الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

تركيا وغاز المتوسط.. مضاعفة المكاسب بعد «تذويب الخلافات»

تركيا وغاز المتوسط.. مضاعفة المكاسب بعد «تذويب الخلافات»

تسعي دول الشرق الأوسط إلي طي خلافات الماضي، وبدء صفحة جديدة بما يضمن دور فاعل للوطن العربي في ظل التغييرات الجيوسياسية العالمية، كما تدفع تركيا بجهودها نحو تحسين العلاقات بجيرانها في الشرق الأوسط. وأكد خبراء لـ «الرؤية» أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا لا تكفي لضمان مستقبل تركيا في شرق المتوسط، وأشاروا إلى أهمية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا ومصر، وهو ما سيعود بالنفع على القاهرة وسيضاعف مساحة المنطقة الاقتصادية التابعة لمصر بما لا يقل عن 30% عن المساحة الحالية.

الحدود التركية - الليبية

ويري مدير الأخبار بالقناة السابعة التركية، مصطفي طه داغلي، أن تركيا عززت وجودها في شرق البحر الأبيض المتوسط بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، غير أنه رغم أهمية تلك الاتفاقية، كونها تعد تطورا مهما، إلا أنها لا تعد كافية بحد ذاتها، لاسيما وأن تركيا في حاجة إلى إبرام اتفاقيات ترسيم الحدود مع الدول الأخرى من أجل مستقبلها في شرق البحر الأبيض المتوسط.وفي تصريحات خاصة، شدد على أن العلاقات ما بين تركيا من جهة ومصر وإسرائيل من جهة أخري، مهمة للغاية، لتعزيز التواجد التركي في منتدى شرق المتوسط، لافتاً إلى أن مشاركة تركيا في المنتدى لا تعود عليها وحدها بالنفع، بل يمتد ليشمل مصر أيضاً.وأكد أن قضية تطبيع العلاقات بين تركيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، لا تقل أهمية عن التطبيع مع باقي دول المنتدى، لاسيما وأن التطور الحالي في العلاقات يعود بالنفع على الجميع.



كما أكد أيضا أن انعكاس التعاون بين الإمارات وتركيا في شرق المتوسط، ​​يعود بمكاسب على البلدين، مشدداً على أن العلاقات بين دول المنطقة متكاملة وليست متضاربة كما يظن البعض، الأمر الذي ظهر خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين قادة الإمارات وتركيا، خلال الفترة الأخيرة، وصولاً إلي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات، متوقعاً مزيد من تبادل الزيارات خلال المرحلة المقبلة ما بين تركيا ودول عربية أخري، بينها مصر والسعودية والبحرين، مؤكداً أن دول الشرق الأوسط بدأت تضع الخلافات جانباً، وتفعل سياسة الحوار المتبادل، لاسيما مع تركيا.


وشدد على الدور الحيوي لتركيا في نقل الغاز المستخرج من شرق المتوسط إلي أوروبا، وما يحققه من مكاسب لإسرائيل وأوروبا، خاصة بعد إلغاء مشروع «إيست ميد»، منوهاً بأن زيادة التنسيق بين دول عربية واليونان، رغم الخلافات القائمة بين تركيا واليونان، لن يؤثر على العلاقات الإماراتية- التركية خاصة، أو حتى العلاقات العربية - التركية، لافتاً إلي أن كل دولة تسعي لإنشاء شبكة مستقلة من العلاقات بجيرانها بما يتماشي مع مصالحها الخاصة.

النظر إلى المستقبل

وقال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي التركي، خير كرباج إن انضمام تركيا إلى منتدى شرق المتوسط أمر إيجابي، مشدداً على ضرورة أن يكون ذلك الانضمام قائما على الاستدامة، منوهاً بأن تركيا تستطيع تحسين الصورة الذهنية داخل منطقة الشرق الأوسط حال بناء علاقات جيدة مع دول المنتدى، بالإضافة إلي أنه يعطي رسالة بأن تركيا دولة شريكة تلعب دور الوسيط وليس الزعامة على حد قوله.

وفي تصريحات خاصة، لفت إلى أن علينا أن ننظر إلى المستقبل بما يحقق صالح المنطقة، منوهاً بأن تحالف رباعي يضم تركيا، إيران، مصر، ودول الخليج، يضمن تحقيق سلم مستدام، مع ضرورة الابتعاد عن التناحر المذهبي، لافتاً إلي أن الاتحاد الأوروبي خير نموذج على ذلك.

مرحلة جديدة

وأوضح أن تركيا يمكن أن تلعب دورا وسيطا لحل نزاع النفوذ في المنطقة، ما بين التيار السني والشيعي، مشيرا إلي أن تركيا في حاجة إلي تحديد سياسات أكثر استدامة فيما يخص دول المنطقة، وتقديم بعض التنازلات للوصول إلي اتفاقيات وتحالفات تحقق صالح الدول كافة، منوهاً بأن شعوب المنطقة تنتظر من زعمائهم تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلي نتائج مرضية لجميع الأطراف.

وأكد أن العلاقات ما بين تركيا ودول الشرق الأوسط شهدت تباينا خلال العقدين الماضيين، ما بين صعود وهبوط، لافتاً إلى أن تركيا بدأت تتبع نهجا جديدا أكثر براغماتية، قائلا «بدأت تركيا الانتقال من مرحلة الاختيار إلي مرحلة الاضطرار، خاصة فيما يخص التعاون الاقتصادي»، لاسيما بعد استنفاذ كل سبل الاستدانة من الغرب في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، مؤكداً أن الظروف تدفعه لبناء علاقات صداقة مع الدول العربية، مدفوعة بمحاولة تحقيق مكاسب داخلية، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو 2023، مشدداً على أن ترجمة تلك الزيارات إلي اتفاقيات يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات.

عقبات أمام تركيا

في السياق ذاته أكد أستاذ وخبير البترول الدولي، دكتور رمضان أبوالعلا على وجود عقبات أمام انضمام تركيا لدول المنتدى، خاصة مع تواجد اليونان ضمن إطار المنظومة وما يوجد من عداوات تاريخية بين أثينا وأنقرة، يصعب حلها، بالإضافة إلي المشكلات العالقة مع مصر، والتي يمكن أن تلعب الإمارات دورا للتنسيق بينهما، لاسيما وأنها تتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع مصر.

وأكد أن ترسيم الحدود بين تركيا ومصر يضاعف من فوائد القاهرة، نتيجة مضاعفة مساحة المنطقة الاقتصادية التابعة لمصر بما لا يقل عن 30% عن المساحة الحالية، وبالتالي تدخل العديد من الاكتشافات ضمن المياه الإقليمية المصرية، لافتاً إلي أن مصر تميل إلي استقرار المنطقة، خاصة بعد الاكتشافات الحديثة في المياه العميقة لشرق المتوسط، وتسعي لإيجاد نموذج تعاون إقليمي يحقق فائدة.

طي صفحة الخلافات

وبدوره أشار رئيس الجمعية العربي التركية، متين توران إلى ضرورة طي صفحة الخلافات، التي ساهمت في تعطيل الكثير من المشروعات الاستثمارية خلال العقد الماضي، مؤكداً أن السياسة التركية بدأت تتغير بالفعل، وترجع عن الطريق الخاطئ الذي اتبعته في السابق، منوهاً إلي إمكانية أن تلعب الإمارات دورا في تقريب وجهات النظر بين أنقرة والقاهرة، بما يضمن استفادة أكثر من 180 مليون مواطن من الدولتين.

وأكد على ضرورة البدء في حوار يضم كافة الأطراف المعنية من رجال أعمال ومتخصصين لتفعيل المشروعات والشراكات المستقبلية، بالإضافة إلي تذويب الخلافات بين دول الشرق الأوسط بما يضمن استقرار المصالح الاقتصادية والسياسية.