مدينة لباكستان بعد رجوعها.



كما أن هناك قلقاً في باكستان من أن تعود أفغانستان ملاذاً للجماعات الإرهابية.

وسعت الصين التي تعتبر حليف باكستان الوثيق، إلى إبرام صفقة مع طالبان تنص على عدم عرقلة أي مصالح صينية في المنطقة، ويمثل موقف الصين التصالحي تجاه طالباً تحولاً صارخاً عن العقود السابقة عندما أعربت عن مخاوفها نتيجة إيواء طالبان لمقاتلين من أقلية الأويغور والتخطيط لانفصال إقليم تشينغيانغ.

وكانت الصين مستعدة لاحتواء أي تداعيات من أفغانستان من خلال الضغط على طالبان لإجراء انفصال واضح عن القوات المرتبطة بتشينغيانغ.



وفي الهند التي لطالما دعت إلى اتفاق لتقاسم السلطة في أفغانستان، تصاعدت المخاوف في الأشهر الأخيرة، وبعد تغير الحكومة، للمرة الأولى منذ عقود لن يكون للهند حكومة حليفة في البلاد، والأمر الأكثر إشكالية في عودة طالبان بالنسبة للهند سيكون تعزيز الروح المعنوية للجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها مثل عسكر طيبة وجيش محمد وحركة طالبان الباكستانية.

معضلة هندية



قال التقرير إن فكرة التعامل المباشر مع طالبان، تعد فكرة مريرة بالنسبة للمسؤولين في الهند، مشيراً إلى أن الهند تحتاج إلى نهج استراتيجي طويل الأجل تجاه أفغانستان من أجل دمج الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية.

ويجب أن تقوم سياسة الهند تجاه أفغانستان على فهم واضح لأهداف نيودلهي الاستراتيجية في المنطقة والبيئة الاستراتيجية الإقليمية والعالمية.



وأضاف التقرير أن أفغانستان تشهد في الوقت الحالي حربين، واحدة داخل أفغانستان ضد التدخل الأجنبي على مدى العقود الأربعة الماضية، والأخرى ضد الحكومة الأفغانية كلاهما انطلقا من الأراضي الباكستانية.



ونظراً لأن الهدف الأساسي لسياسة باكستان كان ترسيخ هيمنتها في أفغانستان، فإنها تنظر إلى أفغانستان المستقلة التي تتمتع بعلاقة حيوية مع الهند على أنها العقبة الرئيسية في تحقيق طموحاتها للهيمنة.



ومع ذلك، فإن أفغانستان المحرومة من الوجود الهندي لن تكون سوى مقاطعة أخرى سيئة الحظ في باكستان يحكمها محركون وتستغلها الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق.



والأمر الأكثر إشكالية هو أن هذا الوضع لن يؤدي فقط إلى تفاقم التجارب المهينة للشعب الأفغاني عن طريق التراجع عن حرياته الأساسية، بل سيخلق أيضاً أرضية خصبة لمختلف المنظمات الأصولية، المستعدة لتصعيد النزاعات الدينية والطائفية في جميع أنحاء المنطقة.



استثمارات صينية



وأشار التقرير إلى أن الصين وعدت بالقيام باستثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة والبنية التحتية، بما في ذلك بناء شبكة طرق في أفغانستان، كما تتطلع أيضاً إلى الاستفادة من الثروات الأرضية النادرة غير المستغلة في البلاد.

وكانت الصين تستعد بالفعل للاعتراف رسمياً بطالبان قبل أن تسيطر الحركة على البلاد.

تقول لوريل ميلر مديرة برنامح آسيا في مجموعة الأزمات الدولية إن طالبان ترى الصين كمصدر للشرعية الدولية، وداعم اقتصادي محتمل ووسيلة للتأثير على باكستان الحليف الصيني الذي ساعد طالبان.

وفي الوقت نفسه، قد تدفع طالبان الصين وروسيا إلى التقارب، حيث يسعى البلدان للتحوط من احتمال عدم الاستقرار في أفغانستان.

وأضافت ميلر أن كلا البلدين قلقان من انتشار التشدد والتطرف المحتمل على الرغم من العداء خلال الحرب الباردة، كما أن الصين وروسيا قاما مؤخراً بنشر 10 آلاف جندي وطائرات وقطع مدفعية في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم، كجزء من مناورة مشتركة لمكافحة الإرهاب وحماية السلام والاستقرار في المنطقة.



هل باتت أمريكا أضعف



أشار التقرير إلى أن طبيعة الانسحاب من أفغانستان قد تعود بخطر كبير على الأمن القومي ومكانة أمريكا في العالم.



وأضاف أن ما يحدث هو عبارة عن انهيار كامل للمفاوضات التي تقودها أمريكا مع طالبان، والتي تركت الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي أمام الأحداث المتسارعة.



ولن ينظر العالم إلى الأحداث على أنها انتقال منطقي، بل عززت الرسالة السياسية للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى جانب المشاهد الفوضوية في كابول الآراء العالمية القديمة حول عدم موثوقية أمريكا وأنها باتت قوة عظمى متضائلة في العالم.

ولا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى أن يكون لها عيون في أفغانستان ويجب أن تتحرك بسرعة لإجلاء الأمريكيين من أفغانستان ثم البدء في العمل الجاد لوضع خطة لحماية مصالحها الأمنية الوطنية طويلة الأجل في جنوب آسيا.