الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

دول عربية تتبنّى الصكوك لتمويل مشروعات البنية التحتية

دول عربية تتبنّى الصكوك لتمويل مشروعات البنية التحتية

صندوق النقد العربي

أصدر صندوق النقد العربي العدد الـ27 من سلسلة موجز سياسات حول «استخدام الصكوك لتمويل مشروعات البنية التحتية بالدول العربية».

وأشار الموجز إلى أن البنية التحتية تسهم في دعم النمو الاقتصادي، والحد من الفقر وعدم المساواة، وخلق فرص العمل، وتعزيز الاستدامة البيئية، كما تولّد عائدات اجتماعية تساعد على تعزيز مستويات الرفاهية الاقتصادية.

وأوضح أن الحكومات مسؤولةً عن تقديم الخدمات العامة، وتعمل على توفير البنية التحتية اللازمة لدعم النمو والتنمية الاقتصادية، وغالباً ما يكون الاستثمار في البنية التحتية جزءاً من العقد الاجتماعي بين الحكومة ومواطنيها.

ويحتاج تمويل البنية التحتية إلى حشد أموال ضخمة تفوق في الغالب قدرة الحكومات على توفيرها خاصة في ظل القيود المالية المتعلقة بالميزانية، ما يسفر عن ظهور فجوة استثمار في البنية التحتية تتسع باستمرار، وبشكل خاص في الدول النامية. ولأن الدولة تتحمل النسبة الأكبر من مسؤولية التعامل مع التحديات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، تسعى الحكومات إلى البحث عن آليات وطرق مبتكرة وجديدة تسمح لها بتمويل البنية التحتية التي هي في أمسّ الحاجة إليها، دون زيادة الضرائب أو زيادة أعباء الدين العام.

وفي هذا الإطار، أوضح الموجز أن هناك مجموعة من الدوافع التي تُبرز أهمية تبني الصكوك لغرض تمويل مشروعات البنية التحتية، يتمثل أهمها في رغبة الحكومات في رأب جانب من فجوة تمويل الاستثمار في البنية التحتية، وهو تحدٍ متأصل في مجال تمويل البنية التحتية، وإذا أرادت الدول تضييق فجوة الاستثمار في البنية التحتية -خاصةً في ظل قيود الموازنة العامة للدولة- فإن البحث عن الوسائل الكفيلة بحشد الأموال لصالح مشروعات البنية التحتية، يعتبر أمراً أساسياً للتغلب على هذه الفجوة لا سيما في ظل إحجام المصارف عن تمويل تلك المشروعات للعديد من الأسباب.

كذلك فإن نمو صناعة التمويل الإسلامي، وبشكل خاص أسواق رأس المال ومنها الصكوك لا سيما في الدول العربية التي تعتبر رائدةً في مجال هذه الصناعة عالمياً، وما عرفته أسواق الصكوك خلال السنوات القليلة الماضية من زخم، يجعل الاستفادة منها في تمويل البنية التحتية أمراً في غاية الأهمية، خاصةً مع ما تمتاز به الصكوك من مرونة وقدرة على تمويل مختلف أنواع المشروعات.

في هذا السياق، تناول الموجز أهم التحديات التي تواجه تمويل وتطوير البنية التحتية، وأشار إلى أنه على الرغم من أن الوصول للتمويل ليس التحدي الوحيد الذي يواجه الحكومات على صعيد الاستثمار في البنية التحتية، فإنه يعتبر أصعبها، فيما تتضمن بقية التحديات اعتبارات حوكمة العلاقات التعاقدية لتلك المشروعات، فيما يُعرف بمشكلة «الوكالة»، وقيود الموازنة العامة للدولة، والحاجة إلى الصيانة الدائمة للبنية التحتية القائمة للحفاظ عليها.

رغم الصعوبات التي قد ينطوي عليها استخدام الصكوك لتمويل مشروعات البنية التحتية، ومن أهمها عدم توافق هيكل التدفقات النقدية للصكوك مع مثيله السائد في حالة مشروعات البنية الأساسية، إلّا أن الهياكل المرنة الممكنة التطبيق في إصدار الصكوك، تتيح فرصاً لتمويل مراحل مختلفة من مشاريع البنية التحتية، كما تُتيح كذلك إمكانية حشد الأموال لتمويل رأس المال العامل، وتوفير الاحتياجات المالية الأخرى. ولأن فئات المستثمرين تختلف، يتيح استخدام الصكوك كذلك الاستفادة من تنويع قاعدة المستثمرين.

وتناول الموجز تجربتين رائدتين في مجال إصدار الصكوك لتمويل مشاريع البنية الأساسية في كل من السعودية وماليزيا، حيث تم في التجربة الأولى استعراض تجربة وزارة المالية السعودية (من خلال المركز الوطني لإدارة الدين) بإنشاء برنامج لإصدار صكوك هجينة (مضاربة/مرابحة) في عام 2017 بغرض تمويل مجموعة من مشروعات البنية التحتية، نتج عنه أحد أنجح إصدارات الصكوك، وأكبرها حجماً بقيمة 9 مليارات دولار، أما في ماليزيا، فقد تم استعراض تجربة تمويل مشروع لإنتاج الطاقة بين الحكومة والقطاع الخاص من خلال إصدار الصكوك.

رغم وجود عدد من التجارب الدولية الأخرى، فإن التجربتين اللتين تطرّق إليهما الموجز تتميزان بحجمهما الكبير نسبياً، وكونهما استُخدمتا لتغطية كامل تكلفة مشروعات البنية التحتية المُشار إليها. كذلك تظهر التجربتان، صعوبة استخدام الصكوك (البسيطة) القائمة على عقد واحد لغرض تمويل هذا النوع من المشروعات، بل يحتاج تطبيقها إلى إصدار صكوك هجينة مكونة من أكثر من عقد، منها على سبيل المثال صكوك (مرابحة/مضاربة)، أو صكوك (استصناع/إجارة) بما يتناسب مع طبيعة كل مرحلة من مراحل تلك المشاريع.