الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

3 رواد فضاء يروون صعوبات الليلة الأولى .. النوم بلا جاذبية والطعام «معجون»

3 رواد فضاء يروون صعوبات الليلة الأولى .. النوم بلا جاذبية والطعام «معجون»
من سهول كازاخستان، وفي الساعة 13:57 بتوقيت غرينتش، ومن نفس المكان الاعتيادي الذي تنطلق منه مركبات «سويوز» الروسية، اشتعل وقود الصاروخ الحامل لكبسولة الفضاء التي تقل 3 أشخاص، الأمريكية جيسيكا مير، والروسي أوليغ سكريبوتشكا، علاوة على ابن الإمارات هزاع المنصوري. وبعد نحو 6 ساعات أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية التحام الكبسولة بنجاح بالمحطة الفضائية الدولية، ليدلف المنصوري إلى داخل المحطة باعتباره أول عربي يحل باحثاً وزائراً بالمحطة التي تدور حول الأرض على ارتفاع يقدر بـ400 كيلومتر منها منذ أكثر من 20 عاماً.

سيقضي هزاع نحو 8 أيام على متن محطة الفضاء.. فكيف عاش الشاب الإماراتي ليلته الأولى؟

«الرؤية» استطلعت آراء مجموعة من رواد الفضاء ليحكوا كيف عاشوا على متن المحطة الفضائية الدولية.


يقول رائد الفضاء الإيطالي باولو نسبولي إن رواد الفضاء يواجهون ظروفاً بالغة الصعوبة داخل محطة الفضاء الدولية، إذ إن الأولوية المطلقة للمختبرات، ويشير إلى أن هناك وحدات للسكن والنوم، إلا أن انعدام الجاذبية يجعل النوم غير مريح على الإطلاق.


وبمجرد الوصول إلى المحطة الفضائية الدولية، يختبر رائد الفضاء انعدام الجاذبية لأول مرة «وهو شعور صعب للغاية»، على حد قول نسبولي الذي يؤكد أن الاعتياد عليه «في حكم المستحيل»، حيث الليلة الأولى لأي رائد فضاء هي الأصعب على الإطلاق، ولكنها أيضاً «الأكثر إبهاراً».

يتذكر رائد الفضاء الإيطالي ليلته الأولى التي قضاها على متن المحطة الفضائية الدولية بقوله: «انبهار غريب سيطر على كياني، ها أنا ذا وسط كومة من الأجهزة العلمية باهظة الثمن ومعامل غاية في التطور على بُعد 400 كيلومتر من سطح الأرض، ها هو كوكبي الأم ينظر إليّ، وأنظر إليه. أنا في المكان الذي حلمت به إبان طفولتي. أنا هنا في الفضاء حيث لا حدود للأحلام»،

لكن.. كيف يمارس رواد الفضاء حياتهم العادية؟ يقول رائد الفضاء الأمريكي الأشهر سكوت كيلي، في تصريحات صحافية، إن النظافة الشخصية أمر مهم للغاية في الفضاء، فعلى الرغم من خلو محطة الفضاء الدولية من البكتيريا والجراثيم، إلا أن طبيعتنا نحن البشر تستلزم أن نقوم بالاستحمام ـ على سبيل المثال، على حد قوله.

ويستخدم رواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية نوعاً خاصاً من الشامبو، لا ينتج أي رغوة على الإطلاق، ولا يحتاج إلى كثير من الماء، أما معجون الأسنان فيترك لرواد الفضاء اختيار نوعهم المفضل.

ويقول موقع وكالة ناسا إنه وبسبب حالة انعدام الوزن، يستخدم رواد الفضاء على متن المحطة الفضائية الدولية مرحاضاً من نوع خاص، أكثر تعقيداً بكثير مما يستخدمه البشر العاديون على الأرض، فرائد الفضاء الراغب في قضاء حاجة يجلس على مقعد المرحاض ويستخدم قيوداً تكبل ساقيه، ويعمل المرحاض أساساً مثل المكنسة الكهربائية، ويقوم بامتصاص النفايات وضخها إلى خزان مياه الصرف الصحي، ليتم التخلص منها في وقت لاحق.

أما الأطعمة، فيصفها رائد الفضاء الإيطالي باولو نسبولي بـ«المروعة»، فهى «ذات مذاق سيئ للغاية، عبارة عن معاجين في أنابيب كريهة. وتوجد بالطبع مياه صالحة للشرب ولكن بحساب، حتى لا يضطر رائد الفضاء لإخراج الكثير من النفايات البشرية»، إلا أن هناك بعض الأطعمة التي يمكن أن تؤكل على صورتها الطبيعية، كالفواكه والكعك والمعكرونة أيضاً، كما تتوافر العديد من المشروبات في الفضاء، مثل القهوة وعصير البرتقال والشاي.

وبحسب وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لا يوجد أي نوع من صلصات الطماطم والخردل والمايونيز، كما أن الملح والفلفل يتوافران في شكل سائل فقط، وذلك لأن رواد الفضاء لا يمكنهم رش الملح والفلفل بصورتهما الطبيعية في الفضاء، لأن تلك المواد ستطفو بعيداً، وقد تسبب خطراً داهماً، إذ يمكنها سد فتحات الهواء أو تلويث المعدات أو حتى الدخول في عين وأنف الرواد.

ويتناول رواد الفضاء 3 وجبات يومياً، تحتوي على عناصر متوازنة من الفيتامينات والمعادن، ويتراوح عدد السعرات الحرارية التي يحتاج إليها رائد الفضاء بين 1900 و3200 سعرة حرارية يومياً حسب وزن جسم الرائد والمجهود البدني الذي يبذله، حسبما أشار موقع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا).

وفي الوقت الذي يعاني فيه سكان الأرض من ضعف شبكات الاتصال وانقطاع الشبكات في بعض الأحيان، يحافظ رواد الفضاء على اتصال دائم وجيد بكوكب الأرض. فعلى الرغم من وجودهم داخل المحطة الفضائية التي تدور بسرعة 27.5 ألف كيلومتر في الساعة حول الأرض، إلا أنهم قادرون على التواصل مع كوكب الأرض بصورة جيدة وفعالة.

لكن.. كيف يحدث ذلك؟ لا يمكن بالطبع الاعتماد على الشبكات الأرضية في إتمام الاتصالات، حسبما يقول رائد الفضاء الأمريكي سكوت كيلي، والذي يؤكد أن وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) تعتمد على شبكة تتكون من 7 أقمار صناعية تدور حول الأرض، وتقوم بدور الوسيط الذي يستقبل ويرسل الإشارات بين المحطة الفضائية الدولية وكوكب الأرض.

ويقول كيلي في تصريحات صحافية إنه يقوم باستغلال وقت الفراغ في التواصل مع الأهل والأصدقاء، أو حتى بث لقطات متنوعة مصورة من نوافذ المحطة الفضائية الدولية على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. كما يتمتع رواد الفضاء بـ«دخول لا محدود» على شبكة المعلومات الدولية يمنكهم من البقاء على تواصل دائم مع أخبار الكوكب الأزرق.

وتقول رائدة الفضاء الأمريكية سونيتا ويليامز، في تصريحات صحافية، إن ممارسة الرياضة «إجبارية على متن محطة الفضاء»، وذلك لمنع تيبس العضلات أو الإصابة بهشاشة العظام.

ويوجد على متن محطة الفضاء الدولية العديد من الأجهزة المخصصة لممارسة الرياضة، تختلف تلك الأجهزة عن الأجهزة الرياضية الموجودة على سطح الأرض، إذ إن تصميمها مخصص ليكون ملائماً بالكامل لحالة انعدام الجاذبية في المحطة الفضائية الدولية.

أما بالنسبة للنوم، يذهب رواد الفضاء إلى الفراش في وقت معين ويستيقظون في وقت العمل، تماماً مثلما يحدث في الأرض، إلا أن هناك عدداً قليلاً من الاختلافات في طريقة النوم، ففي الفضاء لا يوجد أعلى وأسفل، ونتيجة لذلك، يمكن للرواد أن يناموا في أي اتجاه، مستخدمين أكياساً مخصصة للنوم، موضوعة في غرف منفصلة، تكفي بالكاد شخصاً واحداً. يقول رواد الفضاء إنهم يحلمون أثناء نومهم، ليس ذلك فحسب، بل لقد اشتكى بعضهم من شخير بعضهم الآخر أثناء النوم، حسبما نُشر على موقع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا).

ويحظى رواد الفضاء العاملون على متن محطة الفضاء بإجازة أسبوعية، يمكنهم قضاؤها في مشاهدة الأفلام أو الاستماع إلى الموسيقى أو حتى قراءة الكتب ولعب الورق والتحدث إلى الأسرة.

قبل سفر هزاع المنصوري إلى المحطة الفضائية الدولية، خضع الشاب لفترة عزل صحي بلغت 15 يوماً، في تلك الفترة يكون احتكاكه بالعالم الخارجي شبه معدوم، كي لا يُصاب بأي أمراض يمكن أن تؤثر في سلامته أو سلامة رواد الفضاء الآخرين أو حتى سلامة المنشأة الفضائية نفسها. يخضع رائد الفضاء لتدابير صحية قبل السفر، كما يخضع أيضاً لعزل صحي بعد وصوله إلى الأرض.

يهدف العزل الصحي بعد وصول رائد الفضاء للأرض إلى التأكد من عدم إصابته بأي أمراض، إذ إن السفر للفضاء له تكلفة كبيرة على أداء الأجهزة الحيوية بالجسم. فرواد الفضاء أكثر عرضة للإصابة بمشاكل القلب وتصلب الشرايين، كما أنهم أكثر عرضة أيضاً للإصابة باضطرابات النوم وفقدان السمع وحصوات الكلى ومشاكل الجهاز المناعي، وحتى أمراض العيون والتهابات المفاصل وهشاشة العظام.