السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

سيلفي الإنستغرام.. متنفس الشباب الإيرانيين الأخير

بعد اندلاع الاحتجاجات الكبيرة في جميع أنحاء البلاد وعمليات الإغلاق بسبب انتشار جائحة وباء كورونا اتخذ إنستغرام الإيراني منعطفاً سياسياً بلا ريب.

يُلزم القانون الإيراني الفتيات بالالتزام بمستوى معين من الحشمة في الأماكن العامة، وكما لا يجوز على إنستغرام ارتداء قمصان بلا أكمام، أو التبرج.

لكن في الواقع وبصفته آخر منصة وسائط اجتماعية مفتوحة في إيران، يقدم إنستغرام لمحة نادرة عن الحياة الداخلية للإيرانيين كل يوم.



وراح قلق النظام الإيراني بشأن منصة كان يُنظر إليها سابقاً أنها ليست أكثر من شبكة اجتماعية بسيطة، يتصاعد خاصة بعد الاحتجاجات الكاسحة المناهضة للنظام الإيراني العام الماضي.


وبدلاً من صور السيلفي، أصبح إنستغرام منصة للتغيير السياسي في إيران، ما أدى إلى تحرك المخبرين الحكوميين لمراقبة التطبيق. وهكذا ينتشر القمع من الشوارع الإيرانية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجبر الإيرانيين على إعادة ضبط وجودهم على الإنترنت.

آخر منصة للتواصل الاجتماعي

إنستغرام هو منصة التواصل الاجتماعي الوحيدة التي يمكن للإيرانيين الوصول إليها بدون VPN إذ بعد حظر تويتر وفيسبوك عام 2009، وتلغرام عام 2018، أصبح التطبيق هو المنفذ الأكثر شعبية في البلاد، وله أكثر من 24 مليون مستخدم. (الرئيس الإيراني حسن روحاني لديه حوالي 2.3 مليون متابع على حسابه على إنستغرام).

ونمت شعبيته خلال جائحة كوفيد-19 التي ضربت إيران في يناير وتسببت في أكثر من 42 ألف حالة وفاة حتى الآن، ومع انتشار الفيروس بمعدل لا يمكن السيطرة عليه، أبقى الوباء الناس في الداخل وعلى الإنترنت لأسابيع متتالية.

بدأ التدقيق الرسمي في إنستغرام يتكثف في ديسمبر 2018، حيث أعلنت وحدة الشرطة الإلكترونية الإيرانية عن مبادرة غير مسبوقة وجندت 42 ألف متطوع للتجسس على صفحات الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي فبراير 2019، قام عدد من «المؤثرات» الإيرانيات على إنستغرام بحذف صورهن دون حجاب وغيرن سيرهن الذاتية وأضفن: «تابع قوانین جمهوري إسلامي إیران»: (هذا الحساب يلتزم بقوانين الجمهورية الإسلامية).

ونشرت العديد من الحسابات عبارات الولاء للنظام على الإنترنت بحلول نوفمبر من ذلك العام، عندما اعتقلت السلطات 7000 متظاهر وأغلقت الإنترنت في البلاد لأكثر من 20 يوماً، وتصاعدت التوترات إلى درجة الغليان.

الجماليات السياسية

في حين أن إنستغرام لا يجذب عادة نوع النقاش السياسي الذي قد يراه المرء على تويتر أو فيسبوك، فقد تطور استخدام التطبيق كوسيلة للتنظيم أثناء الوباء.

ففي الولايات المتحدة حينما ألهمت حركة «حياة السود مهمة» أعداداً كبيرة من مستخدمي إنستغرام لإنشاء صور سياسية مبهجة من الناحية الجمالية، أصبحت المنصة موطناً لشكل جديد للمحتوى، وفي إيران، غمرت الرسائل السياسية المماثلة الجداول الزمنية للمستخدمين بعد احتجاجات العام الماضي.

أصبحت ميزة البث المباشر في إنستغرام أيضاً وسيلة للمؤثرين ذوي الدوافع السياسية للتواصل مع مئات الآلاف من المشاهدين داخل وخارج إيران.

تستخدم الناشطة مهدية غولرو إنستغرام كمنصة لنشاطها، غولرو التي فرت إلى السويد بعد 93 يوماً قضتها في سجن إيفين سيئ السمعة في إيران، ظهرت على إنستغرام عدة مرات طوال أشهر الربيع الماضي.

نشرت مهدية مقاطع الفيديو الخاصة بها على IGTV، والتي يبلغ متوسط عدد مشاهديها 3000 تستهدف الجمهور الإيراني، وتتناول مواضيع محظورة مثل قوانين ختان الإناث والطلاق.

في يوليو كان إنستغرام غارقاً بالرسوم السياسية التي تحمل هاشتاغ #Stop_Executions، حيث احتج الإيرانيون - ونجحوا في وقف - حكم الإعدام الصادر على 3 شبان شاركوا في المظاهرات الجماهيرية المناهضة للنظام الإيراني في نوفمبر.

ومع ذلك، فإن القيام بذلك في إيران ينطوي على خطر الاعتقال والسجن.

في يونيو، أطلق محمد قمي، مدير منظمة التنمية الإسلامية، خطبة في البرلمان المتشدد الجديد ضد منصة التواصل الاجتماعي، زاعماً أنها مصدر الفسق وثلث الجرائم الإلكترونية في البلاد.

لكن إغلاق آخر شبكة تواصل اجتماعي مفتوحة في البلاد، تحظى بشعبية لدى الإيرانيين من جميع الأطياف، يمكن أن يحفز رد فعل عنيف تسعى السلطات إلى تجنبه.

وبالنسبة للمستخدمين الشباب، فإن الحديث عن الحظر ليس مدعاة للقلق، فلا مشكلة. لديهم شبكات VPN.

لكن أدى التهديد المتزايد بالاعتقال إلى توقف مستخدمي إنستغرام الإيرانيين الذين رأوا في المنصة ذات مرة مساحة آمنة للنشر بحرية.