الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

إنعاش الاتفاق النووي.. مماطلة تدفع باتجاه التأجيل

إنعاش الاتفاق النووي.. مماطلة تدفع باتجاه التأجيل

الوسيط الأوروبي في طهران. (رويترز)

بينما كان الوسيط الأوروبي يعكف على إعادة إنعاش المفاوضات النووية في طهران حسمت الولايات المتحدة موقفها نهائياً من مسألة إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، مؤكدة أنه لا مجال للربط بين الاتفاق النووي وتلك الفرقة الأمنية ذات النفوذين العسكري والاقتصادي.

جاءت وساطة منسق الاتحاد الأوروبي لمفاوضات فيينا إنريكي مورا، في ظل اتباع واشنطن وطهران سياسة حافة الهاوية، وهو ما يحتاج إلى وسيط يقرب وجهات النظر، إلا أن المهمة شديدة الصعوبة، بحسب محللين، أمام إصرار إيران على رفع الحرس الثوري من لائحة الإرهاب الأمريكية، والذي بات مطلباً غير واقعي.

انتخابات الكونغرس

توقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي عدم توقيع الاتفاق النووي قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة نهاية العام الجاري، بسبب الضغط الإسرائيلي على واشنطن، بضرورة إبقاء الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب، عكس ما تطلبه إيران، إضافة إلى أن إسرائيل وضعت شرطاً لأمريكا، بأنه إذا تم توقيع الاتفاق، فإن تل أبيب ستبقى في مواجهة مع إيران، وتحتفظ بالخيار العسكري، وبناء عليه تخوفت واشنطن من إقدام إسرائيل على ضرب أي مفاعل نووي إيراني.

استبعد فهمي كذلك دخول واشنطن في مفاوضات جديدة قبل إجراء الانتخابات.. وقال إن طهران أيضاً تريد تحقيق مكاسب مباشرة، في ظل انشغال أمريكا بأزمة أوكرانيا، والانقسام في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بجانب انهيار شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن.. وبالتالي فالطرفان الأمريكي والإيراني ورغم الإرادة السياسية لتوقيع الاتفاق، ما زالوا ينتظرون التوقيت المناسب.

وأشار إلى أن الأوربيين على النقيض يضغطون للتوقيع على الاتفاق، لتحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية، خاصة أنهم في حالة خلاف مع الإدارة الأمريكية بشأن ملف أوكرانيا.

مماطلة إيران

وربما تحاول إيران المماطلة بشأن توقيع الاتفاق للشهر القادم أو لأبعد من ذلك، بانتظار عدد من الأحداث التي ربما تصب في صالحها مستقبلاً، وأولها انتظار التقرير الذي ستصدره الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن المواقع المشبوهة بتخصيب اليورانيوم، حسب ما يراه المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني عارف نصر، موضحاً أن نتيجة هذا التقرير ستصب في صالح إيران إذا جاء مبرئاً لها، وأثبت أنها تجاوبت واستطاعت أن تجيب على أسئلة الوكالة، وأغلقت هذا الملف.

ومن المتوقع حينئذ أن تعود وفود التفاوض إلى فيينا، أما لو حدث العكس، فسيتجه مسار الاتفاق لمنحى أكثر تعقيداً، وربما يبرهن على أن إيران تسلك مسلكاً آخر بعيداً عن المفاوضات وتتجه لصناعة قنبلة نووية.

حاول مورا خلال زيارته لطهران، إيجاد خط وسط بين ما تطلبه إيران وما ترفضه أمريكا، حيث حمل اقتراح رفع واشنطن للحرس الثوري من القائمة السوداء، على أن تبقى العقوبات المالية على الكيانات التابعة للحرس الثوري، بحيث يبقى اسم «فيلق القدس»، ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية، إلا أن هذا الطرح الوسط نفسه من المتوقع ألا يلقى قبولاً وترحيباً من قبل إيران حالياً، حيث ترى أن ظروف المنطقة، وكذلك الظروف التي تمر بها، تجعلها لا ترضخ للإصرار الأمريكي على المطالب، خاصة أنها تستطيع بحرية تامة أن تبيع نفطها.

الدور الإسرائيلي

ولا يتوقع نصر، أن تعود وفود التفاوض إلى فيينا الشهر القادم، «بل ستنتظر صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليحسم الأمور، إما توقيع الاتفاق، أو إعلان موته بشكل كامل».. كما أوضح أن الأهمية الآن ستكون للملفات التي تملكها إسرائيل، حيث استطاعت العام الماضي، أن يكون تحت أيديها ملفات كثيرة تتعلق بطموح إيران النووي، ومعظم هذه الملفات قدمتها لواشنطن، كما قدمت بعضها لوكالة الطاقة الذرية، وتؤكد أنه كان لدى إيران على الأقل بداية عام 2002 طموح لصناعة قنبلة نووية، وهو الأمر الذي يعقد الوضع الإيراني.

مرحلة الجمود

واعتبر نصر أنه ما زال من المبكر القول إن الاتفاق النووي مع إيران، وصل لمرحلة الجمود والفشل، «فمن الممكن أن يكون لديها تنازلات في اللحظات الأخيرة، فالقرار الذي ستتخذه واشنطن أو طهران، سيكون سياسياً، ويتوقف على المتغيرات والظروف الدولية، وكذلك الداخلية، كمظاهرات الأهواز، التي من الممكن أن تلعب دوراً في قرار إيران إذا تطورت تلك المظاهرات وشاركت فيها فئات جديدة بجانب المعلمين والعمال، ووجدت دعماً دولياً، فمن الممكن أن تتحول إلى مظاهرات شعبية عارمة في كل أرجاء البلاد كما حدث في 2019، وحينها من الممكن أن ترضخ إيران للمطالب الدولية، وتتنازل عن بعض شروطها.

اتفاق مؤقت

يتفق مع هذا الطرح، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني، وجدان عبدالرحمن الأهوازي، مشيراً إلى أن زيارة منسق الاتحاد الأوروبي لإيران، لن تسفر عن أية نتائج، لأن النظام الإيراني وافق على الزيارة، لأنه أراد بها أن يرمي الكرة في ملعب واشنطن، ولا يريد القول بأنه هو من يرفض التفاوض.

وأضاف الأهوازي أن طهران ترى عدم مناسبة الوقت الحالي لتوقيع الاتفاق، لتمكنها حالياً من تحقيق بعض المكاسب بعيداً عن الاتفاق، ولو وقعت على الاتفاق سيصبح كل شيء تحت المجهر، مثل مبيعات النفط، وإنتاج اليورانيوم المخصب، وإنتاج أجهزة الطرد المركزي، مقابل فقط أن يسمح لها ببيع النفط ووصول الأموال، وهو ما تقوم به حالياً بالفعل، فضلاً عن أن هناك في إيران من يستفيد من العقوبات بما فيهم الحرس الثوري، ولذلك فإن الموضوع معقد.

كما توقع الأهوازي إبرام اتفاق مؤقت بين إيران وإدارة بايدن، يقوم على أن توقف إيران نشاطها النووي وتقدم بعض التنازلات، ولا تقدم على تطوير سلاح نووي، مقابل السماح لها ببيع النفط والوصول للأسواق الأوروبية.