السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

عيون الآخرين

عيون الآخرين

أمل بنت فهد

يتعلم الإنسان منذ الطفولة أن سلوكه الجيد سيجعله جميلاً في عيون الآخرين، يتعلم أن جماله مرتبط بما يقال عنه، وهذا زيف وإنكار للذات أنتج لنا بشراً بعد أن كبر فعل الحماقات، ولبس الأقنعة، ولا يمكنه أن يبوح بما في عقله، خشية الرفض والنبذ، وبالتالي اختلطت المشاعر، ليعيش الإنسان تحت قوة تجبره ألا يكون كما هو، بل لن يتعرف إلى نفسه، لأنه لن يعرف ماذا يريد تحديداً، بل يعرف أي شيء يمكنه أن يفعله لينال شرف الإعجاب، والإطراء والتمكين، أما أعماقه فهي غامضة، وقد تمر حياته بطولها دون أن يفعل أموراً كثيرة كان بإمكانها أن تمنحه نشوات حُرم منها بسبب قائمة الممنوعات التي تسكنه، وقائمة المطلوبات التي عليه أن يقوم بها.

ورغم تكرار جملة (إرضاء الناس غاية لا تدرك) إلا أنها تُعاش بمعنى آخر، لأنه بالطبع لن يرضي الجميع، لكنه حتماً يقع تحت وطأة إرضاء البعض منهم، لأنه هكذا نشأ، وتعرف إلى الآخرين.

الإطراء حاجة فطرية، لكنها تتحول إلى تشوه محض إذا سبقت رضاك عن نفسك، وإطراءك الخاص بذاتك، بمعنى إذا لم تكن علاقتك مع نفسك بخير ويسودها الحب والاحتواء والتفهم لحالها، فإن أي إطراء بعدها ليس له قيمة، لأنه لن يتجاوز كلمات تُقال، لكنها لن تلمسك، بل قد تصل إلى التشكيك بها، لأنك لست معجباً بنفسك، ولا تراها أهلاً للحب، فالشك بمشاعر الآخر هو امتداد لشكك باستحقاق تلك المشاعر، كأن لسان حالك يقول: ماذا وجد في ليحبني، أو يعجب بي، إنه يكذب ويريد مني مصلحة ما!


لكن لو كنت تشعر بالحب تجاه نفسك، وتعشقها كما هي، وتعرف ماذا تريده، وتمنحها ما تشتهيه لأنك مؤمن بأهميتها، لكان الحب المقدم إليك تحصيل حاصل وطبيعياً جداً، وليس هناك شيء غريب يستحق التوجس أوالغرابة.


هل أحببت أحدهم يوماً؟ هل تتذكر تلك المشاعر التي تفيض من روحك إليه؟ هل تتذكر الجمال الذي تراه حد الكمال فيه؟ هل تتذكر تلك السعادة التي تجدها في سماع صوته، أو ذاك الانبهار وأنت تتطلع لوجهه؟

اجمع كل ذلك، وأجب، هل تشعر به تجاه ذاتك؟

[email protected]