الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

التكنولوجيا والأخلاق في اقتصاد فيروس كورونا

التكنولوجيا والأخلاق في اقتصاد فيروس كورونا

يبدو أن الأعوام العشرة القادمة ستعيد تعريف أركان الاقتصاد العالمي، وسيكون لـ كوفيد-19 دور إلى حد كبير. حتى كتابة هذه السطور، هناك 3,741,244 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا حول العالم.

تنبأ إريك شميت (رئيس شركة غوغل والمدير التنفيذي السابق لها) مؤخراً، بأن وباء كورونا يعزز من قوة شركات التكنولوجيا الكبيرة. وهذا صحيح فمن الواضح أنّ شركات التكنولوجيا الكبيرة والشركات الرقمية الأخرى تعدّ المستفيد الوحيد.

خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، بلغت القيمة المجمعة لأكبر 5 شركات - إكسون موبيل وشركة جنرال إلكتريك، ومايكروسوفت، و AT&T، وبروكتر آند غامبل، 1.6 تريليون دولار، واليوم بلغت شركة مايكروسوفت تلك القيمة بمفردها تقريباً، وارتفع معدل تحميل تطبيق بيلوتون 5 أضعاف خلال شهر واحد، وعدد مستخدمي تطبيق زووم إلى 200 مليون مستخدم، بعد أن كان 10 ملايين فقط في ديسمبر، وتضاعف عدد مستخدمي تطبيق إنستاكارت 6 مرات في غضون تلك الفترة.



ثمة تحول هائل يجري على قدم وساق ويعزز صراحة من قوة ونفوذ شركات التكنولوجيا، كما أنه يسرع العواقب الاقتصادية التي تسحق الضعفاء، وثمة قضايا أخلاقية خطيرة يجب مراعاتها.


سلط فيلم وثائقي حديث بعنوان «هل تثق في هذا الكمبيوتر؟» الضوء على إيلون ماسك المحموم الذي يدق جرس الإنذار بشأن قدرة الآلات على تدمير البشرية. كما أشار ستيفن هوكينج إلى أنه في حين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر للمجتمع فوائد كبيرة، فمن الممكن جداً أن يخرج عن نطاق السيطرة وينهي الجنس البشري. كان بيل جيتس أقل قلقاً، لكنه انضم إلى معسكر أولئك المتوجسين من الذكاء الاصطناعي. وكان بيل صريحاً جداً قبل سنوات حول المخاطر التي تشكلها الأوبئة ونقص استعدادنا لها.

كان لهؤلاء الرجال الثلاثة تأثير كبير على العالم بسبب التكنولوجيا، فقلقهم العميق متجذر في حقيقة أنه بمجرد خروج المارد من القمقم، فإنه سيصنع ويمنح رغبات لنفسه دون اعتبار للإنسانية. واليوم بوجود كوفيد-19 في الواجهة، يفكر كثير من الناس على هذا النحو أيضاً.

يستمر التطور الخوارزمي وقوة الكمبيوتر في التطور بسرعة فائقة، ويستمر استثمار رأس المال الجاد على هذه الجبهات. ويستمر السعي الحثيث نحو الآلات الذكية وعالم التقنية الأول.

يعتقد دكتور جيمس مور، وهو مفكر بارز في مجال تقاطع الأخلاقيات والتكنولوجيا، أن استخدام وتطوير التكنولوجيا لها تأثيرات تحويلية على المجتمعات. ويؤكد على أنه مع تزايد تأثير التكنولوجيا، يزداد تعقيد القضايا الأخلاقية المحيطة بها، وذلك لأن التكنولوجيا التحويلية تعزز من مسارات العمل التي تتجاوز أنظمة الحوكمة والبنى الأخلاقية بحيث تعجز عن كبحها.

فهل تخيل زوكربيرغ، أن اختراعه سيكون له هذا الأثر المحوري في نتائج انتخابات 2016؟

لقد أصبحت الأنظمة التقنية المترابطة جزءاً من كل جانب من جوانب المجتمع، بدءاً من الهندسة الحيوية إلى قرصنة الدماغ وعلم الكمبيوتر العصبي والأصول الرقمية والأسلحة الذكية وتريليونات من الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء - والقائمة تطول.

يجب الانفتاح على الابتكارات والاستفادة، لكن يجب أيضاً الالتزام بالتنمية التكنولوجية المستدامة والتي لا تفشل في تسليط الضوء على كرامة الإنسان وتعميق المساواة الاقتصادية الشمولية الواسعة، وقد وضعت جميعها قيد الاختبار في ظل انتشار كوفيد-19.

والمثال ما حدث في الآونة الأخيرة، حيث استقال تيم براي، نائب الرئيس والمهندس في أمازون ،AWS بسبب معاملة الشركة للموظفين، ونُقل عنه: تعامل أمازون البشر في المستودعات كوحدات قابلة للاستبدال، حسب إمكانات التجميع والتغليف. وهذا لا ينطبق على أمازون فقط، ونحن بحاجة إلى وضع حواجز حماية قانونية موضع التطبيق للحد من هذه الأشياء .

منذ سنوات، أشار الاقتصادي بيتر دراكر، إلى أن التكنولوجيا قد تحولت من خادم إلى سيد، وفيما يتعلق بخط التجميع، قال: لا يستخدم نقاط القوة لدى الإنسان، بل يخضع القوة البشرية لمتطلبات الآلة.

اقتباس دراكر، هو في صميم وضعنا الحالي، يحدث على نطاق وسرعة يصعب فهمها، ويحول الفجوة الرقمية بيننا نحن والتكنولوجيا إلى وادٍ رقمي سحيق.