الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«البودكاست» عنصر الحسم لخدمات «بث الموسيقى»

«البودكاست» عنصر الحسم لخدمات «بث الموسيقى»
مع نهاية شهر ديسمبر الماضي، بدأت «سبوتفاي» أكبر الشركات المتخصصة في خدمات بث الموسيقى والأغاني في تقديم محتوى صوتي جديد لمشتركيها، هذه المرة كان الحلقات الأولى من «بودكاست» حصرية يقوم بتقديمها الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل. أمازون التي بدأت في تقديم خدمات البث الصوتي عبر الإنترنت في سبتمبر الماضي أعلنت استحواذها على شركة «ووندري» وهي واحدة من أكبر منتجي «البودكاست» في العالم بملغ 300 مليون دولار، بالإضافة إلى التعاقد مع نجوم كبار مثل «ويل سميث» لتقديم برامج عبر خدمتها الصوتية الجديدة.

هذه الخطوات، تظهر أولاً حجم التنافسية في السوق الذي ينمو بسرعة لتقديم خدمات البث الموسيقي عبر الإنترنت، والذي يحاول اللاعبون الكبار فيه توسيع نطاق المحتوى الذي يقدمونه للمستهلك، وعدم اقتصاره على الموسيقى والأغنيات فقط.

الصراع على الصفقات الرابحة هي الملمح الأبرز في هذه الصناعة، خاصة منذ أعلن دانيال إبك، الرئيس التنفيذي لشركة «سبوتيفاي» أن الصوتيات وليست الموسيقى فقط ستكون هي مستقبل شركته، ومنذ ذلك الحين استثمرت الشركة الملايين في إنتاج البودكاست، واستحوذت على عدد من الشركات المتخصصة في إنتاج الصوتيات وتكنولوجيا الإعلانات مثل أنكور وميغافون وغيرها، بالإضافة إلى إنتاج البرامج المختلفة، ففي مايو الماضي دفعت 100 مليون دولار لبرنامج «تجربة غو روغان»، بينما قامت شركة أبل أكبر موزع بودكاست في العالم بالاستحواذ على شركة «سكوت إف إم» وهو تطبيق شهير للبودكاست وتعاقدت مع كبار النجوم مثل أوبرا وينفري.

بشكل عام، تحقق البودكاست غالبية إيراداتها من الإعلانات، وطبقاً لشركة أوميديا المتخصصة في بيانات الصناعة، فقد حققت البودكاست إيرادات بلغت 1.3 مليار دولار فقط من الإعلانات العام الماضي، وهو الرقم الذي يعادل 6% فقط من مبيعات صناعة الموسيقى المسجلة، أو إيرادات فيلم واحد من أفلام هوليوود ذات الإنتاج الضخم. وهو ما يثير الأسئلة حول أسباب الضجة الكبيرة المحيطة بعالم هذه الصناعة.

واحد من أهم الأسباب هو النمو السريع، حيث تشير تقديرات الخبراء إلى أن عدد المستمعين لبرامج البودكاست سوف يتجاوز 2 مليار شخص بحلول 2025، وذلك صعوداً من 800 مليون شخص في عام 2019، الأمر الذي يعني زيادة مبيعات الإعلانات 3 أضعاف تقريباً، لتصل إلى ما يعادل 3.5 مليار دولار، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي مع المعلنين الذين يمكنهم شراء العديد من المواقع الإعلانية داخل البرنامج الواحد.

أما السبب الثاني لهذا الاهتمام، فهو أن البودكاست يسمح لشركات تقديم وبث الخدمات الموسيقية بامتلاك المحتوى، وهو الأمر الذي لا يمكنهم فعله مع الموسيقى، فالغالبية العظمى من الألحان والمقطوعات في العالم مملوكة لثلاث شركات تسجيل كبرى، والتي تحصل على ما يقرب من 70% من عائدات شركات البث، وبغض النظر عن حجم نمو شركات البث، تجد شركات مثل «سبوتفاي» أن التكاليف ترتفع مع معدلات النمو، ولكن الكلفة الثابتة لبرامج البودكاست تعني أن النمو يمكنه أن يعزز هامش الربح.

وأخيراً، تمنح القدرة على امتلاك البودكاست، خدمات البث لتمييز أنفسها، وتقديم الكثير من المحتوى الحصري لمشتركيها، خاصة وأنه على عكس خدمات بث الفيديو، فإن شركات بث الصوتيات المختلفة مثل سبوتيفاي وأمازون وأبل تتحرك ضمن إطار نفس المكتبة الغنائية التي تتضمن نحو 40 مليون أغنية، ويرى المطربون أن خدمات البث ليست أكثر من وسيلة للترويج لحفلاتهم الحية التي تحقق الأرباح الحقيقية ولذا فإن أغلبهم يرفض أن تكون أعماله حكراً على خدمة بث واحدة، أما البودكاست الأصلي فمسألة مختلفة تماماً وله قدرة فعالة على جذب المعجبين، وبالتالي التنافس على حصة الاشتراكات في السوق النامي.

انتقال سبوتفاي للاستثمار في مجال البودكاست ساعد على مضاعفة سعر سهمها في البورصة هذا العام، ولكن الوضع سيكون مختلفاً في المستقبل القريب مع دخول المنافسين مثل أمازون وأبل لتقديم حزم متكاملة من الخدمات الترفيهية التي تتضمن الصوتيات والفيديو والألعاب وغيرها، الأمر الذي يعني قدرتهم على جذب النجوم بوعود تقديم برامج تلفزيونية أو كشخصية في إحدى الألعاب، بالإضافة إلى ذلك يعتمد عمالقة التكنولوجيا على تفوقهم في مجال الأجهزة، حيث تأتي أجهزة موبايل «آيفون» مزودة بتطبيق بودكاست في الوضع الافتراضي، بينما تأتى مكبرات الصوت من أمازون مع خدمة الموسيقى الخاصة بالشركة.