الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

ما هي تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على اقتصاد أوروبا؟

ما هي تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على اقتصاد أوروبا؟

تناول تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية التداعيات للعقوبات الأوروبية على روسيا والغزو الروسي لأوكرانيا، على التعافي الاقتصادي لأوروبا من جائحة كوفيد-19، وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن العقوبات والتوترات وأسعار الطاقة المرتفعة ستؤثر بشكل سلبي على الشركات والأسر في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو ويتزايد التضخم.

وأوضح التقرير أن حجم التداعيات سيعتمد على تصعيد العقوبات على الجانب الاقتصادي للصراع.

وتزود روسيا أوروبا بالكثير من موارد الطاقة التي تستخدم في تشغيل الأعمال التجارية، وتدفئة المنازل، بالإضافة إلى المعادن، وسلع أخرى لصناعة الأسمدة الزراعية، كما تصدر أوروبا لروسيا البضائع المصنعة وخاصة الآلات ومعدات النقل.

وأوضح التقرير أن ارتفاع تكاليف الطاقة مع وصول سعر برميل النفط لأكثر من 100 دولار، سيكون له تأثير مباشر على التوقعات الاقتصادية لأوروبا، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وخفض الدخل الحقيق للأسر.

وقال الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة، إنه سيمنع وصول 70% من النظام المصرفي الروسي عن الأسواق المالية الدولية، كما سيضع قيوداً على مقدار الأموال التي يمكن لكبار رجال الأعمال الروس الاحتفاظ بها في الاتحاد الأوروبي.

كما فرض الاتحاد حظراً على تصدير المعدات الرئيسية بما في ذلك الطائرات وقطع أشباه الموصلات، والأجزاء اللازمة لتحديث مصافي النفط الروسية.

ولم يفرض الاتحاد الأوروبي أي عقوبات على شراء النفط والغاز الروسي، في حين أن العقوبات على الطاقة تعد أكبر عقوبة يمكن أن يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو لغزو أوكرانيا، ولكن باعتبار أن أوروبا ستكون المتضرر الأساسي من هذه العملية، حيث إن 30% من ورادات أوروبا من الغاز من روسيا، حيث تعتمد اقتصادات كبيرة مثل ألمانيا وإيطاليا عليها بشكل خاص كمورد، كما تزود روسيا أكثر من ربع واردات الاتحاد الأوروبي من النفط.

وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يقوم قادة الاتحاد الأوروبي بممارسة الضغط مع مرور الوقت على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال لم يتمكن من تقليص اعتماده على النفط والغاز الروسي.

وتضاءلت صادرات البضائع الأوروبية إلى روسيا منذ تبادل العقوبات في عام 2014، بعد أن أعلن بوتين عن ضم شبه جزيرة القرم، وتمثل روسيا في الوقت الحالي 4% من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الخارج.

ولكن على الرغم من ذلك كانت روسيا خامس أكبر سوق خارجي للاتحاد الأوروبي في عام 2021، بمبيعات تصل إلى 89 مليار يورو، أي ما يعادل 100 مليار دولار.

وترسل ألمانيا ما يقل عن 2% من إجمالي صادراتها إلى روسيا، وهو ما يمثل 1% من ناتجها الاقتصادي، بينما تشتري روسيا حوالي 3% من صادرات بولندا.

وقال لورنزو كودوجنو المسؤول السابق في وزارة الخزانة الإيطالية، إن الأزمة في أوكرانيا، من خلال تأثيرها الأساسي على أسعار الطاقة، من الممكن أن تحسم ما يصل إلى نقطة مئوية من الناتج الاقتصادي لمنطقة اليورو هذا العام.

وقال كلاوس فريدريش الخبير في العقوبات في رابطة صناعة الهندسة الميكانيكية في ألمانيا VDMA وهي مجموعة تجارية، إن التأثير الاقتصادي للصراع في أوكرانيا، من المرجح أن يقزم المواجهات السابقة في تطبيق العقوبات، كالعقوبات على إيران، أو شبه جزيرة القرم، ووفقاً لبيانات VDMA تستورد روسيا ما يقارب خمس واردات الآلات من ألمانيا.

وأوضح فريدريش أن هناك روابط تجمع أوروبا مع روسيا في جميع أنواع المجالات الاقتصادية والسياسية.

وخلقت موجة ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو صداعاً للمسؤولين عن السياسات في البنك المركزي الأوروبي، والذين كانوا يحالون معرفة كيفية التخلص التدريجي من سياساتهم المالية السهلة وسط ارتفاع التضخم.

وناقش مسؤولو البنك المركزي الأوروبي علناً مدى سرعة إنهاء برنامج البنك العملاق لشراء السندات والذي بموجبه يشتري البنك المركزي عشرات المليارات من الدولارات من ديون منطقة اليورو شهرياً، ومن المقرر حالياً تشغيل البرنامج على الأقل حتى أكتوبر.

دعت إيزابيل شنابل مسؤولة تنفيذية ألمانية في البنك المركزي يوم الخميس إلى التخلص التدريجي من مشتريات البنك المركزي الأوروبي من السندات على الرغم من حالة عدم اليقين الناجمة عن صدمة الحرب التي تخيم على أوروبا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال طال الصراع وتصاعدت العقوبات في كلا الاتجاهيين وانخفضت إمدادات الطاقة، فقد يدخل اقتصاد منطقة اليورو في ركود قد يستمر من أوائل الصيف حتى بداية عام 2021، وفقاً لخبراء اقتصاديين في وكالة موديز.

وقال مارك زاندي كبير الاقتصاديين في وكالة موديز، إنه في حال قامت روسيا بتقييد الإمداد، أو حدث أي ضرر لخطوط الأنابيب، قد نشهد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، مما قد يؤدي إلى سيناريو التضخم المصحوب بركود اقتصادي.

ومن وجهة نظر الاقتصاديين في شركة التأمين العملاقة أليانز إس إي، أن سيناريو التعتيم الذي قد تقطع فيه روسيا إمدادات الطاقة، بالإضافة إلى حصول الركود الاقتصادي في منطقة اليورو، فإن تقديرهم لمعدل التضخم السنوي في منطقة اليورو في عام 2022 سيرتفع إلى 6.3% من أصل 3.8.%

وقال يورج كرايمر كبير الاقتصاديين في كومرتس بنك، إنه حتى بدون قطع روسيا لإمدادات الطاقة، صمن المرجح أن ترتفع فاتورة الطاقة في ألمانيا بمقدار ما يعادل 1.25% من الناتج الاقتصادي.

وأضاف أنه يمكن التخفيف من فقدان القوة الشرائية من خلال مدخرات الأسر الكبيرة التي تراكمت خلال الوباء، والتي تعادل حوالي 10% من دخلها السنوي.

وباعت صناعة الآلات الألمانية، التي يعمل بها حوالي مليون شخص، معدات تبلغ قيمتها 5.5 مليار يورو إلى روسيا العام الماضي، وفقاً لبيانات مجموعة VDMA التجارية، وشملت الصادرات الرئيسية الآلات الزراعية مثل الحصادات ومعدات صناعة النفط والغاز ومعدات البناء، بينما بلغت مبيعات أوكرانيا مليار يورو.

وقالت الخبيرة الاقتصادية في شركة VDMA مونيكا هولاشر، إن الشركات تشعر بالقلق بشأن عقودها الحالية في روسيا، وأضافت أن العديد من شركات الآلات الألمانية تعمل في روسيا بدون تأمين على الصادرات، وذلك لأن حجم الصادرات الذي يقل عن مليون يورو يكون مكلفاً للغاية، مما يعني أنهم قد يواجهون الآن خسائر في المنتجات التي بدؤوا العمل عليها أو كانوا على وشك تسليمها.

وقال السيد فريدريك إن المصدرين قلقون من العقوبات قد تمنع عمليات التسليم أو المدفوعات وإن العملاء الروس يمكن أن يقوموا بإلغاء الطلبات.

وقال فريدريك إن الشركات الألمانية لم تتلقَ التعويضات خلال فترات العقوبات السابقة كالعراق والقرم لأنها كانت تعمل على مسؤوليتها الخاصة.