الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

اندلاع حرب في تايوان لن يكون في مصلحة أمريكا أو الصين

اندلاع حرب في تايوان لن يكون في مصلحة أمريكا أو الصين

لا يوجد أساس منطقي واضح لدفاع الولايات المتحدة عن تايوان. (رويترز)

مع استمرار التوتر بين الصين وتايوان والمخاوف من إقدام الصين على غزو الجزيرة التي تعتبرها مقاطعة منشقة سعياً لضمها إلى البر الصيني، وفي ظل رفض التايوانيين العودة إلى الصين، تبرز الحاجة إلى قيام الولايات المتحدة بدعم تايوان دون التورط في حرب فعلية لن تكون في مصلحة أي من الأطراف المعنية.

وقال سكوت ماكدونالد، الباحث غير المقيم في مركز آسيا والمحيط الهادئ للدراسات الأمنية في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأمريكية إنه قبل عدة سنوات، قررت قيادة الحزب الشيوعي الصيني أن الولايات المتحدة وقيادتها للمجتمع الدولي تمثل تهديداً لبقائها.. ولذلك، تسعى بكين إلى إزاحة الولايات المتحدة وتقوم بتنفيذ حملة بهدف التقويض المنهجي لقوة الولايات المتحدة ونفوذها.

وفي هذا السياق، فإن أية محاولة لتغيير وضع تايوان بالقوة، وهي شريك لواشنطن، تبدو معركة مهمة للتفوق والسيادة في المحيط الهادئ.. ومع ذلك، وحتى إذا اعتبر المرء أن التفوق والسيادة مهمان، فليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تدافع عسكرياً عن تايوان.. وفي الواقع، غزو تايوان سيكون تحولاً تكتيكياً واستراتيجياً، سيدمر أية قوة عظمى تنضم إلى المعركة، بما في ذلك، جمهورية الصين الشعبية.

وقال ماكدونالد إنه بالنسبة لشخص لديه العديد من المعارف الشخصيين والمهنيين، في تايوان، لم يكن التوصل إلى هذا الاستنتاج أمراً سهلاً، إلا أن استخدام الجيش الأمريكي يجب أن يكون بناء على هدف موازنة المصالح الأمريكية.. بالإضافة إلى ذلك، لا يجب وضع هذا الاستنتاج لتقليل خطر الغزو بالنسبة للتايوانيين، فقد حكمت دولة تايوان المستقلة نفسها ككيان مستقل منذ عام 1949، بغض النظر عن إعلان الولايات المتحدة والصين عكس ذلك؛ لقد بنى شعبها اقتصاداً قوياً وحياة مدنية نشطة، وسيتسبب أي غزو في ضرر بالغ لكل منهما، على الرغم من أن الغزو سيفشل على الأرجح على المدى الطويل.

اقرأ أيضاً.. «الاستدارة شرقاً».. جزر المحيط الهادئ صراع ساخن بين الغرب والصين

واعتبر ماكدونالد المتخصص في الشأن الصيني في مشاة البحرية الأمريكية سابقاً أن أي نصر للصين سيكون وهمياً، حيث ستجد الصين نفسها قوة محتلة تحاول السيطرة على شعب معاد، تعلّم مخاطر الحياة تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني من خلال مشاهدة 70 عاماً من حكمه، بما في ذلك مذبحة تيانامين وحملات القمع في هونج كونج في عامي 2014 و2019.. ويعرف مواطنو تايوان التهديد الذي يشكله حكم الصين وسيجعلون من الصعب بالنسبة لها أن تحكم، وقد برهن النشطاء التايوانيون من حركة زهرة عباد الشمس الطلابية أنهم مستعدون للخروج إلى الشوارع عند تعرض حريتهم للتهديد، كما أظهرت الانتخابات الأخيرة أن التايوانيين مستعدون للقتال.

وتوقع ماكدونالد أن الصين أيضاً ستعاني اقتصادياً.. وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي أعلن منذ فترة طويلة عن استعداده لتحمل أي ألم اقتصادي لضمان خضوع التايوانيين، فهو يواجه الآن ما هو أكثر من مجرد تعطل التجارة، فقد حشد الصراع الروسي الأوكراني الرأي العام العالمي وأصبحت العقوبات الاقتصادية قوة كبيرة مؤثرة للغاية، وسيجد أي اقتصاد مترنح بالفعل صعوبة في تجاوز مثل هذه الكلفة.

وعند دراسة الكلف الكاملة والنتائج المحتملة لهجوم جمهورية الصين الشعبية، فإن مثل هذه المغامرة ستنتهي على الأرجح لصالح الولايات المتحدة بدون تدخلها.. ومع ذلك، هناك شهية متزايدة داخل الولايات المتحدة-خاصة في الكونجرس- لأن تقوم الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان حال تعرضها لغزو صيني، لكن لا يوجد أساس منطقي واضح لدفاع الولايات المتحدة عن تايوان؛ ولتبرير استخدام القوة العسكرية، يجب أن يكون هناك تهديد لمصالح الولايات المتحدة.

ورأى ماكدونالد أن البعض يعتبر أن مصداقية الولايات المتحدة ستتضرر إذا لم تدافع عن أحد حلفائها، لكن الولايات المتحدة لم تقدم ضماناً أمنياً لتايوان- فقد تم إلغاء معاهدة الدفاع المشترك مع تايوان عام 1979 وقد تجنبت عن قصد تقديم وعود بالدعم.

اقرأ أيضاً.. لوبان ستحظر الحجاب حال انتخابها.. وماكرون يتهمها بالدفع لـ«حرب أهلية»

واعتبر ماكدونالد أنه حال اندلاع حرب عبر مضيق تايوان، سيشهد المواطنون الأمريكيون بالتأكيد اضطرابات اقتصادية مؤقتة، وسترتفع كلفة العديد من السلع مع اضطراب سلاسل الإمداد، فضلاً عن ارتفاع كلف شحن السلع العابرة لبحر الصين الجنوبي، ومع ذلك، فإن وجود وضع اقتصادي متغير، لا يشكل في حد ذاته تهديداً لحقوق المواطنين الأمريكيين، فقد ترتفع الأسعار لأي عدد من الأسباب، ولا يبرر أي سبب منها تدخل الحكومة الأمريكية عسكرياً أو غير ذلك.

واختتم ماكدونالد تقريره بالقول إن اندلاع حرب عبر المضيق لا يدعم بشكل مباشر المصالح الأمريكية ولا يجب أن تخوضها القوات الأمريكية، القيام بذلك سيعد تجاوزاً لتفويض الحكومة للدفاع عن المواطنين الأمريكيين ويورط الولايات المتحدة بلا أي داع في قضية باهظة الثمن وتسبب الاستنزاف، وسيتسبب ذلك في تحويل الموارد والانتباه عن المهمة المتمثلة في تشكيل منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ، وهو ما سيحقق نتائج أعظم طويلة المدى للولايات المتحدة وتايوان والمنطقة ككل.

وبدلاً من خوض حرب، يجب أن تدعم الولايات المتحدة تايوان بزيادة مبيعات الأسلحة والتدريب، مع تسليط الضوء على الازدراء الأخلاقي لتهديد الصين باستخدام القوة، وسيشكل هذا رادعاً للصين، وإذا كانت بكين حمقاء بما يكفي لتغزو تايوان، فسيتم توريطها في مغامرة مكلفة تضر بصورة الحزب الشيوعي الصيني وتهدد وضعه، وفي نهاية الأمر، ستكون الولايات المتحدة وتايوان والمنطقة والرعايا الصينيون أكثر آماناً إذا أصبحت تايوان سبباً لانهيار الحزب الشيوعي الصيني.