السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

بعد اعتماده بـ20 عاماً.. الأوروبيون يعتبرون «اليورو» سبب ارتفاع الأسعار

بعد اعتماده بـ20 عاماً.. الأوروبيون يعتبرون «اليورو» سبب ارتفاع الأسعار

يعتبر العديد من الأوروبيين سواء في باريس أو روما أو مدريد أو أثينا، أن «اليورو» تسبب بارتفاع الأسعار بعد مضي 20 عاماً على اعتماد العملة الموحدة، على عكس ما تكشفه الإحصاءات الرسمية.

تقول ماريا نابوليتانو الإيطالية الأصل البالغة 65 من العمر: «مع مئة دويتش مارك كان بإمكانك ملء عربة بالبضائع. الآن لا تكفيك مئة يورو لكيسين فقط»، مؤكدة «اليورو كارثة».

ويعبر فيكتور إرون، المدرس الإسباني البالغ 53 عاماً، عن شعوره اتجاه عملة اليورو بأنه «انضم إلى نادٍ للأثرياء بدون أن يمتلك الملابس المناسبة».

ويوضح فيكتور المقيم في مدريد «كان لدينا انطباع بأننا غير جاهزين للقيام بهذه الخطوة»، مضيفاً «كان الأمر وكأننا نعيش في إسبانيا لكننا ندفع بالعملة الهولندية أو الفرنسية».

ووصل الأمر بالألمان إلى حد ابتكار تسمية «تورو» للعملة الموحدة، وهو مزيج بين اليورو وكلمة «توير» التي تعني باهظ.

تباين بين التصوّر والأرقام

وذكر الأستاذ الجامعي الألماني هانس براشينغر في تحليل يعود إلى عام 2006 عن ارتفاع حاد في مؤشر «تصوّر» الألمان للأسعار بنسبة 7% بين 2001 و2002، مقابل نحو 2% في الظروف العادية، في حين أن الإحصاءات في تلك الفترة لا تعكس أي تسارع في التضخم في ألمانيا.

وقال جوفاني ماستروبووني، أستاذ الاقتصاد في جامعة تورينو الذي وضع دراسة مفصلة حول هذا الموضوع: «كان هناك انطباع قوي بأن الأسعار ارتفعت، غير أن الأرقام كانت رغم كل شيء تقول لنا عكس ذلك».

ولتوضيح المسألة، أحصى أسعار بضائع ولوازم يومية في منطقة اليورو، فتبين أن كلفة العديد من المنتجات المتدنية الأسعار ازدادت فعلاً عند الانتقال إلى اليورو. ويتركّز استياء الأوروبيين بالطبع على هذا النوع من المنتجات، بسبب إقدام التجار على تعديل أسعارها لمطابقتها مع أقرب وحدة نقدية إليها، وفي غالب الأحيان برفعها.

ومن بين هذه المنتجات بعض أنواع الفاكهة والخضار والخبز والمشروبات ووجبات الطعام في المقاهي والمطاعم وغيرها، ولو أن زيادة الأسعار تتباين في ما بينها. وأوضح ماستروبووني «إنها منتجات نستهلكها كل يوم، أشياء لا تكلف كثيراً، لكنها هي التي تحدّد التصوّر لأنها المشتريات الأكثر شيوعاً».

وفي فرنسا على سبيل المثال، ازداد سعر فنجان القهوة في المقاهي بشكل غير اعتيادي بين نهاية 2001 ومطلع 2002، بحسب معهد الإحصاءات الوطني «إنسي»، فارتفع من متوسط 1,19 يورو إلى 1,22 يورو (بزيادة 2,52%).

تراجع في الأسعار

ولفت ماستروبووني إلى أن هذه الظاهرة سجلت بصوة خاصة في الدول حيث قطاعات التوزيع غير محصورة في شركات كبرى، إذ إن صغار التجار لديهم حرية أكبر في زيادة أسعارهم. وتراوحت الزيادة «التلقائية» المرتبطة بالانتقال إلى اليورو بين 0,1% و0,3% وفق المفوضية الأوروبية.

غير أن الإحصاءات العامة حول التضخم لم تتأثر بذلك، لأن المنتجات الأغلى لم تسجل في المقابل أي زيادة في الأسعار، لا بل تراجعت أحياناً ولا سيما بفضل زيادة الإنتاجية.

وبلغ التضخم 2,3% في 2001 و2002 بالنسبة لدول منطقة اليورو الـ12 الأوائل، بحسب هيئة «يوروستات» الأوروبية للإحصاءات. لكن إن كانت النسبة بلغت في إسبانيا 2,8% في 2001 و3,6% في 2002، فهي بقيت بمستواها في معظم الدول في تلك الفترة، لا بل تباطأت في بلجيكا وألمانيا ولوكسمبورغ وهولندا.

ويشدد بيار جايي الباحث في معهد جاك دولور الأوروبي ومعهد «إيريس» للعلاقات الدولية والاستراتيجية، على أن مسألة تحديد «مواصفات» المستهلكين مهمة لفهم التباين بين تصوّر الناس لارتفاع الأسعار والتطور الفعلي للتضخم.

وقال إن «سلة الاستهلاك المتوسطة تناسب الميزانية المتوسطة لموظف إداري متوسط يعيش في مدينة، وهذا ما لا يتناسب مع مالية معظم المستهلكين».

أما الفئات الأدنى دخلاً والتي تكرس قسماً أكبر من ميزانياتها للمواد الغذائية، فقد تكون شعرت بمزيد من الغبن على حد قول الباحث الذي يشير إلى أن المستهلكين يتذكرون بصورة عامة الزيادة في الأسعار أكثر مما يتذكرون التراجع.

من جهته، يرى خبير الاقتصاد البلجيكي فيليب دوفيه أن الزيادة الشديدة في أسعار المنتجات النفطية والخضار والفاكهة خلال الأشهر التي سبقت اعتماد اليورو، والتي لا يمكن بالتالي نسبها إلى العملة الموحدة، ساهمت في هذا التصور العام السلبي.