السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

حدود جديدة للخليج

عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أخيراً عن نيته زيارة كل من إثيوبيا وكينيا في الأسابيع المقبلة، والهدف من الزيارة يبدو واضحاً، حيث يصب في اتجاه التبادل التجاري، ما يعكس مستوى الاعتراف المتزايد بأهمية منطقة القرن الأفريقي على الصعيد العالمي، وهي الأهمية التي دخلت طور التشكّل.

الخطوة جاءت متأخرة بالنسبة للبلد الذي أخذ زمام المبادرة لشق قناة السويس في سنوات 1860، وشيد قلعة في دولة جيبوتي نتيجة لذلك، فيما تأتي في عهد بات فيه الاستعمار من الماضي، ودارت فيه عجلة التاريخ لمصلحة من يبدو فاعلين جدداً في المشهد العالمي.

يقظة القرن الأفريقي طال انتظارها بعد أن طبعت تاريخ المنطقة عقود من الحرب وموجات المجاعة، إلا أن المشهد في اتجاه التغيّر الآن، إذ إننا أمام قيادات تمتلك حالياً رؤية طويلة المدى لتحقيق السلام، وإرساء دعائم التنمية لشعوب المنطقة.


وفي ضفتي البحر الأحمر، حيث ارتبط الجانبان العربي والأفريقي لدهر طويل قبل فتح خط التجارة الحيوي بين الشرق الأبعد وأوروبا، وقبل ظهور الحدود بين الدول الحديثة، كانت الشعوب وما زالت ترتبط ببعضها سواء منها المجموعات التي تحترف التجارة، أو تلك التي تمارس الصيد أو حتى القبائل البدوية.


الدول الحديثة يمكن أن تقسم، أو تفكك، أو يتم ضمها، إلا أن التقارب يبقى هو الحقيقة، التي يمكن أن تصبح قاعدة قوية للمصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة، غير أنه خلال 2018 تحقق إنجاز كبير للمنطقة مع تسوية النزاعات العقيمة، عبر اتفاقات سلام واعدة، وفتح الحدود والموانئ والطرق نحو قلب أفريقيا.

يضاف هذا الإنجاز إلى رصيد القادة المحليين الذين حظوا بدعم من المستنيرين والطامحين للسلام في الجزيرة العربية، بالنسبة لهؤلاء، لا يقتصر الأمر فقط على مد يد المساعدة لوضع النموذج في مساره الصحيح، وإنما هي فرصة فريدة لرسم خريطة طريق جديدة نحو مستقبل هذه الدول.

وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، يندرج الحشد لتنمية أفريقيا، وحماية الطرق البحرية ضمن مستلزمات بناء الدولة الشابة: زرع بذور مرحلة اقتصاد ما بعد النفط اعتماداً على تنويع الموارد، وكسب الاحترام وتعزيز الأمن بواسطة وسائل الردع.

وترتبط هذه النظرة الجيو ـ ستراتيجية الطموحة بشكل حكيم بالصينيين، وكذلك بالرؤى والخطط الهندية والباكستانية التي تهتم بشبه الجزيرة العربية، وبالتالي، فإن الإمارات العربية المتحدة تؤكد بحزم إرادتها على القيام بدورها في النظام العالمي الجديد، بوصفها داعماً للسلام والتنمية، بما يتماشى مع التزامها بقيم التسامح والتعاون الدولي.