الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مُبْدعون مُدَّعُون

الثنائية الوحيدة الراسخة هي ثنائية الأغنياء والفقراء وماعداها تقسيمات وهميةالمساواة مستحيلة، والعدل ممكن، ومسألة افتعال الصراع بين الرجل والمرأة لا أكاد ألمح لها أثراً إلا في الأمة العربية، وهي تدخل ضمن الثنائيات البغيضة، التي افتعلناها وأدرنا حولها صراعات بلا نهاية.

المساواة بين الرجل والمرأة مطلب عبثي، فلا مساواة أبداً بين رجل وامرأة، أو بين رجل ورجل، أو بين فئة وأخرى، وقد تكون المساواة منتهى الظلم والإجحاف بين من يعملون ومن لا يعملون، أو بين المُبدعين والمُدَّعين، والقول إن الإسلام كرم المرأة لا أساس له، لأن الإسلام كرم بني آدم.. كرم الإنسان، والرجل والمرأة إنسان، ويضحكني جداً قول بعضهم: إن الدليل على أن الإسلام كرم المرأة بأن خصص لها سورة باسمها في القرآن الكريم، ولو كان ذلك كذلك لقلنا: إن الإسلام كرم العنكبوت والفيل والنمل والبقرة والحمار وأبا لهب والذبابة، وغير ذلك.. والحق أننا نحاول دائماً إثبات مقولاتنا وأهوائنا السقيمة بأن نلوي عنق النصوص الدينية لتوافق هوانا المساواة سباحة غبية ضد سنة الله في خلقه، أي سنة التفاوت والتمايز والاختلاف ودفع الناس بعضهم ببعض، ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة، وعندما صارت مصادر المعلومات واحدة ومشارب الثقافات موحدة انحسر واندثر الإبداع، وصرنا نفكر بالنقل لا بالعقل، ونردد كلام بعضنا بلا روية ولا تدبر كلما اقتربنا وتساوينا اغتربنا وضمرت لدينا العقول وأصبحنا ببغاوات تردد ما لا تفهم، والثورة التي نتحدث عنها هي مجرد ثورة معلومات غالباً ما تكون كاذبة، وهذه المعلومات أمدّتنا بمعرفة بلا علم، فأصبحنا نعطي مَقولاً ولا نعطي معقولاً نحن نعرف بلا علم وشتان بين المعرفة والعلم، ففي المعارف يستوي الإنسان والحيوان، فلا وجود للعقل في المعرفة، والعقل يعمل فقط في العلم والله تعالى يقول: «والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً..» ولم يقل لا تعرفون شيئاً لأننا نولد مزودين بمعارف عدة والمطلب الذي لا بد أن نسعى إليه هو العدل، وأن نكف عن افتعال صراعات وثنائيات وتصنيفات لا أساس لها ولا سند، فالثنائية الوحيدة الراسخة ـ التي لم تتخلف أبداً منذ أن خلق الله الأرض إلى أن يرثها ومن عليها ــ هي ثنائية الأغنياء والفقراء، وأما غير ذلك فعبث وتقسيمات وهمية فمالكم كيف تحكمون وتتحولون من مبدعين إلى مدعين.