الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حكاية جدة

لا يمكنني إلا أن أكتب عنهن. تلهمني النساء القويات، من يمتلكن قصة مختلفة. بل، من يكن القصص كلها التي تُحكى بلذة الإلهام. التقيتها مصادفة في أكثر الأماكن التي تشبهها. اختصرت شوارع وأحياء جدة القديمة بهيبتها وبرواشين جدة الفاتنة بسحر قصائدها.

زرت جدة الأسبوع الماضي لأول مرة في حياتي، وأعلم أنها لن تخرج من قلبي أبداً. هناك التقيتها، الشاعرة شفيقة الجزار.

هي ابنة جدة. أرسلها والداها إلى الكتاتيب شأنها شأن بنات جيلها. إلا أن والدها، المعنى بالثقافة والأدب آمن بتعليم المرأة ورغب لابنته في المزيد، فما كان إلا أن انتقل بالأسرة إلى الرياضن حيث دبر لها تعليماً خاصاً متكاملاً، كما استقدم لها من تدرس على يدها اللغة الإنجليزية خصيصاً من بريطانيا.


وقفتُ معجبة مشدوهة بينما تحدثت الشاعرة السبعينية التي تقف بصلابة وشموخ شجرة باسقة. خلفها عُلقت لوحة لسور جدة القديم. تساءلت عن والدٍ بحجم رؤية هذا الأب في صنع هذه المرأة المميزة في فترة لم يكن تعليم المرأة مهماً بالقدر الذي هو عليه اليوم، كما تساءلت عن القصص التي تختبئ خلف السور القديم في الصورة الفوتوغرافية القديمة لسور جدة.


كنت مدعوة هناك في صالون العقاد الأدبي في أصبوحة السبت في نادي أرباب الحرف، للحديث عن الدبلوماسية الثقافية. تحدثت عن الاتفاقيات التي توقع للتعاون بين الإمارات والمملكة ونظرة البلدين لمستقبل وصورة وتأثير الثقافة في سياستيهما ورؤية وزارة الثقافة السعودية التي أطلقتها مؤخراً بما فيها من نص على التبادل الثقافي.

تغيرت صورة جدة التي كانت في ذهني إعلامياً قبل أن أقدم إلى هذا المكان الساحر، وصورتها بعد أن سرت في شوارعها وبقرب بحرها. وبعد أن تعرفت إلى شاعرة سبعينية بخمسة عشر حفيداً من أبناء قامت بتربيتهم بعد أن تركها زوجها أرملة في العشرينات من عمرها.