الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

تقدر بالمليارات.. كم تبلغ كلفة إعادة إعمار أوكرانيا؟

تقدر بالمليارات.. كم تبلغ كلفة إعادة إعمار أوكرانيا؟

تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا بتحويل أجزاء كبيرة من البلاد إلى أراضٍ قاحلة، حيث تضررت أغلب الهياكل الصناعية بسبب الغارات الجوية، وتأثرت البنية التحتية بشكلٍ كبير، وقصفت المدن الكبيرة.

وذكرت مجلة إيكونومست البريطانية، أن إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، قد تكون مهمة ضخمة، حيث تدمرت العديد من المنازل والمستشفيات والجسور والموانئ، ومع استمرار الحرب، هناك توقعات بالمزيد من الدمار.

ويقوم المسؤولون والخبراء الاقتصاديون الآن بتقييم الأضرار والاستفادة من دروس حرب ألمانيا وأماكن أخرى، ويفكرون في كيفية التعافي النهائي من الازمة.

كلفة إعادة الإعمار

ووضع باحثون من مركز أبحاث السياسة الاقتصادية CEPR الكلفة الإجمالية لإعادة بناء أوكرانيا، والتي بلغت من 220 مليار دولار إلى نحو 540 مليار دولار، وذلك بما يتماشى مع حسابات الحكومة الخاصة.

وأشار الخبراء إلى أن الطريقة التي ستتم بها إعادة الإعمار والإصلاحات المصاحبة لها لا تقل أهمية عن الأموال التي يتم إنفاقها، وأضافوا أنه في حال تم القيام بالمهمة بالشكل الجيد، فمن الممكن أن يصبح الاقتصاد أكثر انفتاحاً وديناميكية.

خسائر الاقتصاد الأوكراني

قال خبراء في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية WIIW وهو مؤسسة فكرية، إن المناطق المتضررة حتى الآن تشكل 29% من ناتج الاقتصاد الأوكراني.

وأظهرت البيانات انخفاضاً في استهلاك الكهرباء بنحو الثُلث مقارنة بالعام الماضي.

ووفقاً لمسح أجراه البنك المركزي، توقفت 30% من الشركات في جميع أنحاء أوكرانيا عن الإنتاج تماماً، بينما خفضت 45% من الشركات نسبة إنتاجها.

ويعتقد البنك الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45% هذا العام.

المساعدات الغربية

بلغت قيمة المساعدات التي قدمتها الدول الغربية لأوكرانيا 7 مليارات دولار حتى الآن، والتي ساعدت بالحفاظ على السيولة العامة.

وحصل المزارعون على أجورهم على 20 مليار هريفنا، أي ما يعادل 675 مليون دولار حتى يتمكنوا من مواصلة العمل، كما يمكن للمصنعين التقدم للحصول على المساعدة للانتقال لداخل أوكرانيا، وذلك بعد قيام روسيا بإغلاق طريق التصدير الرئيس لأوكرانيا عبر البحر الأسود، إلا أن الحكومة الأوكرانية تعمل مع الاتحاد الأوروبي لتسهيل التجارة البرية التي بدورها سهلت خروج 80% من الصادرات.

مراحل إعادة البناء

قال الخبراء إن إعادة بناء المناطق التي مزقتها الحرب سيكون لها ثمن باهظ، حيث توجد أمام أوكرانيا 3 مهام رئيسية لإتمام عملية الإعمار، وهي تطهير المناطق المتضررة من الألغام، وغيرها من بقايا الحطام، وعلى الرغم من أن المساحة الكاملة لأماكن وجود الألغام والحطام لا تزال غير واضحة، فإن التجارب السابقة تؤكد أن العملية مكلفة للغاية.

وقبل الحرب قدرت وزارة الدفاع الأوكرانية كلفة إزالة الألغام من منطقة دونباس التي هاجمتها روسيا في عام 2014 بمبلغ 650 مليون يورو، كما أن جهود إزالة الألغام من العراق بلغت كلفتها على مدى 10 سنوات ما يقارب مليار دولار.

ولا تشهد أوكرانيا ارتفاعاً مستمراً في عدد النازحين داخلياً، وحتى وقت كتابة هذا التقرير بلغ عدد النازحين 7.1 مليون شخص، بينما لجأ 4.5 مليون آخرين إلى خارج البلاد، وقدر برنامج التعقب الذي أعدته كلية كييف للاقتصاد أن قيمة المساكن المدمرة بلغت 29 مليار دولار.

وتعد البنية التحتية هي العنصر الأكثر كلفة في عملية إعادة الإعمار، والتي تشمل إعادة بناء المنشآت الصناعية والشوارع وغيرها من المرافق العامة التي تضررت بسبب الحرب.

وحتى الآن قدر الخبراء تجاوز تكاليف الدمار الذي لحق بمحطات الطاقة والمصانع والجسور والطرق وغيرها من البنى التحتية حاجز الـ50 مليار دولار، وقد تبلغ كلفة إعادة البنية التحتية والصناعية نحو 119 مليار دولار.

وستتطلب عملية إعادة الإعمار خطة تمويل لتخصيص الأموال للمشاريع، وأنشأت الحكومة الأوكرانية صندوق للتعافي، وتعمل الوزارات على تقديم المقترحات اللازمة لإعادة البناء.

ومع خسارة وزارة المالية الأوكرانية عائدات تبلغ نحو ملياري دولار شهرياً، ستكون هناك حاجة إلى بعض الأموال لدعم المالية العامة، حيث ستضيف عملية إعادة الإعمار العديد من الضغوط المالية على الاقتصاد الأوكراني، وقد تكون أوكرانيا بالفعل في وضع غير قادرة به على الاقتراض أو سداد الديون.

وعادة في مثل هذه الحالات تتكفل الحكومات الغربية والمنظمات الدولية والمستثمرين من القطاع الخاص بتأمين التمويل اللازم.

وتعد مسألة تخصيص الأموال هي الأصعب، ويقترح مركز البحوث الاقتصادية والسياسية CEPR استخدام الاتفاقيات الإطارية وعمل عقود دائمة مع الشركات لتقديم المنتج بسعر ثابت، وفتح العقود التي تضمن الشفافية حتى بدون مناقصات.

وستشمل المرحلة الأخيرة من إعادة بناء أوكرانيا، مساعدة اقتصادها على إعادة الازدهار. وفي عام 2019، كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالقيمة الحقيقية أقل مما كان عليه عند سقوط الاتحاد السوفيتي، وهو ما يدل على الافتقار الطويل الأمد للإصلاح البلاد.

وكانت العديد من الشركات الأوكرانية العاملة المملوكة للدولة والبالغ عددها 1500 شركة خاسرة أو بالكاد تدر أرباحاً، وحتى قبل الحرب كان صندوق النقد الدولي قد حث الحكومة على تعزيز إطارها لمكافحة الفساد وسيادة القانون.

وأوضح الخبراء أن عملية إعادة الإعمار ستكون فرصة لجعل الاقتصاد الأوكراني أكثر حداثة وتنافسية، وفي الوقت نفسه تشير عمليات إعادة الإعمار الماضية إلى أن نجاحها يمكن أن يأتي أيضاً من حدوث تكامل أوثق مع أوروبا، كما حدث مع ألمانيا الغربية منذ عقود.

وغالباً ما يعزى النمو السريع لبولندا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، ففي السنوات الـ15 التي تلت انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، زاد الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة تزيد على 80%.

وكانت أوكرانيا تتجه في السنوات الأخيرة إلى توثيق علاقاتها مع أوروبا، حيث ارتفعت حصة صادراتها المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي من نحو 30% في عام 2014، إلى 36% في عام 2020، بينما انخفضت حصة صادراتها إلى روسيا من 18% إلى 5.5%.