الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

اللون الأبيض .. وجه «فيس بوك» الجديد

أعلن «فيس بوك» الأسبوع الماضي، عن أكبر تغييرات يشهدها تصميم التطبيق على الإطلاق، وأعلنت المنصة الاجتماعية عن التخلي عن لونها الأزرق المميز ليطغى اللون الأبيض على التصميم الجديد، ولكن التطوير يتجاوز بكثير مرحلة الشكل والألوان ليصل إلى فلسفة الشركة ورؤيتها للمستقبل، وبشكل عام يرتكز التحول الجديد على محورين أساسيين: الأحداث Events والمجموعات Groups، وتقول الشركة إنها تجعل المجموعات حجر الزاوية في تطبيق فيس بوك الجديد، بينما تحصل الأحداث على طبقة جديدة من الطلاء والتحسين، وفي نفس الوقت تتراجع منطقة مزود الأخبار News Feed إلى الوراء بعدما كانت مركز التطبيق في وضعه الحالي.

وحول فلسفة التغيير تقول الشركة «هناك عشرات الملايين من المجموعات النشطة على فيس بوك، وعندما يجد المستخدم المجموعة المناسبة لاهتماماته يصبح هذا الجزء هو الأهم عند استخدام التطبيق، واليوم هناك أكثر من 400 مليون شخص ينتمون لمجموعة يجدونها ذات معنى، ولهذا السبب فإن الشركة تعمل على وضع المجموعات في مركز التطبيق، مع تقديم مجموعة من الأدوات الجديدة التي من شأنها أن تسهل على المستخدم اكتشاف مجموعات الأشخاص الذين يشاركونه في الاهتمامات والتفاعل معهم».

التصميم الجديد سيبدأ في الظهور فوراً على أنظمة iOS وأندرويد في جميع أنحاء العالم، كما تعمل الشركة أيضاً على تطوير تطبيقها للعمل عبر أجهزة الكمبيوتر والذي سيصل للمستخدمين خلال الشهور القليلة المقبلة. وربما يكون أكبر تغيير يمكن ملاحظته هو تبويب «المجموعات» الجديد الذي يظهر الآن في الصف الأول من شريط القوائم المعاد تصميمه. وعند النقر عليه سيحصل المستخدم على ملخص من التحديثات من المجموعات المختلفة التي قام بالاشتراك بها، إضافة إلى اقتراحات بمجموعات جديدة يمكن الانضمام إليها اعتماداً على الاهتمامات المختلفة.


هناك ميزة جديدة أيضاً تدعى Meet New Friends، حيث يوسع التطبيق من اقتراحات الأصدقاء الجدد لمساعدة المستخدمين على التواصل مع غرباء عنهم ولكن يمتلكون نفس الاهتمامات المشتركة أو الاتصالات في العالم الحقيقي، مثل الذهاب إلى المدرسة نفسها أو العمل لنفس المؤسسة على سبيل المثال.


ويبذل «فيس بوك» مع التصميم الجديد كل الجهد الممكن لضمان ظهور المجموعات في جميع أجزاء التطبيق، لذا سيبدأ بالترويج لها في مناطق مثل Marketplace وWatch كما سيقدم مجموعة أدوات جديدة للمجموعات مثل تنسيق قائمة للمجموعات المختصة بالوظائف مثلاً، أو المجموعات التي تهتم ببيع المنتجات المستعملة وغير ذلك. وتقول الشركة إنه مع التصميم الجديد سيتمكن المستخدم من النشر في أي مجموعة ينتمي إليها من مزود الأخبار وكأنه ينشر على صفحته الشخصية.

أما بالنسبة للأحداث، فيركز «فيس بوك» بشكل كبير على مساعدة المستخدم في العثور على أحداث تنتمي للمنطقة التي يعيش فيها، ويحتوي تبويب «الأحداث الجديدة» التي تقع بجوار تبويب «المجموعات» في التصميم الجديد على خريطة أكثر ثراء لرؤية الأماكن التي تهمك بالقرب من بعضها البعض، هناك أيضاً تصميم مبتكر يسهل العثور على الأنشطة الجديدة وكذا تنظيم التقويم الخاص بك، والتصفح السريع للأحداث التي يستضيفها أصدقاؤك، وكذلك الأحداث العامة مثل الحفلات الموسيقية والتي يمكن أن تكون مهتماً بها.

تلك التغييرات تبدو وكأنها مفتتح لإعادة تغيير شامل داخل شركة «فيس بوك» لإعادة توصيف نوع الشركة التي تريدها والمنتجات التي ترغب في تقديمها بعد تعهد مارك زوكبيرغ الرئيس التنفيذي بتحويل المنصة الاجتماعية إلى «منصة اتصالات تركز على الخصوصية»، وجزء من هذا التحول يشتمل على ربط تطبيقات المراسلة ومشاركة الصور الثلاثة الكبيرة التي تمتلكها الشركة في خدمة موحدة، على الرغم من المضاعفات التي يمكن أن تنتج عن هذا القرار.

وضمن حزمة التحديثات يحصل تطبيق التراسل «ماسينجر» على فرصته، حيث من المفترض أن يشغل التطبيق الجديد مساحة أقل بكثير على الهاتف، الأمر الذي يعني أنه سيتم تحميله بشكل أسرع من ذي قبل، كما سيكون هناك تطبيق جديد للعمل على أجهزة الكمبيوتر، أما المميزات الأخرى فهي تتعلق بمشاركة الفيديو والتي تتيح إجراء مكالمات جماعية بالفيديو ومشاركة الأشياء والتفاعل معها بشكل جماعي.

ولكن الميزة التي أثارت الجدل أكثر من غيرها فيما أعلنت عنه «فيس بوك» هي ميزة تسمى Secret Crush والتي لا تبدو واضحة بما يكفي، كما أنها ربما تثير الكثير من التعقيدات لاحقاً، وهذه الخاصية سوف تسمح للمستخدم بعمل قائمة سرية من المعارف الذين ربما يكون مهتماً بهم بشكل رومانسي، وهذه القائمة ستكون مخفية عن الآخرين، إلا أنه إذا وضع شخصين كلٌّ منهما في قائمته سوف يخبرهما فيس بوك. وتعتبر الشركة أن هذه الخاصية تأتي ضمن تجهيزاتها لتوسيع خدمات «المواعدة» التي تقدمها في العديد من الدول بالفعل.

ومن خلال هذه التغييرات الكبيرة التي يشهدها التطبيق، تقوم «فيس بوك» بوضع رؤية جديدة للتطبيق الأساسي تبتعد قليلاً عن سيطرة خوارزميات «مزود الأخبار» وفلسفة الشركة القديمة التي كانت تقضي بالتوسع الدائم بأي ثمن، لتتجه ناحية زيادة التواصل مع المجتمعات سواء الكبيرة أو الصغيرة وفقاً للاهتمامات المشتركة أكثر من أي شيء آخر.

للوصول إلى هذه النقلة الجديدة، اقتبس فيس بوك إشارات الطريق من المنصات التي كانت تعتبرها تهديداً دائماً ومنافساً محتملاً مثل Reddit والشبكات الاجتماعية الأخرى التي كانت تحقق النجاح تلو الآخر، ولهذا السبب أصبح زوكبيرغ لا يرى سبباً كافياً للاستثمار في الرؤى القديمة التي عفا عليها الزمن. ولكن هل تنجح تلك الرؤية الجديدة؟ سؤال لن يجيب عنه سوى الزمن.