الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المحادثات النووية.. هل تنقذ إشارات إيران «الواعدة» اقتصادها من عزلته؟

المحادثات النووية.. هل تنقذ إشارات إيران «الواعدة» اقتصادها من عزلته؟

طهران تتحدث عن حل جزء كبير من نقاط الخلاف. (أ ف ب)

عند الحديث عن المفاوضات النووية الإيرانية، في مرحلتها الراهنة، تُمرر تقارير إخبارية إيرانية وغربية اتجاهين متباينين، أحدهما يحذر من أن الوقت ينفد ويستعد لإعلان «انهيار» المباحثات برمتها، والآخر يحمل إشارات «واعدة» بقرب التوصل إلى اتفاق، وصل من التفاؤل حد الحديث عن إنقاذ اقتصاد إيران المتردي في أعقاب إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

تستعد فيينا، الاثنين، لاستكمال جولة المباحثات الثامنة من المفاوضات النووية الهادفة إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني. كانت عودة كبير المفاوضين الإيرانيين إلى طهران، نهاية الأسبوع الماضي، قد أثارت جدلاً حول تعثر المباحثات، لكن وكالة الأنباء الإيرانية سرعان ما أوضحت أن عودة علي باقري كني إلى طهران كانت لعقد اجتماعات تنسيقية مع المسؤولين، مشيرة إلى وجود اتفاق على عودة رؤساء الوفود المشاركة في المفاوضات «لمناقشة مواقفهم السياسية ولإجراء مشاورات».. وأكدت أن مفاوضات على مستوى الخبراء مستمرة دون انقطاع، وأن عودة كبار المفاوضين لا تعني نهاية الجولة الثامنة من المباحثات.

تجري مفاوضات فيينا بين إيران ومجموعة (1+4)، المكونة من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، إلى جانب مندوب الاتحاد الأوروبي. وتشارك الولايات المتحدة في المفاوضات بشكل غير مباشر.

حتى هذه المرحلة، تتحدث طهران عن حل جزء كبير من نقاط الخلاف، ملقيةً بمسؤولية «الموضوعات العالقة المهمة» على عاتق واشنطن، التي يتعين عليها اتخاذ «قرار سياسي». وتقول إن «الإدارة الأمريكية مسؤولة عن سياسات بلادها وتتحمل تبعات تنصلها من التزاماتها في الاتفاق النووي».

«فراغ خطير»

في المقابل، وفي تحليل نشرته صحيفة «جارديان» البريطانية، تصدرت عبارة مثل «بدأ العد التنازلي لنهاية المحادثات التي استمرت ستة أشهر في فيينا حول مستقبل الاتفاق النووي الإيراني». ومضت الصحيفة قائلة إنه «لم يتم رسمياً تحديد موعد نهائي، لكن ما لم يكن هناك تقدم خلال أقل من أسبوعين، ستنتهي العملية مخلفة وراءها فراغاً خطيراً»، واستشهدت في ذلك بتصريحات نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الذي قال في وقت سابق إن «الوقت ينفد.. أسابيع وليست شهوراً»، وهو الإطار الزمني نفسه الذي أعطاه وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

أضاف التحليل أن البيت الأبيض بدأ فعلياً في استباق أي «انهيار» محتمل بقلب الطاولة على الإدارة الأمريكية السابقة، قائلاً إن انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2018 أثبت أنه كان «كارثياً». ومن ثم، فإنه حال الفشل في التوصل إلى اتفاق، فإن فريق الرئيس جو بايدن جاهز بتحميل ترامب المسؤولية.

«مسار صحيح»

في المقابل، تعتبر طهران أن محادثات فيينا «تمضي قدماً على المسار الصحيح»، كما يرى الاتحاد الأوروبي أن «هناك مناخاً أفضل منذ عيد الميلاد»، بحسب جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد، الذي قال عقب اجتماع غير رسمي: «قبل عيد الميلاد كنت متشائماً جداً.. اليوم أعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن» حتى خلال الأسابيع المقبلة.

كذلك اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن هناك «تقدماً حقيقياً.. ورغبة حقيقية.. لفهم المخاوف.. وفهم كيفية أخذها في الاعتبار»، بحسب وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، التي نقلت عن تقرير إيراني أيضاً نقل عن مصادر مطلعة لم يكشف عنها أن «عدد القضايا الخلافية انخفض والوفود مشغولة الآن بمناقشة سبل تنفيذ اتفاق محتمل».

بدائل إيرانية

ويرى مقربون من المحادثات إن بالإمكان أن يكون هناك اتفاق من منظور غربي، ربما سيكون اتفاقاً قصير المدى أو مؤقتاً. أما على الجانب الإيراني، فمن الواضح أن طهران سعت مؤخراً إلى تأمين نفسها من خلال «التطلع شرقاً» والاتكاء على كل من الصين وروسيا، لإظهار أن اقتصادها الذي يعاني التضخم يمكن أن يصمد بدون الغرب، وهو ما تمثل في زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان مؤخراً إلى الصين لتوقيع اتفاقية شراكة مدتها 25 عاما، فيما سيطير الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى موسكو هذا الأسبوع للغرض نفسه.

لكن موقع قناة «إيران إنترناشونال» -الذي يُبث من أوروبا- قال إنه «لا يمكن إنقاذ الاقتصاد الإيراني حتى إذا تم إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات». ونقل عن الكاتب الاقتصادي محمد مهدي حاتمي في طهران قوله إنه بناء على تقييمات رسمية أجراها مركز أبحاث البرلمان الإيراني، فإن الحكومة لديها دين صافٍ قدره 10000 تريليون ريال، نصفه يجب سداده خلال السنوات الثلاث المقبلة.

أصول مجمدة

وبحسب حاتمي، حتى لو أبرمت إيران صفقة مع الولايات المتحدة وحررت أصولها المجمدة في الخارج وباعت المزيد من النفط، سيتعين عليها استخدام «البترودولار»، وهو قيمة النفط الذي يتم شراؤه بالدولار الأمريكي، لسداد ديونها.

واعتبر الكاتب الإيراني أنه رغم «وجود إشارات واعدة من المحادثات النووية في فيينا لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، لا يمكن للمرء أن يأخذها على محمل الجد، طالما أن إيران تعاني مشكلات كثيرة في علاقاتها مع المجتمع الدولي»، على حد قوله.

وتساءل: «لنفترض أن هناك اتفاقاً وأن أصول إيران في الخارج قد تم تحريرها. ماذا بعد؟ لأي مدى يمكن لإيران الوصول إلى تلك الأصول». وأوضح أن الأمر يتعلق بعلاقات إيران الخارجية وتوازن القوى في المنطقة.

على النقيض، رأى تقرير نشره موقع «إيران ديبلوماسي»، المقرب من الخارجية الإيرانية، أنه بغض النظر عن عزلة إيران الحالية عن الأسواق الدولية والأنظمة المصرفية، فإن اقتصاد البلاد لا يزال مرناً نسبياً.