الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

السياسيون يرغبون بترويض عمالقة الاقتصاد الرقمي

السياسيون يرغبون بترويض عمالقة الاقتصاد الرقمي

سلطت الأحداث الأخيرة الضوء مرة أخرى على قدرة منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك على تشكيل الخطاب العام.

تقول «فوربس» إن كلاً من الرئيس دونالد ترامب والسيناتور إليزابيث وارن يتفقان على أن شركات التكنولوجيا المتقدمة تتمتع بسلطة كبيرة ولا بد من وضع حد لها والتهديد «بتفكيكها».

وتوضح فوربس كيف تحقق المفوضية الأوروبية بجدية في قضايا مكافحة الاحتكار الموجهة ضد أمازون مثلاً؛ حيث أثار العديد من الاقتصاديين البارزين بما فيهم كروغمان وستيغليتز وروجوف مخاوف بشأن الآثار المترتبة على زيادة تركيز وتجمع السوق في يد واحدة. كما انضم إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إلى الجوقة أيضاً.



لكن ترى فوربس أن هذا النوع من المواقف السياسية يطرح أسئلة مسبقة وهي: ما نوع السلطة التي تمتلكها منصات التكنولوجيا المتقدمة، ولماذا تمتلك الكثير منها أساساً؟


وتعرض «فوربس» ما يقدمه أوليفر ويليامسون، الحاصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 2009 (إلى جانب إلينور أوستروم)، من توضيحات هامة لما يحدث.

وتقول: «إن ويليامسون، الذي توفي في 21 مايو 2020، كان الأكثر قدرة على مساعدتنا في فهم سبب قيام الشركات ببعض الأنشطة ذاتياً في حين تتعاقد من الباطن مع شركات خارجية من أجل القيام بأنشطة أخرى. كما يساعدنا أيضاً في فهم الجدل السياسي المستمر حول دور الشركات الكبيرة في الاقتصاد الحديث».

قوة السوق في الاقتصاد الجديد

ترى فوربس أن الاحتكار من قبل القلة أصبح أكثر وضوحاً عبر القطاعات، ويتضح هذا عند النظر إلى غوغل وأمازون وأبل ونيتفليكس وتويتر. فهذه كلها منصات رقمية تمثل أسواقاً متعددة الجوانب وبالتالي تتمتع بتأثيرات قوية على الشبكة، وتجمع غوغل وأبل، على وجه الخصوص، بين مزودي الشبكات اللاسلكية وصانعي الرقائق ومطوري التطبيقات ومصنعي الهواتف والمعلنين والمستهلكين.

وتضيف، أن البعض يرى أن هذا النوع من تركيز السوق يمنح عمالقة التكنولوجيا سلطة هائلة، ويفترض الناس على جانبي الطيف السياسي أن هذه الشركات تسيء استخدام هذه السلطة وتسبب الضرر أكثر من المنفعة، وبالتالي يجب تفكيكها.

ولكن يرى ويليامسون، أن حجم الشركة يعد مشكلة فنية في الدرجة الأولى، سواء كانت منصة رقمية أو صناعة ثقيلة في الاقتصاد القديم، حيث تستخدم الشركات بجميع أنواعها أصولاً باهظة الثمن مصممة خصيصاً لوظائف محددة للغاية يصعب إعادة تأهيلها لاستخدامات بديلة، وتشمل أشياء مثل الآلات والعمال المهرة والبرامج.

على سبيل المثال، عند إنتاج أجهزة الآيفون في شنجن، الصين، فإن هذا يعني أن شركة أبل معرضة للخطر: قد يقوم مصنع فوكسكون، دون سابق إنذار، بتحويل نقاط الهدف ويطالب بخصم أكبر من الأرباح من مبيعات الهواتف الذكية، وذلك لأن المصنع متخصص في إنتاج الاحتياجات الخاصة لشركة أبل، وبمعنى آخر، فإن أبل مقيدة بهذا التخصص. وبالمثل، فإن شركة فوكسكون معرضة لأن تفعل شركة أبل الشيء نفسه أي أن تطالب بحصة أكبر من الغنائم، حيث لا تستطيع فوكسكون ببساطة قطع العلاقات مع أبل وبيع قطع غيار مثلاً بدلاً من أجهزة آيفون غداً.

وترى فوربس أنه في حين أن هذه المعضلة قد لا تؤثر على المدى القصير إلى هذا الحد، وتؤدي فقط إلى تقسيم جديد للفطيرة، لكنها تعني على المدى الطويل أن أياً من الشركتين لن تحصل على العوائد من استثماراتها التي توقعتها.

كيف يؤثر الابتكار المكلف على حجم الشركة

توضح فوربس أنه مع ارتفاع كلفة البحث والتطوير وابتكار التقنيات الجديدة، ترغب الشركات في العمل على نطاق كافٍ يوافق بين حجم الإنتاج والاستثمارات الضخمة. ومثال ذلك صناعة السيارات العالمية، ونظراً لأن تكاليف إنتاج نماذج جديدة مرتفع للغاية، خاصة مع إدخال تقنيات جديدة، فإن الأمر يستدعي إيجاد سوق عالمي لتحمل هذه التكاليف، وألا يكونوا تحت رحمة المقاولين الخارجيين، وفقاً لمنطق ويليامسون.

إذن، لماذا يريد السياسيون تفكيك الشركات الكبرى؟

تشرح فوربس أنه في نهاية المطاف، زاد حجم الشركة في المقام الأول بسبب الضرورة التكنولوجية، أي للاقتصاد في تكاليف البحث والتطوير والوصول إلى المقاييس العالمية لتحمل التكاليف الثابتة المرتفعة.

وترى فوربس أنه من الصعب جداً العثور على أي دليل على أن شركات التكنولوجيا الكبرى التي تقترب قيمتها من تريليون دولار تقيد العرض وترفع أسعار المستهلكين بالطريقة التي تفعلها الاحتكارات السيئة الكبيرة.

بل على العكس من ذلك، يقدم فيسبوك وغوغل منتجاتهما مجاناً للمستهلكين.

كيفية التعامل مع الشركات المبتكرة التي كبرت

يقترح السياسيون أن نمو الشركات في الحجم، يقضي على المنافسين، وهذا يمكن أن يضر المستهلكين.

وتطرح فوربس سؤالاً، كيف نتجنب الأذى من الشركات المبتكرة ونشجع الابتكار؟ وتجيب: قد يكون حجم الشركات ضرورياً إذا أردنا أن تواصل الشركات الابتكار.

لهذا السبب ولأسباب أخرى، ربما لا يكون تفكيك الشركات هو الحل في الاقتصاد الرقمي.

وبدلاً من ذلك، ترى فوربس أنه يمكن لمزيج من التشريعات القانونية والتنظيم الذكي أن يحمي المجتمع عندما تستخدم الشركات حجمها بطرق ضارة.

وتختم فوربس بما يوضحه ويليامسون: «تحطيم الشركات الكبيرة ليس حلاً، ويجب أن يدرك السياسيون أن حل السلوك الاحتكاري لا يكمن في قتل الابتكار عن طريق تفكيك الشركات».