الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

«أنواع غريبة».. تغزو محاصيل أفريقيا

«أنواع غريبة».. تغزو محاصيل أفريقيا

عانت دول أفريقيا على مدى قرون من الغزو الاستعماري. ناضلت القارة من أجل التخلص من المستعمر والتحرر من الظلم والعدوان. وبالفعل، نالت أفريقيا حريتها منذ سنوات بعد طول انتظار. إلا أنه يبدو وكأن قدرها أن تظل مستعمرة على نحو ما. لكن من كائنات أخرى غريبة حطت على أرضها وزاحمت سكانها الأصليين من الحيوانات والنباتات في تربتها وسمائها.

فبحسب تقدير لدراسة جديدة، فإن وجود الأنواع الغريبة الغازية تكلف القطاع الزراعي الأفريقي 3.66 تريليون دولار سنوياً، ما يقرب من 1.5 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لجميع البلدان الأفريقية مجتمعة. وتم نشر النتائج في مجلة CABI Agriculture and Bioscience.

وقدر فريق من الباحثين في غانا وكينيا والمملكة المتحدة وسويسرا أن متوسط ​كلفة الأنواع الغريبة الغازية للقطاع الزراعي في كل بلد أفريقي يبلغ 76.3 مليار دولار سنوياً. وقال الباحثون إنه يوجد تباين كبير بين البلدان في الخسائر، إذ تبلغ كلفة وجود الأنواع الغازية نحو تريليون دولار في نيجيريا، و317 مليار دولار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، و248 مليار دولار في النيجر، و229 مليار دولار في جنوب أفريقيا. وتقدر التكاليف الإجمالية لجيبوتي وغينيا الاستوائية وغينيا - بيساو بنحو 82 مليون دولار في السنة.

ووجد المؤلفون أن إزالة الحشائش الغريبة الغازية من المحاصيل تمثل 99.2% (3.63 تريليون دولار) من إجمالي التكاليف المقدرة التي يتكبدها القطاع الزراعي الأفريقي كل عام من قبل الأنواع الغريبة الغازية. ومن إجمالي تكاليف إزالة الأعشاب الضارة، تمثل إزالة الأعشاب الضارة في محاصيل الحبوب 72 % (2.61 تريليون دولار)، وإزالة الأعشاب الضارة من الذرة والمحاصيل الجذرية تمثل 14 % (508 مليار دولار) وإزالة الأعشاب الضارة تمثل 3.3 % (120 مليار دولار).

وأظهرت التقديرات أن خسائر الأراضي العشبية التي تسببها الأنواع الغريبة الغازية في جميع أنحاء إفريقيا تؤدي إلى خسائر في دخل الثروة الحيوانية أيضاً قدرها 172 مليون دولار سنوياً.

أما مُجمل الأموال التي تم إنفاقها على البحث عن الأنواع الغريبة الغازية في عام 2019 بلغ 1.9 مليون دولار.

وكانت الأنواع الغريبة الغازية التي تسببت في أكبر خسائر في المحاصيل هي العثة والتي تؤثر على نباتات الطماطم ويقدر أنها تكلف القطاع الزراعي 11.4 مليار دولار في خسائر المحاصيل سنوياً.

وقال المؤلف الأول للدراسة، رينيه إشن في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»: «تكشف الدراسة عن مدى وحجم الآثار الاقتصادية للأنواع الغريبة الغازية في القطاع الزراعي في واحدة من أقل القارات التي يتم دراسة المشكلة فيها».

وأضاف إشن، إن مقدار خسائر الغلة «مهولة»، كما أشار أيضاً إلى أن الأنواع الغازية تُسبب انخفاض الدخل من الثروة الحيوانية.

وحذر المؤلفون من أن النتائج التي توصلوا إليها قد تكون أقل من الرقم الحقيقي للكلفة الاقتصادية الحقيقية للأنواع الغريبة الغازية للقطاع الزراعي، حيث ركز تحليلهم على الأنواع التي لها حالياً أكبر تأثير اقتصادي ولم يشمل التكاليف المتعلقة بمبيدات الأعشاب الكيميائية المستخدمة لمكافحة الآفات والأمراض.

وتسلط النتائج الضوء على الحاجة إلى تدابير تمنع الأنواع الجديدة من الوصول والأنواع المستقرة من الانتشار والتي تقلل من تكاليف الإدارة للأنواع الحالية والمؤثرة على نطاق واسع من خلال طرق مثل المكافحة البيولوجية. وهو ما سيؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج المستقبلية، وتقليل خسائر الغلة، وتحسين سبل عيش المزارعين وغيرهم من مستخدمي الأراضي المتضررين.

وبصرف النظر عن الكلفة الواضحة لفقدان الغلة وخسارة الدخل المشتق من الثروة الحيوانية تكشف الدراسة الكلفة الهائلة لإزالة الأعشاب الضارة في حقول المحاصيل. قال إشن: إنه «لا يتم احتساب إزالة الأعشاب الضارة عادةً كجزء من الاقتصاد الرسمي».

تأتي هذه الدراسة بعد قمة السياسات حول الأنواع الغازية التي عقدت في عام 2019، حيث قرر 70 مندوباً من دول مختلفة يمثلون صناع السياسات والأبحاث والقطاع الخاص والمجتمع المدني من جميع أنحاء أفريقيا، تطوير استراتيجية وخطة عمل لمحاربة الأنواع الغريبة الغازية. كانت إحدى المهام التي تم تحديدها خلال القمة تحديد تكلفة الأنواع الغازية.

قال إشن: «بالنسبة لأفريقيا كانت مهمة صعبة لأن البيانات المتاحة قليلة ومصدرها إلى حد كبير عدد قليل من البلدان هذا هو السبب في أننا أجرينا مسحاً لاستكمال البيانات الواردة في الأدبيات ومن ثم استقراء تقديرات كل وحدة للبلدان التي تعاني من نقص البيانات».

ويأمل إشن أن تزيد الدراسة من الوعي بتأثيرات الأنواع الغريبة الغازية والحاجة إلى التخفيف من هذه الآثار، حيث تسلط النتائج الضوء على تأثيرات هذه الأنواع على سبل عيش العديد من الناس.