السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الحرب.. ومعرفة الروح

في كتابها «ليس للحرب وجه أنثوي» ترصد الصحافية البيلاروسية سفيتلانا أليكسييفيتش قصص النساء السوفييتيات المشاركات في حرب بلادهن ضد ألمانيا.. تبحث عما وراء مشاركتهن في الحرب، عن موقفهن من الموت، فالموت كان يحوم من حولهن، على مقربة منهن بصورة مألوفة كالحياة، كما تتحدث عن إهانات ما بعد الحرب.

استمر بحث الحائزة على جائزة نوبل للآداب 2015 عن المجندات سبع سنوات مذهلة ومؤلمة، سافرت إلى جميع أنحاء الاتحاد السوفييتي، سجلت مئات الأشرطة، ووصلت إلى نحو 500 حوار.

تقول الكاتبة سفيتلانا أليكسييفيتش: «اكتشفت بنفسي عالم الحرب عالماً ندرك معناه إلى النهاية.. أشعر بالألم والكراهية والإغراء، والحنان والارتباك.. أحاول أن أفهم بمَ يختلف الموت عن القتل، وما هو الحد بين الإنساني واللاإنساني.. كيف يمكن للإنسان أن يقتل إنساناً آخر؟ بل وعليه أن يقتله».


هل في الحرب ثمة أشياء أخرى غير الموت؟ تجيب أليكسييفيتش: «من خلال بحثي أقول في الحرب كل شيء، كما في حياتنا العادية، فالحرب هي أيضاً حياة.. اصطدام بعدد لا يحصى من الحقائق والأسرار الإنسانية.. نساء الكتاب تحدثن عن الحب وهو ما شكل مفاجأة بالنسبة إلي، وبررت ذلك بأن الحب هو الحدث الشخصي الوحيد للإنسان في الحرب، وكل ما عداه أحداث مشتركة حتى الموت».


وتتساءل أليكسييفيتش في هذا الكتاب الموقع بترجمة نزار عيون السود، الذي يعد باكورة أعمالها في مجال النساء والحرب: ما الذي أريد سماعه بعد عشرات السنين؟ هل يهمني كيف وماذا حدث بالقرب من ستالينغراد، ووصف العمليات القتالية، والأسماء المنسية للقمم التي تم الاستيلاء عليها؟.. هل تهمني الروايات عن الانسحاب والهجوم؟ في الحقيقة هي تبحث عن شيء آخر ما يمكن تسميته بمعرفة الروح، تعقب آثار الحياة الروحية، تسجيل خلجات النفس والروح، إن طريق الروح بالنسبة إليها أهم من الحدث نفسه، بل الذي يقلقها، وظلت تبحث عنه خلال رحلاتها الصحافية مع الحرب والنساء هو: ما الذي حدث مع هذا الإنسان؟ ماذا رأى في الجبهة؟ وماذا أدرك عن الحياة والموت؟ عن تاريخ الإنسان العادي الذي انتزع من الحياة إلى سياق البطولة في حدث كبير. وهل بالإمكان نسيان الحرب؟