السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ما السر.. بعد عامين من الوباء تركمانستان خالية من الإصابات

ما السر.. بعد عامين من الوباء تركمانستان خالية من الإصابات

أصرت تركمانستان على عدم وجود أي حالات إصابة بها - رويترز.

منذ اندلاع أزمة وباء كورونا العالمية، لم تسجل دولة تركمانستان التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة أي حالة إصابة بالوباء، وهي واحدة من خمس دول على الأقل لم تُبلغ عن أي حالات إصابة بالفيروس، وفقاً لشبكة سي إن إن الأمريكية.

وأشار تقرير نشرته الشبكة، أن ثلاثاً من هذه الدول الخمس هي جزر معزولة في المحيط الهادئ، أما الخامسة فهي كوريا الشمالية التي تخضع لسيطرة مشددة.

وأضاف التقرير أن رئيس تركمانستان قربانقولي بيردي محمدوف الذي تسلم الحكم منذ عام 2006، رفض التقارير التي تزعم بوجود حالات كوفيد-19 في بلاده، ووصفها بأنها وهمية، كما وجّه خطاباً للأمم المتحدة يوم الثلاثاء شدد فيه على عدم تسيس الوباء.

أدلة مستقلة

أشار التقرير إلى وجود أدلة مقدمة من قبل منظمات مستقلة وصحفيين ونشطاء يعيشون خارج تركمانستان، وأكدت الأدلة أن البلاد تواجه موجة ثالثة باتت تقتل العشرات وتغرق المستشفيات بالمرضى، كما حذر هؤلاء من أن حكومة البلاد تقلل من خطر الفيروس من أجل الحفاظ على صورتها.

وقال رسلان مياتييف وهو رئيس تحرير منظمة الأخبار المستقلة تركمان نيوز ومقرها في هولندا، أنه تمكن من جمع أسماء أكثر من 60 شخصاً زعم أنهم لقوا حتفهم بسبب الوباء داخل البلاد.

وأضاف مياتييف، أنه تحقق من جميع الوفيات المسجلة بالسجلات الصحية التي كانت بسبب تليف شديد في الرئة، بينما خضع الضحايا لبروتوكول علاج مرضى كورونا.

وتابع مياتييف: «بدلاً من التعاون مع المجتمع الدولي، قررت تركمانستان وضع رأسها في الرمال».

حقيقة الدلائل

وفي أوائل عام 2020 مع بداية انتشار الوباء، أصرت تركمانستان على عدم وجود أي حالات إصابة بها على الرغم من تفشي الوباء بشكل صاروخي في البلدان المجاورة لها.

وقالت راشيل دنبر نائبة مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش، إنهم يراقبون ما يحدث في البلدان الأخرى في المنطقة، ويستغربون كيف يمكن أن يكون الوضع في تركمانستان مختلفاً.

ووفقاً للمواقع الإلكترونية لوزارتَي الخارجية البريطانية والأسترالية، تم تعليق جميع الرحلات الجوية إلى تركمانستان حالياً، وفي المقابل لا يسمح للمواطنين التركمان بدخول البلدين.

ومن ناحيته أوضح مياتييف أن مصادره في تركمانستان بدأت في الاتصال به لتخبره عن الحالات في مايو 2020 وهو الوقت نفسه الذي يتزامن مع انتشار كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم.

وأشار إلى أن الرسائل التي تلقاها أكدت انتشار مرض رئوي غريب شبيه بالإنفلونزا سريع العدوى.

وفي يونيو 2020، أصدرت السفارة الأمريكية في عشق أباد، تحذيراً صحياً بعد انتشار تقارير تفيد بأن أشخاصاً يعانون من أعراض مشابهه لأعراض كوفيد-19 وخضعوا لاختبار كوفيد-19 وتم وضعهم في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً.

ومن ناحيتها وصفت حكومة تركمانستان الأمر بأنه أنباء كاذبة.

ومن ناحية أخرى لم تؤكد بعثة منظمة الصحة العالمية إلى تركمانستان في يوليو 2020 وجود أي إصابات بفيروس كورونا داخل البلاد، إلا أنها أعربت عن قلقها من زيادة أعداد حالات الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي الحادة والالتهاب الرئوي.

وحذر أحد مسؤولي منظمة الصحة العالمية أنه على تركمانستان التصرف كما لو كان هناك انتشار للوباء في البلاد.

ولكن أكد مياتييف أنه في ذلك الوقت، كان الوضع الوبائي خارج نطاق السيطرة، ونصحت الحكومة المواطنين باتخاذ تدابير صحية عامة غريبة كتناول نوع معين من الحساء الحار.

لقاحات كورونا

وأوضح تقرير الـ(سي إن إن) أنه في يناير الماضي أعلنت تركمانستان أنها وافقت على استخدام لقاح سبوتنيك-في الروسي.

وفي يونيو الماضي، وافق البنك الدولي على إقراض حكومة تركمانستان مبلغ 20 مليون دولار، وذلك لترميم المرافق الصحية.

ومؤخراً انتقد الرئيس بيردي محمدوف جهود المجتمع الدولي في معالجة جائحة كورونا، وأكد أنها كانت غير كافية على الرغم من أنه لم يتطرق بتاتاً للوضع داخل بلاده.

وقال: «لقد كشف الوباء عن إخفاقات منهجية خطرة في الاستجابة الدولية لهذا التحدي».

تركمانستان تحترق

وعلى صعيد آخر، أكد الصحفيون والنشطاء المستقلون بأن الوضع داخل تركمانستان بات مختلفاً تماماً.

وقال ديانا سيريبريانيك وهي مديرة منظمة حقوق وحريات مواطني تركمانستان في المنفى ومقرها أوروبا، إن منظمتها سمعت من جهات اتصال في البلاد أن المستشفيات تكافح للتعامل مع تدفق الحالات.

وأضافت أن الأطباء في تركمانستان التابعين لمنظمتها ويعيشون في الخارج، على اتصال مستمر بزملائهم الأطباء داخل البلاد للاطلاع على الوضع الحقيقي وتقديم المشورة.

وأشارت إلى أن الأطباء داخل تركمانستان أخبروها أنه من الصعب الحصول على الأكسجين وأجهزة التنفس الصناعي في البلاد، وأن العلاج باهظ جداً، بينما بلغت حصيلة الوفيات الآلاف بسبب الفيروس.

وأوضحت أن السبب الرسمي للوفاة في هذه الحالات لا يتم تسجيله على أنه كوفيد-19، أو التهاب رئوي، بل حالات صحية أخرى كنوبة قلبية.

الصورة الوردية

وفقاً لكل من مياتييف وسيريبريانيك، فإن الإصرار على النجاح الوبائي لتركمانستان يعود إلى أن مهنة رئيسها الأساسية طبيب أسنان من حيث المهنة، ووزير صحة سابق، وركز بشكل كبير على الإدارة الفعالة لرفاهية شعبه، والظهور على أنه منقذ للبلاد وقائد عالمي مثير للإعجاب من خلال إبعاد الوباء عن بلاده.

وحتى الآن لا يوجد أي مؤشر يدل على أن تركمانستان مستعدة لعكس موقفها والاعتراف بوجود حالات داخل الوباء.