السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

صفحة من كاتب - كافكا

مر بنا منذ يومين «اليوم العالمي للرسائل»، وعلى عكس ما توقعت وتعودت من قراءة رسائل مي زيادة وخليل جبران وغسان كنفاني إلى غادة السمان وغيرهم، وجدتني أقرأ رسالة كافكا إلى والده.

قرأت عدداً من روايات كافكا وأهمها «المتحوّل» أو في ترجمة مختلفة «المسخ»، كما قرأت رسائله إلى حبيبته ميلينا، لكن قراءة «رسالة إلى الوالد» لم تكن مدخلاً إلى أعماقه فحسب، وإنما إلى علم نفس التربية بطريقة تحليل دقيقة جداً.

يقول كافكا متحدثاً عن مثلث (الأم والأب والأبناء) في الصفحة الثالثة والأربعين: «كيف كنت ـ دون أي ذنب من ناحيتك طبعاً ـ تعذبها بسببنا، بل إنه كان يسوّغ على ما يبدو تصرفنا تجاهها، هذا التصرف الذي لا يمكن تبريره في ظروف أخرى، كم عانت منا بسببك، وكم عانت منك بسببنا».


عاش كافكا بسبب استبداد وسلطة وتنمر والده عليه وعلى إخوته حياة كاملة من القلق والخوف، الأمر الذي أثر - كما يتحدث عنه في الرسالة ـ على قرار الزواج. نرى آثار ذلك في جميع كتاباته خاصة «المتحوّل» التي تحكي قصة تحوّل شاب إلى صرصار عملاق (أحس كافكا دوماً أنه حشرة أمام والده).


لم يتخط كافكا والده أبداً في علاقة الضحية بالجلاد، وبشكل تحليلي بارع يقول: «لابد من محو كل ما حدث من صفحة الوجود، وهذا يعني شطب أنفسنا». كان كافكا يريد الزواج لتحقيق الاستقلال والانسلاخ التام من شبح والده، إلا أنه علم أنه بالزواج أيضاً أراد أن يكون نداً له، أن يكون الصراع عادلاً أخيراً بينهما، وأن ينتقم لكل ما مر به. كم من صراعات كافكا نعيش كلنا يا ترى؟