الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

معالي الوزير سيد قطب

اكتشف سيد قطب الأديبَ الشاب نجيب محفوظ، وقام بتقديمه إلى المجتمع الأدبي في مصر.، كما أيّد ثورة 23 يوليو 1952، وراح يعمل منظرًا للزعيم الصاعد.

أيّد سيد قطب جمال عبد الناصر في مقابل أن يصبح وزيرًا للمعارف، صُدم لاحقًا لعدم حصوله على الحقيبة، وفقدان المنصب الذي كان يخطِّط له ويطمح إليه.

كانت هذه نقطة تحول كبرى في مسار سيد قطب، فعدم الحصول على لقب «معالي الوزير سيد قطب» قاده إلى طريق آخر، نقيض الطريق الأول، حيث تبدّل الهدف من السلطة إلى تدمير السلطة، فكانت المعادلة واضحة «الوزارة أو اللادولة».


وهكذا انتقل سيد قطب إلى طريقه الذي انتهى عليه: اتهام المسلمين في دينهم، وتشريع الإرهاب في سبيل استعادة المجتمع المسلم، ولقد تصاعد حنق سيد قطب بمرور الوقت، فبعد أن كان يقول عن كتابه «في ظلال القرآن» إنّه «مجرد خواطر إيمانية» راح يقول: «إن الإسلام لا يوجد في بلاد المسلمين، الإسلام غائب منذ قرون»!.


لقد امتلك سيد قطب قدرة معرفية كبيرة من دون شك، وكان ثري المفردات وحسِن الأسلوب، لكنّه لم يكن أبدًا ذلك الشخص الرصين أو المسؤول الذي يدرك علوم السياسة أو شئون الدول والمجتمعات، و يستوعب التاريخ الحضاري أو الجغرافيا السياسية لبلاده والعالم.

كان سيد قطب فنانًا انفعاليًّا أكثر منه مرجعًا فكريًّا يمكن أن يفيد منه الناس، أو تصعد به الدول والمجتمعات، ويَذكر مؤرخون أنّ الرئيس جمال عبد الناصر قد عيّن سيد قطب سكرتيرًا لهيئة التحرير، وهو منصب رفيع للغاية، ولمّا قام بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة بتحذير عبد الناصر من انتماء سيد قطب الإخواني، قام عبد الناصر - تقديرًا لسيد قطب - بسؤاله مباشرة: هل أنت إخوان؟، ولقد كانت إجابة قطب صادمة، حيث لم يقل له: نعم.. أنا إخوان، أو ينفي اتهامه: لا.. لست إخوان، بل إنّه قال في انفعال ساذج: «اعتبرني إخوان من انهاردة»!.

لم يُجب سيد قطب ولم يناقش، ولم يشرح حتى مزاعمه بشأن عدم التناقض بين كوْنه إخوانيًا، وكونه سكرتيرًا لهيئة التحرير في آن واحد، ولكنه اختار ردًّا سخيفًا يسميه المصريون «الغلاسة» من أجل التقليل من قيمة السؤال.

لقد كان سيد قطب في إجابته «مغرورًا» إلى الحدّ الذي جعله يُفضِّل خوْض التحدّي مع جمال عبد الناصر، بدلًا من الحوار المسؤول والتفاهم العاقل.

اختار سيد قطب «المكايدة» و«الإغاظة» الساذجة، رغم أنه كان ناقدًا وكاتبًا كبيرًا يمتلك مهارة الجدل وبراعة النقاش.

على طريقة «التاريخ البديل».. لو كان سيد قطب قد أصبح وزيرًا للمعارف، لربما سارت مصر وسار معها العالم العربي في طريق آخر، كان يمكن لمعالي الوزير سيد قطب أن يغير بعضًا مما جرى، وكان العالم الإسلامي سيكون أكثر تسامحًا وسلامًا.. من دون سيد قطب وتلاميذه من المتطرفين والمجرمين.