السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

زميل سابق لبوتين في الـ«كي جي بي» يكشف عقلية الرئيس

زميل سابق لبوتين في الـ«كي جي بي» يكشف عقلية الرئيس

سيرجي جيرنوف كان جاسوساً تابعاً للجنة أمن الدولة ''كِي جِي بِي'' السوفياتية (الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة ''لوفيجارو'' الفرنسية).

كشف سيرجي جيرنوف، وهو ضابط سابق كبير في لجنة أمن الدولة السوفييتية «كي جي بي»، وزميل دفعة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأحد أفضل الرجال المطلعين على ما يحدث بالفعل في الكرملين، بحسب الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، أن بوتين بعيد عن الواقع، معزول في الكرملين أكثر من أي وقت مضى، وبنى لنفسه عالماً افتراضياً موازياً، وبدأ يصدق الأكاذيب، التي يرويها عن النازيين الأوكرانيين، والجيش الروسي الذي سينتصر في كل المعارك.

وكشف جيرنوف، الذي كان مع بوتين في معهد أندروبوف (مدرسة النخبة التي دربت الجواسيس)، أن بوتين رُفِضَ إدماجه في مصلحة التجسس في جهاز الـ«كي جي بي»، بسبب عدم قدرته على قياس عواقب قراراته بشكل صحيح، وهو ما اعتبر وقتها أمراً خطيراً للغاية بالنسبة له وللمصلحة، وأن ما يقوم به بوتين اليوم يؤكد أن مُكوِّنِيهِ في جهاز الـ«كي جي بي» كانوا على حق عندما رفضوه.



الغرق في الاتحاد السوفيتي

وأوضح جيرنوف، الذي يتمتع باللجوء السياسي في فرنسا منذ 2004، في حوار نشره الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، أن بوتين يبدو غارقاً في الاتحاد السوفيتي الشيوعي، ويعبد القائد السابق للاتحاد السوفياتي، جوزيف ستالين، وأنه يدعي أنه يعيد بناء روسيا الإمبراطورية العظيمة، التي دُمرت، وذلك عبر جهاز أمن الدولة «كي جي بي»، الذي كان ينتمي إليه لما يقرب من 30 عاماً، والـ«غولاك»، وهو اختصار لـ«المديرية الرئيسية للمعسكرات»، وكان نظاماً سوفيتياً لمعسكرات الاعتقال والعمل القسري، ومن رموز القمع والترهيب في الاتحاد السوفياتي، وتحديداً خلال فترة حكم جوزيف ستالين.

عزلة في الكرملين

وأبرز المصدر نفسه أن بوتين أصبح معزولاً في الكرملين أكثر من أي وقت مضى، وخاصة بعد طلاقه من زوجته ليودميلا عام 2013، إذ لم يعد قادراً على تحمل أدنى قدر من النقد، مستشهداً بإهانته علانية لرئيس جهاز المخابرات الأجنبية الروسي، سيرجي ناريشكين، رغم أنه حتى المقربين منه، مثل وزير الدفاع، سيرجي شويغو، أو رئيس الأركان، الجنرال غيراسيموف، يقال إنهم اكتشفوا مذهولين إعلانه على التلفزيون وضع القوات النووية الروسية رهن الاستعداد، بينما هذان الرجلان هما اللذان يجب عليهما المصادقة على أمر إطلاق النووي، الذي يمكن أن يأمرهما به بوتين يوماً ما.



عالم موازٍ

وفي السياق نفسه، أكد جيرنوف أن بوتين عزل نفسه تدريجياً، وأن المشكلة تكمن في اهتمامه بالبصمة، التي سيتركها في التاريخ، وأن كل قرار يتخذه منذ 21 فبراير أسوأ من سابقه، مبرزاً أن هذا المنطق «لن يؤدي به إلا إلى كارثة، وأنه أصبح مخيفاً، وأن ذلك هو ما كان يخشاه مُكَوِّنُوهُ في الـ "كي جي بي"؛ عندما أبعدوه عن التجسس»، إذ كانوا، بحسب جيرنوف، على حق.

كما قال جيرنوف إن بوتين أصبح أكثر وأكثر راديكالية، موضحاً أن ذلك يبرز من خلال الصحفيين الذين تم التخلص منهم، الذين بلغ عددهم نحو 30 صحفياً، والموجة المفاجئة من انتحارات أفراد الأوليغارشية، والذين أصبحوا منتقدين، ثم تلى ذلك حوادث تعرض لها أقاربه في جهاز الدولة؛ وعلى سبيل المثال، حارسه الشخصي السابق إفغيني زينيتشيف، الذي أصبح وزيراً لحالات الطوارئ، إذ سقط في سبتمبر 2021، مع اثنين من أقاربه، من جرف فوق الشلالات بالقرب من نوريلسك.

هل تخسر روسيا الحرب؟

ورداً على سؤال «هل تعتقد أن روسيا تتجه نحو خسارة الحرب في أوكرانيا؟»، بين جيرنوف أنه يود ذلك، لكن لا يوجد شيء مؤكد في الوقت الحالي، موضحاً أنه يمكن لبوتين أن يفوز ببعض المعارك، وربما يحتل كل دونباس، ويحتفظ ببعض المدن الكبرى، لكنه من ناحية أخرى لن ينجح أبداً بالأسلحة التقليدية في السيطرة على هذا البلد بأكمله.

وأضاف جيرنوف أنه إذا أراد أن يبقى متفائلاً فسيقول إن بوتين خسر هذه الحرب من الناحية الاستراتيجية، وكان يعتقد أنه سيفوز بها في غضون أسبوع، وأن بوتين كان مخطئاً على طول الخط؛ حول الأوكرانيين، والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والناطقين بالروسية، وأوروبا، وحلف «الناتو»، ورد فعل المجتمع الدولي، وأيضاً في ما يخص التداعيات الاستراتيجية على روسيا على المديين المتوسط ​​والبعيد.

خبراء.. الجهود الأمريكية لعزل روسيا باءت بالفشل

وقال المصدر إن أول لقاء جمعه ببوتين كان في أغسطس 1980، خلال دورة الألعاب الأولمبية في موسكو، إذ قام الكابيتان الشاب للـ«كي جي بي» القادم من لينينغراد، فلاديمير بوتين، والذي جاء لتعزيز طاقم الأمن في موسكو، باستجوابه في لوبيانكا حول مكالمة هاتفية مع سائح فرنسي اعتبرت طويلة جداً، ومشتبها بها، وأنهما كانا معا في لجنة أمن الدولة (كي جي بي)، الجناح العسكري للحزب الشيوعي، ودخلا في نفس العام معهد أندروبوف، مدرسة النخبة التي دربت الجواسيس، إذ تم دمج جيرنوف في الإدارة «S» الأرقى في الـ«كي جي بي»، بينما اعتبر بوتين غير مناسب لمصلحة التجسس، بسبب «عدم قدرته على قياس عواقب قراراته بشكل صحيح»، وهو أمر خطير للغاية بالنسبة له وللخدمة، إذ تمت إعادته على الفور إلى لينينغراد.