الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

هل تهيمن الصين على عالم أشباه الموصلات؟

هل تهيمن الصين على عالم أشباه الموصلات؟

بات القطاع التكنولوجي الصيني يشكل تهديداً للاقتصادات الغربية والعالمية، وبات محط الأنظار في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث أصبحت شركة هواوي الصينية المختصة بتصنيع الهواتف هي الوجه الرئيسي للتهديد وسط اتهامات أمريكية بأن الشركة تتجسس لصالح الحكومة الصينية.

وفي عام 2018 ضربت أمريكا شركة هواوي كما حظرت تصدير الرقائق الدقيقة الأساسية إلى الشركة الصينية، ما تسبب بتقلص عائدات هواوي العام الماضي للمرة الأولى منذ عقد بمقدار الثلث.

وقال تقرير نشرته مجلة الإيكونومست البريطانية، إن ما قامت به أمريكا مع هواوي، كان من غير المسبوق أن تعرقل دولة شركة تقنية ضخمة للغاية، وكانت عائدات هواوي تساوي عائدات مايكروسوفت تقريباً، ولكن ذلك كان مكلفاً بالنسبة لأمريكا أيضاً.

وتسبب النهج الذي اتبعته الإدارة الأمريكية، ببناء المستثمرين من كافة أنحاء العالم لروابط مفقودة في أجزاء من سلسلة توريد أشباه الموصلات التي هي خارج نطاق القانون الأمريكي.

وبدأت الشركات اليابانية من بين الشركات الأخرى في تسويق منتجاتها بهدوء بطريقة تمكنها من تجنب لوائح إدارة التصدير الأمريكية.

وبدأت الشركات الأمريكية، التي يبيع العديد منها معدات بمليارات الدولارات إلى الصين كل عام بالبحث عن منطقة محايدة لتستمر في تصدير منتجاتها.

وفي غضون ذلك ضاعفت الشركات الصينية مدفوعة باستثمارات الدولة بمليارات الدولارات جهودها لتطوير إصداراتها الخاصة من تقنيات الرقائق التي استوردتها سابقاً على طول سلاسل التوريد المرتبطة بشركات أمريكية.

ومنذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن، أثار المسؤولون مسألة ضوابط الرقائق، ويقول أحد أعضاء جماعة الضغط في واشنطن إنه خلال 25 عاماً لم تتصدر أشباه الموصلات باستمرار جدول الأعمال الدبلوماسي مثل اليوم، حيث عملت الحكومات والشركات على إنشاء منتديات لمواءمة السياسات بشان تجارة الرقائق والمعدات والمواد المستخدمة في تصنيعها.

وفي يونيو الماضي تم تأسيس مجلس التجارة والتكنولوجيا بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا، وأعلن البيان الأول بعد الاجتماع الأول للمجلس في بيتسبرغ في سبتمبر عن نية التعاون لإعادة توازن سلاسل توريد الرقائق العالمية، ورحب صناع الرقائق في الغرب وأجزاء من آسيا بالمناقشة آملين في أن تؤدي قواعد التصدير الأكثر وضوحاً المطبقة عالمياً.

وأوضح التقارير أن دبلوماسية الرقائق العالمية لا تزال ضعيفة، ويتجمع محامو مراقبة الصادرات والمسؤولون الحكوميون في اللجنة الرباعية التي تضم أمريكا وأستراليا والهند واليابان، وفي سبتمبر أعلنت أن أحد أهدافها هو تأمين سلاسل توريد أشباه الموصلات.

وأطلعت الإدارة الأمريكية جمعية صناعة أشباه الموصلات، على نمط ضوابط التصدير المستخدمة ضد هواوي، والتي قد تكون جزءاً من حزمة عقوبات ضد روسيا في حال غزت أوكرانيا.

وعلى عكس الصين، لا تمتلك روسيا صناعة إلكترونيات ضخمة، ولكن مثل هذه الضوابط يمكن أن تضر بها بشدة ويجعل من الصعب على روسيا شن هجمات إلكترونية على أعدائها.

وتعد الاتفاقات المبرمة بين حكومات البلدان الرائدة في سلسلة توريد الرقائق والتي تضم أمريكا واليابان وهولندا، مهمة أكثر من أي وقت مضى، حيث ينتج الثلاثي نصيب الأسد من الآلات المستخدمة في صنع الرقائق، وكان الإجماع بينهم بشأن تجارة الرقائق بمثابة الخطوة الأولى نحو تقييد الصين.

ويجادل مسؤولون أمريكيون سابقون أنه كلما أرادت أمريكا الرد بقوة على الصين، كان من الصعب إقناع الحلفاء الغربيين والآسيويين بالمشاركة، وعدم وجود حلفاء لأمريكا في خططها المتشددة ضد الصين يهدد بإضعاف شركاتها.

ومن الممكن أن يعيد توجيه بوصلة الاستثمار إلى مناطق بعيدة عن متناول أمريكا ولكنها تناسب صانعي الرقائق الصينيين.

ولا تزال أمريكا عالقة بين اختيار مجموعة أكثر ليونة من الضوابط على المدى الطويل، أو مجموعة أكثر تشدداً تلحق المزيد من الأضرار بالتكنولوجيا الصينية على المدى القصير، لكنها تضر الصناعة الأمريكية بشكل عام، والخيار الأسوأ هو فشل احتمالية انتعاش تجارة الرقائق الأمريكية والصينية في حال انتهى التوتر في العلاقات يوماً ما.

ولكن على الرغم من ذلك هناك حقيقة حرجة جداً وهي أن صانعي أدوات أشباه الموصلات في أمريكا ما زالوا يعتبرون الصين واحدة من أكبر أسواقهم.

وفي غضون ذلك تواصل الصين إحراز تقدم في نسبة بيع الرقائق العالمية على الرغم من المحاولات الأمريكية المتكررة للقضاء على الصناعات المحلية وفي الصين.