الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

هل يمثل 2027 عام الحسم في قضية تايوان؟

هل يمثل 2027 عام الحسم في قضية تايوان؟

هذا العقد مثير للقلق.. لا سيما الفترة من الآن وحتى عام 2027. (رويترز)

تجدد التركيز على تايوان باعتبارها بؤرة اشتعال خطيرة بشكل متزايد عقب اجتماع وزيري دفاع الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والتي أكد خلالها المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية أن بكين لن تتردد في سحق أي مخطط لاستقلال الجزيرة، تلك التصريحات اعتبرها البعض إنذاراً صينياً يدق طبول الحرب.

قائد القوات الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ حتى العام الماضي، الأميرال فيل ديفيدسون، يقول في تقرير لـ«فايننشال تايمز»: إن هذا العقد مثير للقلق، لا سيما الفترة من الآن وحتى عام 2027، وأرجع قلقه إلى التحسينات المذهلة في القدرات العسكرية الصينية، والجدول الزمني السياسي للرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى جانب التحديات الاقتصادية طويلة المدى في مستقبل الصين.

أعرب ديفيدسون عن اعتقاده هذا في مارس من العام الماضي، وقال للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ إن التهديد بشن هجوم صيني على تايوان سوف يظهر خلال 6 سنوات.

يوافق الأفق الزمني المحتمل لهجوم صيني 2027 الذي حدده ديفيدسون الذكرى المئوية لجيش التحرير الشعبي، والتي فيما يبدو أنه استمدها من رؤية الحزب التي أعلنها خلال نوفمبر 2020 التي تحث على ضرورة ضمان تحقيق هدف البناء العسكري لمدة 100 عام بحلول عام 2027، فضلاً عن تحديث عسكري أسرع يجعل الجيش الصيني مناسباً للحرب الشبكية الذكية، ورغم تشكيك بعض المحللين في موعد ديفيدسون في حينه، إلا أنه بعد مرور عام على شهادته، يقول المسؤولون الحكوميون والعسكريون في كل من تايبيه وواشنطن إن النافذة من الآن حتى عام 2027 تمثل تهديداً حقيقياً.

ورغم أن تهديد الصين بالاستيلاء على تايوان قائم منذ هروب الجيش والحكومة القومية الصينية إلى تايوان في عام 1949 بعد خسارة الحرب الأهلية في البر الرئيسي، إلا أن بكين ركزت منذ فترة طويلة على سحب الجزيرة إلى حدودها عبر إغراءات اقتصادية وسياسية، غير أن العديد من صانعي السياسة داخل تايوان يعتقدون خلال الوقت الراهن في إمكانية أن يختار الرئيس الصيني الحرب قريباً في ظل افتقاد الحزب الشيوعي الصيني الأمل في نجاح الإجراءات الاقتصادية ومع تحديث القوات المسلحة بسرعة كبيرة وفق التقرير.

جرس إنذار

يوضح التقرير أن واشنطن بدورها تحث تايبيه منذ سنوات على أخذ هذا الخطر بجدية أكبر، إلا أن الحكومة والجيش التايوانيين كانوا بطيئين في الاستجابة، غير أن الصراع في أوكرانيا جاء بمثابة جرس إنذار.

تاريخياً، عندما غيرت واشنطن الاعتراف الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين في عام 1979، استبدلت معاهدة الدفاع المشترك مع تايوان بقانون العلاقات مع تايوان، الذي يطالب الولايات المتحدة بمنح البلاد الأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها، والحفاظ على قدرة الولايات المتحدة على مقاومة القوة أو الإكراه الذي من شأنه أن يعرض أمن تايوان للخطر.

وأبقت الولايات المتحدة تفسير قانون العلاقات مع تايوان غامضاً دون تفسير إلى أي مدى يذهب هذا الالتزام، في محاولة لردع بكين عن التفكير في استخدام القوة العسكرية وثني تايبيه عن إضفاء الطابع الرسمي على استقلالها، ورفضت واشنطن توضيح ما إذا كانت ستدخل في حرب بين الاثنين، فيما يبدو أن بايدن قد قلل بشكل كبير من هذا الغموض عندما أجاب عن سؤال أحد المراسلين خلال رحلته الأخيرة إلى اليابان عما إذا كان على استعداد لاستخدام القوة للدفاع عن تايوان، قائلاً: «نعم هذا هو الالتزام الذي قطعناه»، الأمر الذي أضطر البيت الأبيض للتأكيد - كما فعل بعد تصريحات بايدن السابقة المماثلة التي اعتبرها بعض المحللين زلات - أن السياسة الأمريكية تجاه تايوان لم تتغير.

اقرأ أيضاً.. تجنيس الأوكرانيين.. حصان طروادة الروسي في مفاوضات ما بعد الحرب

ويشير التقرير إلى أنه رغم القلق المتزايد بشأن غزو محتمل، إلا أن الإطار الزمني لأي عمل عسكري، والنوايا الحقيقية للصين، لا يزالان موضع نقاش حاد، غير أن واشنطن تتخوف من استخدام الإعلان المسبق بأنها لن تكون طرفاً في الحرب مثلما فعلت في الحرب الأوكرانية، خاصة أن مجرد استخدام العقوبات المالية أو الاقتصادية لن يكون رادعاً للعملاق الصيني لا سيما إذا شعرت أن قدراتها العسكرية وصلت إلى المستوى يمكنها من ضم تايوان، لذا فإن الولايات المتحدة تحاول أن تبقي فكرة مشاركتها في القيام بعمل عسكري واردة في الذهن الصيني.

رئاسية تايوان

يؤكد التقرير أن خبراء من تايوان يرون أن عامي 2024 و 2025 تشكل فترة خطرة بشكل خاص، ويعتقدون أن الرئيس الصيني ربما يميل إلى استخدام القوة إذا فاز الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة في أوائل عام 2024، الذي يصر على الحفاظ على الاستقلال الفعلي لتايوان، أو حال شعر بوجود فراغ سياسي في الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في نهاية 2024، ورغم وجود اتفاق عام على أن الصين تهدف إلى تطوير القدرات اللازمة للهجوم بحلول عام 2027، إلا أنه ما زال هناك جدال حول مسألة النية أو الإجراء الفعلي لدى الصين لضم تايوان.

إلى ذلك بدأت تايوان تضع سياسات إصلاح أسرع وأكثر حسماً لقوة الاحتياط غير المدربة بداية من بناء أنظمة اتصالات واتصالات موزعة، حتى لا تتمكن الهجمات الإلكترونية والصاروخية الصينية من القضاء عليها، مروراً بتقوية أنظمة القيادة والتحكم والتخطيط لإمدادات السلع الأساسية في زمن الحرب، وحتي إسناد المسؤوليات الإدارية للدفاع المدني بما يضمن استعدادهم لصد أي هجوم صيني محتمل خلال عامي 2025 و2027 بحسب التقرير.

ويجادل بعض المحللين بأن مشاهدة روسيا تكافح في أوكرانيا قد تثبت لبكين أهمية التحرك بسرعة من الناحية السياسية، فيما يعتقد بعض السياسيين التايوانيين أن المنافسة الشديدة بين الولايات المتحدة والصين تزيد من المخاطر، وفي هذا السياق قال إريك تشو، رئيس حزب الكومينتانغ المعارض، خلال كلمة ألقاها داخل مركز فكري في واشنطن يوم الاثنين إنه يأمل ألا يتسبب اهتمام الولايات المتحدة في مشاكل داخل آسيا، وتابع: «إنني أقدر أي نوع من المساعدة من الولايات المتحدة ولكن نأمل أن يخف التوتر في السنوات القادمة».