الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

هل انتهى عصر الفائدة المنخفضة؟

هل انتهى عصر الفائدة المنخفضة؟

ضربت التكهنات بشأن إجراء تغيير مفاجئ وبشكل صارم وسريع من خلال تشديد السياسة النقدية أسواق الأسهم، ودفع العديد من الشركات وأصحاب المنازل إلى التساؤل عما إذا كان عصر أسعار الفائدة المنخفضة قد انتهى إلى الأبد.

وذكر تقرير نشرته مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، أنه وعلى المدى القصير، يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل إلى السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم والتي بارتفاعها لمستويات قياسية شعر بأنه قد ضل الطريق، كما أن ذلك يشير إلى ضغوط مالية غير سارة، وليس العودة إلى السبعينيات.

وأكد التقرير أن زيادات أسعار الفائدة ستكون مروعة لأن معظم العالم قد اعتاد على عصر الأموال شبه الحرة. ولم يحدد أي بنك مركزي لمجموعة السبع أقوى الدول الصناعية أسعار فائدة أعلى من 2.5% في أكثر من عقد.

التمويل الرخيص

وبالعودة إلى عام 1990، كان سعر الفائدة لدى كل بنك مركزي بين تلك الدول السبع أعلى من 5%، وأشار التقرير إلى أن التمويل الرخيص يبدو وكأنه سمة لا تمحى للاقتصادات الغنية.

وأشار التقرير إلى أن الحكومات سمحت بتحمل عجز غير عادي، ودفع أسعار الأصول إلى مستويات فلكية، وأجبرت صانعي السياسة على البحث عن أدوات أخرى، مثل شراء السندات والتحقق من التحفيز، لدعم الاقتصاد أثناء التباطؤ.

ولفت التقرير إلى أن هذا هو السبب في أن ارتفاع الأسعار على مدى الأشهر الـ18 الماضية كان مفاجأة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى. ووصل تضخم أسعار المستهلكين في أمريكا إلى 7%.

وأوضح التقرير أن زيادة الأجور وارتفاع الفواتير تتناسب مع توقعات الأسر والشركات. وارتفعت أجور ورواتب القطاع الخاص في أمريكا بنسبة 5% في ديسمبر الماضي على أساس سنوي.

وتوقع المستهلك الأمريكي المتوسط ارتفاع الأسعار بنسبة 6% خلال 12 شهراً. يتم الشعور بالعديد من هذه الاتجاهات في جميع أنحاء العالم حيث وصل التضخم العالمي الآن إلى 6%.

تحركات البنوك المركزية

ونتيجة لذلك، تتحرك البنوك المركزية، إذ قام 12 من واضعي أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة برفع أسعار الفائدة في عام 2021. كما فعل بنك إنجلترا ذلك أيضاً.

ويتوقع المستثمرون حتى البنك المركزي الأوروبي الذي لم يرفع أسعار الفائدة لأكثر من عقد من الزمان، أن يفعل ذلك مرتين هذا العام. ومع ذلك فإن كل الأنظار تتجه نحو أمريكا وجون باول رئيس الفيدرالي الأمريكي، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن لديهم دوراً مهيمناً في النظام المالي العالمي.

ويرجع ذلك أيضاً لأن التضخم الأمريكي مرتفع وبنك الاحتياطي الفيدرالي وراء المنحنى الذي كان يحفّز الاقتصاد لعدة أشهر، وأصبح شديد الحرارة بالفعل من خلال شراء السندات والحفاظ على أسعار الفائدة عند 0-0.25%.

ويقول بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه يخطط لإعادة أسعار الفائدة إلى نحو 2% بحلول عام 2024، وذلك بحسب التقديرات المحايدة والتي من الناحية النظرية لا تحفّز الاقتصاد ولا تعيقه.

وأشار التقرير إلى أنه مع تباطؤ بنك الاحتياطي الفيدرالي حيال رفع أسعار الفائدة، ازدادت المخاطر المتمثلة في أنه سيتعين عليه الذهاب إلى أبعد من ذلك في ظل توقعات بأن يواصل التضخم الارتفاع لأعلى، الأمر الذي سيجعل من الصعب القضاء على الدافع لرفع الأسعار.

ولفت التقرير إلى أنه بالنسبة لأي سعر اسمي، فإنها تقلل أيضاً من معدل الفائدة الحقيقي الذي يدفعه المقترضون، ما يعوض تأثير تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وأكد التقرير أنه لا تزال الكلفة الحقيقية للاقتراض على مدى 5 سنوات أقل الآن مما كانت عليه في منتصف عام 2020.

وتوقع التقرير أن ترتفع أسعار الفائدة في أمريكا لمدة عام أو أكثر بشكل حاد أكثر مما أشار إليه بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى الآن. ويتوقع بعض المتنبئين أنه سيرفع المعدلات 1.75 نقطة مئوية في عام 2022، لتصل لأعلى مستوياتها منذ 2005.

ماذا عن المدى الطويل؟

بعد كل شيء، يسعى معظم أصحاب المنازل والشركات إلى الاقتراض على مدى سنوات أو عقود. وللحصول على إجابة، عليك أن تنظر إلى ما وراء تصريحات جون باول القوى التي تقود الاقتصاد حيث إن السياسة النقدية ترتكز على معدل الفائدة المحايد، وهو سعر المال اللازم لتحقيق التوازن بين الرغبة العالمية في الادخار والرغبة في الاستثمار وهذا متغير أساسي لا يسيطر عليه محافظو البنوك المركزية.

المعدل المحايد

وعلى مدى الـ20 عاماً الماضية، انخفض هذا المعدل المحايد الأساسي بشكل مطرد، حيث خرجت المدخرات والاستثمار من المأزق.

وذكر التقرير أن ارتفاع المدخرات العالمية، الذي نتج في البداية عن اكتناز الاحتياطيات في الاقتصادات الآسيوية، يعني أن المبالغ الهائلة من الأموال تلاحق أي عائد، مهما كان هزيلاً أو محفوفاً بالمخاطر.

وفي الوقت نفسه، كانت الشركات التي تعرضت للصدمات الاقتصادية بعد الأزمة المالية العالمية وذلك منذ عام 2007-إلى 2009 ولذلك كانت مترددة في الاستثمار.

وأشار التقرير إلى أن الاستثمار التجاري قد يدخل مرحلة جديدة، وذلك بعد أن تعافى بشكل أسرع مما كان عليه بعد الأزمة المالية وذلك منذ الوباء.

ويرجع ذلك جزئياً إلى التحفيز الوبائي، الذي يتم سحبه الآن. وأكد التقرير أن الاستثمار التجاري يعكس التفاؤل بشأن التقدم التكنولوجي الذي يغذي الإنفاق على الملكية الفكرية، ويمثل هذا الآن أكثر من خمسي الاستثمار التجاري الأمريكي.

وفي الوقت نفسه، يؤدي التحول إلى الطاقة النظيفة إلى خلق حاجة استثمارية ربما تصل إلى 60% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم الغني.

وأكد التقرير أنه إذا استمر التفاؤل التقني وكان العالم جاداً بشأن مكافحة تغير المناخ، فمن المرجح أن يكون الاستثمار أقوى في عشرينيات القرن الحالي مما كان عليه في العقد الأول من القرن الـ21.