السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

ارتفاع أسعار الغذاء وتعطل الإمدادات يُهدد الأسواق الناشئة

ارتفاع أسعار الغذاء وتعطل الإمدادات يُهدد الأسواق الناشئة
رغم أن معظم الأسواق الناشئة لا تعتمد اعتماداً كبيراً على روسيا أو أوكرانيا للحصول على احتياجاتها الغذائية، فهناك نقاط رئيسية مهمة تتمثل في الصادرات الكبيرة من القمح والذرة والبذور النباتية إلى تركيا ومعظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا.

وبحسب موقع «كابيتال ايكونومكس»، فانه حتى وإن لم تنقطع الإمدادات، فإن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء في العديد من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات، بل ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الاختلالات الخارجية في بعض البلدان في شمال أفريقيا.

خيارات صعبة


وستجد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نفسها مضطرة للمفاضلة بين خيارات أحلاها مر، فإما أن تقبل بدعم المواد الغذائية الأكثر كلفة وإما أن تقبل بخفض الإنفاق الحكومي، أو تختار دعماً أقل سخاء وأعلى تضخماً.


وأثارت الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والإمدادات الغذائية في الأسواق الناشئة، وتعطلت أو توقفت بعض الصادرات من روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب، ما فاقم الأزمات الغذائية في الدول التي تعتمد على الإمدادات الغذائية من روسيا وأوكرانيا، ما ساهم في ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء للأمم المتحدة في مارس إلى أعلى مستوى له منذ عام 1990.

ولا يتوقف تحديد الأسواق الناشئة الأكثر اعتماداً على روسيا وأوكرانيا في الحصول على إمداداتها الغذائية على مجرد حصة وارداتهم الغذائية من هذين البلدين، وإنما يتطلب الأمر أيضاً معرفة التوازن بين الإنتاج المحلي وصافي الواردات، ومدى قدرة هذه الأسواق على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة للإمدادات الغذائية فإن معظم الأسواق الناشئة لا تعتمد بشكل كبير على روسيا وأوكرانيا في إمداداتها الغذائية.

الاكتفاء الذاتي

وتعد بلدان أمريكا اللاتينية من أكثر بلدان العالم اكتفاء ذاتياً وأقلها اعتماداً على الواردات من روسيا وأوكرانيا، ولكن تركيا ومعظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد على واردات العديد من الأغذية من روسيا وأوكرانيا، وتقع دول آسيا وأفريقيا وأوروبا الوسطى في مكان ما بينهما.

وتعتمد الأسواق الناشئة على وجه الخصوص على مجموعتين غذائيتين هما: الحبوب والبذور النباتية، وعلى سبيل المثال تمثل الواردات الروسية والأوكرانية نسبة تراوح بين 20 و30% من إمدادات القمح المحلية في تركيا وإندونيسيا وأجزاء من أفريقيا، ونسبة تراوح بين 40 و50% في كل من مصر والإمارات وتونس.

وتمثل واردات بذور زيت عباد الشمس 30% من الإمدادات المحلية في تركيا وبولندا والصين وكوريا، و60% في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأكثر من 70% في تونس والهند وماليزيا، وتضم قائمة الاعتماد أيضاً فول الصويا في كل من تركيا وبولندا، والذرة في تونس، ومنتجات الكاكاو في الإمارات.

وترجح هذه البيانات أن تعاني العديد من الأسواق الناشئة من نقص في الحبوب هذا العام، لا سيما مع تضرر الزراعة والحصاد في أوكرانيا بسبب الحرب، ولكن ذلك قد يفتح الباب أيضاً أمام إعادة توجيه التدفقات التجارية، لدول أوروبا الوسطى والهند والأرجنتين وأستراليا، والتي يمكنها تصدير المزيد من القمح.

شكوك في زيادة الإنتاج

وهناك شكوك حول قدرة الدول على زيادة الإنتاج من المحاصيل الزراعية في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة التي تعد روسيا المنتج الرئيسي لها، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل حاد، وحتى لو تمكنت الأسواق الناشئة من تأمين إمداداتها الغذائية، فإنها ستدخل في منافسة مع دول أخرى، ما يرفع أسعار الغذاء العالمية.

وبالإضافة إلى ذلك حظرت العديد من البلدان تصدير هذه المنتجات لحماية الإمدادات المحلية، وقد تضطر البلدان إلى الاعتماد على الاحتياطيات الغذائية الاستراتيجية، وعلى سبيل المثال قالت السلطات في مصر إن لديها أقل من 3 أشهر من القمح في الاحتياطيات الاستراتيجية.

الإنفاق الاستهلاكي

ويحذر الخبراء من أن هذه التطورات ستؤدي إلى وصول أسعار الغذاء هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات في العديد من الأسواق الناشئة، ما يثقل كاهل أصحاب الدخول المنخفضة نظراً لارتفاع حصة الغذاء في الإنفاق الاستهلاكي والقدرة المحدودة على الاستعاضة عن الحبوب والزيوت.

ومن المرجح أن تبقي المصارف المركزية أسعار الفائدة مرتفعة لمعالجة التضخم المستهدف، ولا سيما في أمريكا اللاتينية وأوروبا الوسطى والشرقية، وسيؤدي ذلك أيضاً إلى تفاقم الاختلالات الخارجية في العديد من البلدان.

وستشهد البلدان الكبيرة المستوردة للأغذية، مثل تلك الواقعة في شمال أفريقيا، فواتير استيراد أكبر في وقت ترتفع فيه بالفعل بسبب ارتفاع أسعار النفط، ما يضع ضغوطاً شديدة على المالية العامة في بعض البلدان التي يسود فيها دعم المواد الغذائية.