الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

خاص | خلافة خامنئي تدفع رئيسي لـ «تحصين» الحرس الثوري

خاص |  خلافة خامنئي تدفع رئيسي لـ «تحصين» الحرس الثوري

عناصر الحرس الثوري ارتكبوا جرائم قرصنة تهدد خطوط الملاحة الدولية

3 محاور تدفع أمريكا للتراجع عن رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب

فروقات قانونية وراء تصالح طهران مع عقوبات «الخزانة» ورفض «الخارجية»


دوائر أمريكية تصر على معاملة الحرس الثوري بمعايير حركة «مجاهدي خلق»

تتحكم محاور مفصلية في تراجُع إدارة جون بايدن عن رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية الـ«FTOs»، وهو ما أثار جدلاً واسعاً لدى الأروقة السياسية في واشنطن؛ فمن جهة يؤثر القرار على مستقبل المفاوضات النووية في فيينا، نظراً لاعتبار طهران تلك الورقة جزءاً من إحياء الاتفاق النووي، الذي ترهن تمريره بتحصين التنظيم؛ يواجه البيت الأبيض من جهة أخرى حرجاً إذا استجاب للضغوطات الإيرانية، وإخفاقاً يتعارض واستراتيجية واشنطن في مكافحة الإرهاب. بمنظور أعمق، يواجه الرئيس بايدن 3 عوامل، تحول دون رفع التنظيم من قائمة التنظيمات الإرهابية، أولها: أهمية الحرس الثوري إزاء تعزيز قوة النظام في طهران. ثانياً: تهمة الإرهاب التي تلتصق بالتنظيم المسلَّح. ثالثاً: سوابق مسؤوليته عن عديد من العمليات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وخارجها. لكن السؤال الأوقع يدور حول ازدواجية الموقف الإيراني حيال قرار بايدن؛ ففي حين تعتبر طهران إدراج الحرس الثوري ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية خطاً أحمر، يبدو تصالحها في المقابل مع تصنيفه تنظيماً إرهابياً، ولكن بعيداً عن قائمة الـ«FTOs». ولا يبتعد فك رموز تلك الازدواجية عن إدراك الإيرانيين مدى تباين العقوبات القانونية مع كل تصنيف، حسب موقع «ذي هيل» الأمريكي.

فروقات قانونية

قبل إدراجه ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، اقتصر تصنيف الحرس الثوري الإيراني على إدراجه ضمن قائمة وزارة الخزانة الأمريكية المعروفة بـ«SDGT»، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224. إلا أن الفروقات القانونية الجوهرية بين مختلف سلطات مكافحة الإرهاب الأمريكية، جعلت تصنيف التنظيم الإيراني ضمن قائمة وزارة الخزانة أخف وطأة بكثير، إذا ما قورن بقائمة وزارة الخارجية، حتى إذا وصل الأمر في التصنيف الأول إلى تخطيط الحرس الثوري لاغتيالات على الأراضي الأمريكية.

وحسب تقرير الموقع الأمريكي، تدرك طهران محدودية عقوبات تصنيف الـ«SDGT» (الخزانة)، لا سيما أن عقوبات تصنيف الـ«FTOs» (الخارجية)، تؤدي إلى فرض حظر جنائي على تقديم الدعم المادي أو اللوجستي عن عمد للحرس الثوري الإيراني، خاصة خارج الحدود الإيرانية الإقليمية؛ بالإضافة إلى إلزام التنظيم عند التقاضي بتسديد تعويضات هائلة لضحايا العمليات الإرهابية المنسوبة إليه؛ وهو ما يفسِّر إصرار طهران على منع إدراج الحرس الثوري على قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية.

إقرأ أيضاً..إيران تتخذ قراراً مثيراً للجدل حول برنامجها النووي

تطلعات رئيسي

أما السبب الأهم، وفقاً لتحليل «ذي هيل»، فهو حرص الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على «تحصين» الحرس الثوري، نظراً لدور التنظيم في تموضعه على مقعد الرئاسة. وعند النظر إلى تقدم سنوات عُمر المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، لا يمكن إغفال تطلعات إبراهيم رئيسي لخلافته، وإدراكه حد اليقين أنه لن يتمكن من تحقيق طموحاته السياسية إلا عبر الاعتماد على قوة ونفوذ الحرس الثوري في الداخل الإيراني. ولا يخفى عن رئيسي أيضاً أن السماح للولايات المتحدة باعتبار الحرس الثوري تنظيماً إرهابياً (خاصة على قائمة وزارة الخارجية) يزيد معدل خطورة منافسته على خلافة خامنئي، وبالتالي يصر على منع إدارة بايدن من الإقدام على الخطوة، ليحتفظ برصيد أعلى لدى الحرس الثوري، يمكِّنه في المستقبل القريب ربما من تصعيد نفسه سياسياً.

وإلى جانب التطلعات السياسية، التي لا تعترف سوى بلغة المصالح بين فريق وآخر داخل إيران، تمنح دوائر القيادة في طهران الحرس الثوري تفويضاً دستورياً بلا سقف، وتغلِّف مهامه داخل إيران وخارجها، ولا يمنع ذلك من استخدام الميكافيلية «الإرهاب وسيلة لتحقيق تلك الغاية»، حسب تعبير الموقع الأمريكي. ولخدمة تلك الأيديولوجيات، يمنح الحرس الثوري الإيراني القوة البشرية، والمال، والعتاد لما يصفه بـ«محور المقاومة الإيراني»، وتتعاون أجنحة أخرى مع الحرس الثوري لتحقيق الأهداف التي يباركها قطعاً المرشد الإيراني الأعلى؛ ومن تلك الأجنحة القوات الإيرانية الجوية، والبحرية، والبرية، وجهاز الأمن المعروف بـ«الباسيغ»، فضلاً عن جهاز الاستخبارات.

رادارات الوزارتين

المفارقة، حسب «ذي هيل»، هي أن أنشطة الحرس الثوري الإرهابية لا تغيب عن رادارات وزارتَيْ الخزانة أو الخارجية في واشنطن؛ فتقارير الوزارتين تؤكد «جلوس قائد سلاح البحرية الإيراني التابع للحرس الثوري رضا تنكسيري على قمة هيكل تخريب حركة الملاحة في المياه الدولية»؛ فضلاً عن انتشار القوات البرية التابعة للتنظيم ذاته في سوريا لدعم وتعزيز المليشيات الإرهابية. أما جهاز أمن «الباسيغ»، فترصد وزارة الخزانة الأمريكية على وجه الخصوص نشاطه الإرهابي الواسع، ووثقت قيامه بـ«تجنيد وتدريب مقاتلين للانضمام إلى الحرس الثوري»، وأنه لا يستثنى في عمليات التجنيد أطفال إيرانيين، ويمنيين، وسوريين. وتنسحب الجرائم ذاتها، حسب تقرير الموقع الأمريكي، على رئيس جهاز الاستخبارات الإيرانية سيد إسماعيل خطيب، التابع هو الآخر للحرس الثوري، الذي عمل وسيطاً لخامنئي في العراق، ولعب في هذه العملية دوراً خاصاً، حين اعتاد الاجتماع بكافة عناصر المليشيات الموالية لإيران، وحثها على رفع معدل عمليات الهجوم ضد مصالح الولايات المتحدة في العراق وسوريا.

وتفنِّد تلك المعطيات محاولات تنحية فصيل إيراني أو آخر - مثل الحرس الثوري – عن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، إذ تتجاهل تلك المحاولات تداخل المهام بين كافة الفصائل التابعة للحرس الثوري؛ فالإرهاب، حسب الموقع الأمريكي، هو الحامض النووي المشترك بين كافة فصائل التنظيم الإرهابي الإيراني، إذ يوجد ما يربو على سبع منظمات تم تصنيفها منظمات مالية أجنبية، تتلقى دعماً مباشراً من الحرس الثوري الإيراني؛ وإذا ما رفعت واشنطن الحرس الثوري، المعروف بـ«السفينة الأم» من قائمة التنظيمات الإرهابية، فإنها ترفع بذلك عديد التنظيمات الإرهابية التابعة له.

إقرأ أيضاً..«تليغراف» تكشف تفاصيل إطلاق قوة المهام الأمريكية بالبحر الأحمر

جماعة الحوثي

ولا يتجاهل تقرير الموقع الأمريكي في هذا الخصوص قرار بايدن دون تروٍّ، وبعد بضع أسابيع فقط من توليه المنصب رفع جماعة الحوثي في اليمن من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، وهو ما أدى إلى مضاعفة أعداد المليشيات التابعة للجماعة، ووضع الإدارة الأمريكية في المقابل أمام حرج الدفاع عن قرارها، رغم انخراط الجماعة في عمليات إرهابية واسعة؛ فإذا ما كررت الإدارة ذاتها القرار مع الحرس الثوري الإيراني، فسوف تتقلص قيمة قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية عند استخدامها أداة ضغط ضد فصيل أو آخر.

وفي رسالة واضحة للرئيس جون بايدن، أشار معد التقرير، المحلل السياسي الأمريكي جاسون إم. بروديسكي، إلى أن رفع التنظيمات الإرهابية من القوائم مرهون بمدى تطور سلوك التنظيم وعزوفه عن الإرهاب، وفقاً لما جرت العادة على مر التاريخ؛ فعلى سبيل المثال، عندما قررت الإدارة الأمريكية رفع حركة «مجاهدي خلق» من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية عام 2012، أشارت إلى أن «تراجع التنظيم عن الأعمال الإرهابية المؤكدة على مدار أكثر من عقد، وتعاونها مع الإغلاق السلمي لقاعدة المليشيات التابعة لها، كان سبباً رئيسياً في رفعها من القائمة»؛ ولا ينبغي أبداً تفادي خضوع الحرس الثوري بحال من الأحوال لتلك المعايير.

وخلص التقرير الأمريكي إلى أن طلب إيران رفع الحرس الثوري من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية ليس هيناً، لا سيما أن الاستسلام لطلب طهران ينطوي على انعكاسات سلبية خطيرة، تكلف الولايات المتحدة كثيراً، وتمنح النظام الإيراني في المقابل انتصاراً مؤزراً؛ فأي شيء غير الشعور بتغيرات مفصلية في أنشطة التنظيمات الإرهابية، وانعكاس ذلك إيجاباً على البيئة المحيطة بها، يعد استسلاماً، وتغليب للغة الإرهاب على لغة السلام والأمن.