السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

موسيقى من شباك خيوط العنكبوت

موسيقى من شباك خيوط العنكبوت

موسيقى من شباك خيوط العنكبوت

يتعلم البشر من الكائنات الحية؛ إذ يُتابعون عن كثب عملية إنشاء العنكبوت لشباكه في محاولة لفهم الطرق الفريدة التي يسلكها هذا الكائن لإنتاج الخيوط وتصميمها في بناء فريد قادر على حمل وزن العنكبوت ومقاومة محاولات هروب الفريسة من الفخ.

لكنْ علماء آخرون قرروا سلوك طريق آخر، فالعناكب تستخدم شباكها أيضاً للتواصل فيما بينها. فاهتزاز الشبكة له معنى عند ذلك الكائن. ينجم عن تلك الاهتزازات صوت. قام العلماء في دراسة غير مسبوقة بترجمته إلى «موسيقى العنكبوت».

في تلك الدراسة الفريدة، التي قُدمت في جلسة الجمعية الكيميائية الأمريكية يوم الأربعاء، قدم العلماء عرضاً تقديمياً عن تحويل اهتزازات شبكة العنكبوت لأصوات موسيقية.



قال المؤلف الرئيسي لتلك الدراسة، ماركوس بوهلر: "تعيش العناكب في بيئة من الأوتار المهتزة، فتلك الكائنات لا ترى جيداً، وعوضاً عن ذلك تستشعر عالمها المحيط من خلال الاهتزازات التي لها ترددات مختلفة. تحدث مثل هذه الاهتزازات - على سبيل المثال - عندما يمد العنكبوت خيطاً حريرياً أثناء بناء شبكته، أو عندما تتحرك تلك الشبكة بسبب الرياح، أو بسبب سقوط فريسة.


تساءل بوهلر الذي طالما اهتم بالموسيقى، عما إذا كان بإمكانه استخراج إيقاعات وألحان من أصل غير بشري من مواد طبيعية، مثل شبكات العنكبوت قائلاً «يمكن للشبكات أن تكون مصدراً جديداً للإلهام الموسيقي يختلف تماماً عن التجربة الإنسانية المعتادة». بالإضافة إلى ذلك، يُمكن اكتساب رؤى معمارية جديدة في الهندسة ثلاثية الأبعاد قد تُسفر عن بناء شبكات أكثر قدرة على التحمل.

مع وضع تلك الأهداف في الاعتبار، قام الباحثون بمسح شبكة عنكبوت طبيعية باستخدام الليزر لالتقاط مقاطع عرضية ثنائية الأبعاد، ثم استخدموا خوارزميات الكمبيوتر لإعادة بناء شبكة الويب ثلاثية الأبعاد. عيّن الفريق ترددات صوتية مختلفة لخيوط الويب، وقاموا بإنشاء ملاحظات جُمعت في أنماط بناءً على بنية الويب ثلاثية الأبعاد لتوليد الألحان. ثم ابتكر الباحثون آلة تشبه القيثارة وعزفوا موسيقى شبكة العنكبوت في العديد من العروض الحية حول العالم.

وقام الفريق أيضاً بإعداد تطبيق للواقع الافتراضي يسمح للأشخاص بالدخول بشكل مرئي ومسموع إلى شبكة العنكبوت. قال بوهلر: «إن بيئة الواقع الافتراضي مثيرة للاهتمام حقاً لأن أذنيك ستلتقطان الميزات الهيكلية التي قد تراها ولكن لا تتعرف عليها على الفور من خلال سماعها ورؤيتها في نفس الوقت.. يمكنك حقاً البدء في فهم البيئة التي يعيش فيها العنكبوت».

لاكتساب نظرة ثاقبة حول كيفية بناء العناكب للشبكات، قام الباحثون بإجراء مسح لشبكة العنكبوت أثناء عملية بنائها، وتحويل كل مرحلة إلى موسيقى ذات أصوات مختلفة. وأضاف بوهلر: «تُحدث الأصوات التي تشبه القيثارة الخاصة بنا تغييراً أثناء العملية، ما يعكس الطريقة التي يبني بها العنكبوت شبكته. لذلك، يُمكن استكشاف التسلسل الزمني لكيفية إنشاء شبكة العنكبوت في شكل مسموع».

يمكن أن تساعد هذه المعرفة في ابتكار طابعات ثلاثية الأبعاد تحاكي العنكبوت ما يساعد في تصميم وإنتاج إلكترونيات دقيقة معقدة. وأشار الباحثون إلى أن طريقة العنكبوت في طباعة شبكته رائعة؛ لأنه لا يتم استخدام أي مواد داعمة، كما هو مطلوب غالباً في طرق الطباعة ثلاثية الأبعاد الحالية.

كما يهتم الفريق أيضاً بتعلم كيفية تواصل العناكب مع بعضها البعض. حيث قاموا بتسجيل اهتزازات الويب الناتجة عندما تقوم العناكب بأنشطة مختلفة، مثل بناء الشبكة، والتواصل مع العناكب الأخرى أو إرسال إشارات التودد.

وعلى الرغم من أن الترددات بدت مشابهة للأذن البشرية، إلا أن خوارزمية التعلم الآلي صنفت الأصوات بشكل صحيح في الأنشطة المختلفة. قال بوهلر: «نحاول الآن توليد إشارات تركيبية للتحدث أساساً بلغة العنكبوت». فإذا قمنا بتعريضها لأنماط معينة من الإيقاعات أو الاهتزازات، فهل يمكننا التأثير على ما تفعله، وهل يمكننا البدء في التواصل معها؟