الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العراق يمرض.. لن يموت!

كثيرون شاهدوا وقرأوا ما يحدث في العراق اليوم، من مظاهرات شعبية تنادي بطرد إيران من البلد، وإيقاف استنزاف ثروات الشعب واضطهاده، وقد أدرك العراقيون أن اللعبة السياسية التي بدأت بتفرقة طائفية قد تغلغلت إلى أجهزة الدولة فعاثت فيها فساداً، مع محاولات إيران المستميتة لتحقيق طموحاتها التوسّعية، وإثارة الرعب والقلاقل وفرض هيمنتها في المنطقة.

وفي بلدٍ يتميّز بتعددية التراكيب والأطياف كالعراق، لم يكن السبيل لتجنّب انهيار البلد سوى بتقبّل هذه الأطياف والتعايش السلمي معها، تحت غطاء دولة مدنية تضمن فرصاً عادلة ونزيهة في كل مناحي الحياة، لكن الطائفية جرّدت الوطن من قيمته ومعناه وما حدث من تمزّق، وهدر لثروات البلاد عبر استغلال القوى الطامعة لهذه الطوائف، لتأصيل الفساد الداخلي أكثر فأكثر، هو أمر بديهي في ظل هذه الظروف.

ففي خضم الفوضى التي تحاول إيران بثّها هنا وهناك، يعاني العراق من تفكك رقابي إداري، فقد احتل المركز الرابع على مستوى الشرق الأوسط، في قائمة الدول الأكثر فساداً، بعد سوريا واليمن وليبيا، والمركز 12 عالمياً من إجمالي 180 دولة، حسب مؤشرات منظمة الشفافية العالمية لعام 2018، وتم استنزاف ما يقارب 250 مليار دولار من الأموال العامة منذ عام 2004، الأمر الذي جعل من الفساد معضلة حقيقية لا تقل وطأتها عن وطأة الإرهاب، وهو واقع فرضته إيران على العراق كي لا تكون أي محاولة تنموية للنهوض سوى محض عبث.


ورغم إعلان هيئة النزاهة العراقية استعادة أكثر من مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، إثر قضايا الفساد المتفشية، ورغم قرار المجلس الأعلى لمكافحة الفساد بتنحية 1000 موظف بمختلف الدرجات الوظيفية في مختلف مؤسسات الدولة، إثر قضايا تتعلّق بالفساد وهدر المال العام، وتعهد الحكومة بمتابعة هذا الملف، إلا أن العراقي لا يزال يحلم عبثاً بأبسط حقوقه من مأكل ومسكن وملبس وازدهار كان مضرب المثل فيما مضى.


إنّ أرض العراق ولاّدة بالعلماء الذين خلّدهم التاريخ وتركوا بصماتهم في وجدان العرب، ومع هجرة العقول في ظل انعدام الاستقرار الداخلي وهيمنة إيران وبطشها في الداخل العراقي، تبعثر هذا النور وتشتّت بلا نصير أو دليل، لكننا نعلم أن العراق يمرض ولا يموت، وأنه لا بد عائدٌ إلى الحضن العربي ولو بعد حين.