السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

القطاعات الأسرع تعافياً والأكثر تضرراً جراء نقص الرقائق

القطاعات الأسرع تعافياً والأكثر تضرراً جراء نقص الرقائق

ساهم النقص الحاصل في رقائق الحوسبة الإلكترونية في إحداث اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، امتدت طوال مدار العامين الماضيين. وفي هذه الآونة، تلوح في الأفق بعض ملامح التعافي في هذا القطاع، ولكن بتوترات متفاوتة، إذ نتوقع أن تشهد بعض القطاعات انتعاشاً مع نهاية هذا العام، وسيتأخر البعض الآخر حتى عام 2024 أو ما بعده.

وصنفت دراسة تحليلية أجرتها شركة بين أند كومباني، القطاعات الأكثر تضرراً والأسرع في تحقيق التعافي.

السيارات

أشارت الدراسة إلى أن قطاع السيارات والصناعة من بين القطاعات الأكثر تضرراً نتيجة نقص الرقائق الإلكترونية، إلا أنها ستكون الأسرع في تحقيق التعافي، ومن المتوقع أن ينعكس ذلك من خلال كمية الإنتاج المعروض الذي سنشهدها أواخر 2022 ومطلع 2023.

وأوضحت الدراسة أن منتجات قطاع السيارات تعتمد بشكل كبير على فئتين من الرقائق وهما مقاس 12 بوصة متطورة، ورقائق مختلفة بحجم 6 بوصات و 8 بوصات في حين أن هذه الفئات ستشهد تعزيزات في القدرة الإنتاجية بشكل ملموس خلال 9 - 12 شهراً، والسبب في ذلك هو المنتجات الجاهزة الجديدة التي ستتوفر عبر الإنترنت

وتشكل هذه الأنواع من الرقائق أكثر من 90% من أشباه الموصلات التي تستخدمها شركات السيارات والشركات الصناعية.

الإلكترونيات الاستهلاكية

توقعت الدراسة أن يشهد قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية، والذي يندرج تحته الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية خلال العام المقبل وما بعده، حيث تعتمد هذه المنتجات على الرقائق المصممة بمقاس 6 بوصات و8 بوصات، و12 بوصة، والتي سيزداد حجم إنتاجها.

القطاعات المتضررة

من جانب آخر، خلصت الدراسة إلى أن النقص الراهن بأشباه الموصلات سيؤدي إلى إلحاق الضرر في العديد من القطاعات حتى عام 2024، ومنها وحدات تحكم الألعاب، وخوادم الكمبيوتر، حيث ازداد الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير خلال فترة جائحة كوفيد -19، والمعروض في الأسواق يندرج تحت الرقائق «النازفة»، ولكن إنتاج الركائز المتقدمة توقف وبالتالي تراجع المعروض منه في الأسواق.

ويعاني موردو هذه المنتجات من انخفاض الموارد المالية اللازمة لبناء المصانع المخصصة لإنتاج الركائز المتقدمة الخاصة بهم، والعمل بسرعة لتغطية الطلب المتزايد.

وتشكل الرقائق المتطورة التي تعتمد على هذه الركائز ما يقارب 50% من أشباه الموصلات المستخدمة في الخوادم وأكثر من نصف المستخدمة في وحدات تحكم الألعاب.

ولأن النقص الحاصل في إنتاج الرقائق سيستمر خلال المستقبل المنظور، عكفت العديد من الشركات على التحول من منهجية رد الفعل إلى وضع استراتيجية استشرافية تمتاز بالمرونة لتوريد أشباه الموصلات. إذ تتبع الشركات الرائدة نهجاً يقوم على مبدأين أساسيين يعتمد أولهما على بناء استثمارات جريئة لمعالجة اضطرابات التوريد قصيرة الأجل، ويقوم ثانيهما على تهيئة الشركة ووضع خطط بديلة طويلة الأجل تمتاز بمرونة أكبر. وفيما يلي بعض أفضل الممارسات الناشئة.

ومن ناحية أخرى استعرضت الدراسة عدداً من الحلول وأفضل الممارسات الناشئة للشركات والقطاعات المتضررة من نقص الرقائق والتي كانت ضمن فئتين حلول قصيرة المدى وحلول طويلة المدى.

الحلول قصيرة المدى

نوهت الدراسة بأن وضع خطة تصميمية لتوفير المنتجات لدى الوصول لمرحلة الخسارة في قطاع المبيعات نتيجة حدوث اضطرابات في سلاسل التوريد، وتعمل الشركات الرائدة على إعادة تصنيع المنتجات الحالية بسرعة، وذلك بهدف إيجاد حلول لنقص المكونات الأساسية في القطاع. ولمعالجة قضية نقص الرقائق، قد تلجأ الشركات إلى إزالة الميزات غير الأساسية المدعومة بالرقائق غير المتاحة، أو تقليل تخصيص المنتج، أو استيراد أجزاء الرقائق من عدة موردين، أو تصنيع منتجات جديدة تعتمد على الرقائق المتاحة، وتخدم مجالات السوق غير المستغلة. وتعمل الشركات الأكثر نجاحاً على استخدام فريق متمرس متعدد الوظائف يتمتع بالمهارات المناسبة، لإعادة التصميم بسرعة وفعالية، ومنحه مجموعة من الأهداف والحوافز الواضحة لتنفيذ المشروع في الوقت المناسب.

صياغة الطلب

يؤدي قطاع المبيعات والتسويق دوراً حيوياً في الاستجابة لأزمات التوريد. ويعتبر أحد الأساليب الفعّالة في هذا المجال لتوجيه اهتمام العملاء نحو المنتجات المتاحة على نطاق واسع، من خلال رفع أسعار المنتجات التي تأثرت نتيجة النقص الحاصل، أو الترويج بشكل أكبر للمنتجات المتاحة في الأسواق. وتعمل إحدى شركات التكنولوجيا على وضع خوارزمية تعتمد مبدأ تعلم الآلة لمتجرها عبر الإنترنت، فعندما يُظهر المتسوق اهتماماً بمنتج منخفض العرض، يوصي الموقع الإلكتروني بمنتج آخر يتوفر بصورة أكبر ويمتلك مواصفات أفضل.

الحلول طويلة المدى

تصميم حلول مرنة

تعمل الشركات الرائدة باستمرار على تحسين منتجاتها بهدف زيادة المرونة، والعمل بشكل استباقي على تطوير المنتجات قبل حدوث اضطرابات في التوريد. ومن خلال عملنا مع العملاء وتحليل المشهد العالمي، وجدنا أن العديد من السمات المحددة عادة ما تؤدي إلى تحسين احتمالات نجاح استراتيجية المرونة. وتشمل تلك السمات تقليل عدد أجزاء المنتج، وإعادة استخدام المكونات، واعتماد مناهج التصميم القياسية، وبنية المنتج المرنة قدر الإمكان، وفصل البرامج عن الأجهزة. فعلى سبيل المثال في حالة نقص الرقائق، كلما قل عدد «الخطافات» التي يحتوي عليها المنتج في السيليكون كان ذلك أفضل.

تعزيز القدرات لخلق فهم أعمق لسلاسل التوريد

ارتفعت فرصة إمكانية تتبع أجندات سلاسل التوريد في العديد من الشركات، حيث إن اتباع هذا المبدأ يدعم أهداف الاستدامة، ويساهم بشكل فعّال في زيادة الكفاءة والمرونة.

وتتيح إمكانية التتبع، التي جرى تمكينها من خلال الأدوات الرقمية، للشركات متابعة المنتجات أثناء مسيرها على طول سلسلة القيمة، وجمع المعلومات الدقيقة بسرعة بشأن مصدر المدخلات، وممارسات الموردين. وتمكن هذه البيانات الشركات من وضع خطط ممنهجة عملية، والتفكير بالسيناريوهات المقترحة للتنفيذ، ما يساهم في تحسين العمليات بصورة تفاعلية.

كما تواجه الشركات النقص المحتمل من خلال إنشاء أنظمة مراقبة سلاسل التوريد، لجمع معلومات عن وضع السوق في الوقت الفعلي، وتحديد مجالات النقص في العرض للمكونات التي تعتمد عليها بشكل أساسي في عملياتها الإنتاجية.

الاستثمار في الابتكار لسلسلة القيمة

خلال هذه الفترة التي تزداد فيها اضطرابات التوريد بشكل متكرر وملحوظ، تدرك الشركات الرائدة أن مناهج سلاسل التوريد التقليدية لن تضع حلاً لهذه المشكلة. ويتمثل أحد أنواع الشراكة التي لاقت رواجاً كبيراً، في دفع الشركة لمورّدها لدعم قدرتها الإنتاجية، وضمان الحجم المتفق عليه من المنتج لطرحه في الأسواق بيد المشترين. وتعمل الشركات الرائدة على تجديد نموذج التشغيل الخاص بها، بهدف تحسين هيكلية التعاون بين القطاعات المتنوعة التي تشمل الهندسة والمبيعات والتسويق والمشتريات، والتي تعد الفرق الأكثر أهمية للإدارة خلال اضطرابات التوريد، ولتكون مستعدة للنموذج التالي.