الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تصعيد سول وتوسيع كواد.. مساعٍ حثيثة لكبح جماح الصين في آسيا

تصعيد سول وتوسيع كواد.. مساعٍ حثيثة لكبح جماح الصين في آسيا

يون سوك يول. (أ ف ب)

بينما يستمر الصراع العسكري الدائر بين روسيا وأوكرانيا منذ أسابيع دون نهاية تلوح في الأفق، وسط مخاوف غربية من تكرار التجربة نفسها من جانب الصين في تايوان، تبرز أهمية ترتيبات متعددة الأطراف مثل الحوار الأمني الاستراتيجي الرباعي «كواد»، الذي يضم كلاً من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، والنظر إلى توسعته ليضم كوريا الجنوبية ضمن المساعي الرامية لكبح جماح بكين.

ويقول الباحث والمحلل الأمريكي نيكولاس هانسون الذي عمل سابقاً ضابط استخبارات في سلاح مشاة البحرية الأمريكية، وخدم في شرق وجنوب شرق وجنوب آسيا، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست»، إن مرشح المعارضة المحافظ في كوريا الجنوبية يون سوك يول يبدو أنه على وشك إصلاح السياسة الخارجية لبلاده وموقفها على الساحة العالمية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية مؤخراً.

وكجزء من برنامجه، دعا يون إلى تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة، كما دعا إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد كوريا الشمالية من خلال إطار «السلام من خلال القوة» الذي يتضمن الحصول على قدرات الضربات الوقائية، وصد التهديدات الصينية للمصالح القومية لكوريا الجنوبية.

ويضيف هانسون أنه مع فوز يون، فإن لدى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرصة لا تقدر بثمن لإضفاء إطار عملياتي -هناك حاجة ماسة له- على رؤيتها الغامضة لـ«منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة»، وفي الوقت نفسه تشكيل استراتيجية أمريكية متماسكة لمواجهة التحدي الصيني، وتعتمد استراتيجيتها لتلك المنطقة التي صدرت مؤخراً إلى حد كبير على التحالفات والشراكات والمنظمات الإقليمية، وباتت هذه الضرورة المحددة لدعم شبكة التحالف الأمريكي متعدد الأطراف في آسيا أكثر أهمية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويبدو أن الرئيس المستقبلي يون يشعر بأن كوريا الجنوبية لديها حاجة ملحة مماثلة لتعزيز علاقاتها الثنائية ومتعددة الأطراف، وفي مقال نشرته مجلة «فورين أفيرز» أوائل فبراير، بينما كانت القوات الروسية تتجمع على حدود أوكرانيا، كتب يون: «يجب على سول أن تشارك بمحض إرادتها في مجموعات عمل الحوار الرباعي، وأن تنظر في الانضمام إلى مبادرات التعاون الإقليمي متعدد الأطراف على مراحل، وأن تشارك في التنسيق الأمني الثلاثي مع الولايات المتحدة واليابان».

وفي حين أشار عدد كبير من الخبراء في هذا الموضوع إلى أن «الصين ليست روسيا» و«تايوان ليست أوكرانيا»، يرى هانسون أن أوجه التشابه بينهما، وليس الفروق، هي التي لفتت انتباه المنطقة، وبينما تتصارع منطقة المحيطين الهندي والهادئ مع تداعيات الصراع الروسي في أوكرانيا، يتعين على إدارة بايدن أن تحذو حذو يون وأن تدعو كوريا الجنوبية للانضمام إلى الحوار الأمني الرباعي، وفي حين أن الصين لن ترى الأمر على هذا النحو، فإن صعود كوريا الجنوبية إلى المجموعة الرباعية هو «تعاون مربح للجانبين» وهو فوز لكوريا الجنوبية، والدول الرباعية، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ بأكملها.

ويقول هانسون إن «غزو روسيا الطائش» لأوكرانيا تسبب في إحداث صدمة في جميع أنحاء العالم، وتشعر بها الشعوب خارج أوروبا وبشكل أشد قسوة في آسيا، والواقع أن القرار أحادي الجانب الذي اتخذه الرئيس فلاديمير بوتين بجلب الصراع الأكثر كارثية إلى أعتاب أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية ترك العديد من الحكومات الآسيوية تدرك بشكل غير مريح أن الرئيس الصيني شي جين بينج قد يجلب بمفرده فوضى مماثلة إلى جوارها.

ويرى أن مقارنة العملية العسكرية الروسية في أوروبا الشرقية على مدى العقد ونصف العقد الماضيين بـ«العدوان» الصيني المستقبلي في شرق آسيا هو استدلال مفيد لفهم هذا القلق، كما أنه يؤكد الفرصة التي لا يمكن الاستغناء عنها التي تتيحها الأحداث الكارثية في أوروبا لآسيا، وهي النظرة إلى المستقبل.

اقرأ أيضاً.. الصين «تعيد تموضعها» في النظام العالمي الجديد

وبدلاً من انتظار صراع حتمي عبر المضيق من قبل «جيش التحرير الشعبي الصيني» في تاريخ وشيك غير معروف، يمكن لتايوان والدول المهتمة بأن ترى أنها بعيدة عن قبضة الصين اتخاذ خطوات متعمدة لمنع هذا الاحتمال، وفي حقيقة الأمر، يقع أعضاء المجموعة الرباعية وكوريا الجنوبية مباشرة في هذا المعسكر.

ويشير هانسون إلى أن الولايات المتحدة كافحت في ظل العديد من الرؤساء لصياغة وتنفيذ استراتيجية تنافسية واضحة للتعامل مع الصين الصاعدة والانتقامية.

وبالنسبة للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، كان التركيز على «محور» أعيد صياغته لاحقاً باعتباره «إعادة توازن» لم تسفر عن تغيير يذكر، وفي المقابل، كان الحل هو فرض عقوبات اقتصادية عشوائية ورسوم جمركية من جانب الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي فرض الكثير منها على الحلفاء والشركاء، ونهج الرئيس جو بايدن المعلن هو الاستفادة من نظام التحالف الأمريكي الذي لا مثيل له، على الرغم من أن الهدف من هذه الخطة لا يزال غير واضح، ونتيجة لذلك، كان عدم التماسك هو الجانب الثابت الوحيد من سياسة أمريكا المعاصرة في الصين.

ويمكن أن تكون زيادة عضوية المجموعة الرباعية ونفوذها بمثابة أساس لاستراتيجية إدارة بايدن للحد من طموحات الصين القصوى في آسيا، وكما أظهرت الأحداث عبر المحيط الأطلسي، فإن إيمان بايدن بنظام التحالفات والشركاء والأصدقاء للولايات المتحدة في وضع جيد، ويقول هانسون إن «الوقت حان للولايات المتحدة لمضاعفة هذه القناعة، قبل أن تتكرر عملية صنع القرار المجنونة التي يتخذها بوتين في أوروبا الشرقية في شرق آسيا».