الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

كيف يدفع العالم ثمن الحرب في أوكرانيا؟

كيف يدفع العالم ثمن الحرب في أوكرانيا؟

روسيا، وكالات

كانت روسيا لسنوات من أكبر الأسواق المصدرة للسلع الأساسية عالمياً، مثل الطاقة والقمح والنيكل والألمنيوم والبلاديوم وغيرها، لكنَّ الحرب في أوكرانيا دفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في هذه العلاقة، ومع اقتراب الحرب في أوكرانيا من يومها الـ100، ما تزال روسيا تستفيد من نحو 800 مليون دولار يومياً هذا العام من السلع الأساسية والنفط والغاز.

تعاني روسيا من العقوبات التي جعلتها «منبوذة» في معظم دول العالم، حيث غادرت كبرى الشركات مع مليارات الدولارات من الأصول، ما يسير بالاقتصاد نحو ركود عميق.

لكن يمكن لروسيا تجاهل هذا الضرر حالياً لأنَّ خزائنها أصبحت تفيض بعائدات السلع الأساسية التي زادت أرباحها بفضل ارتفاع الأسعار العالمية الناجم جزئياً عن الحرب.

وحتى مع توقُّف بعض البلدان عن شراء الطاقة من روسيا أو إلغائها تدريجياً، ستبلغ عائدات روسيا من النفط والغاز نحو 285 مليار دولار هذا العام، وفقاً لـ«بلومبيرغ»، متجاوزة عائدات 2021 بما يزيد على الخُمس، وإذا أضفنا إلى ذلك السلع الأخرى، فستعوِّض روسيا ما يزيد على 300 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية المجمَّدة بسبب العقوبات.

ويدرك قادة الاتحاد الأوروبي أن التوقف عن شراء الطاقة من روسيا سيخلف عواقب وخيمة على اقتصاداتهم، لذلك اتفقوا هذا الأسبوع على فرض حظر جزئي على النفط الروسي، ما يمهد الطريق لحزمة سادسة من العقوبات بعد أسابيع من المساومة والانقسام.

من جهة أخرى، يناقش المسؤولون في الولايات المتحدة سبل التصعيد من خلال فرض عقوبات رادعة على الدول والشركات التي ما تزال تتعامل مع الشركات الروسية، لكنَّ هذه العقوبات الثانوية تسبب انقسامات عميقة وتهدد بإلحاق الضرر بالعلاقات الدولية.

وحظرت الولايات المتحدة النفط الروسي مسبقاً، لكنَّ أوروبا تفطم نفسها عنه ببطء، يمكن لذلك أن يمنح موسكو الوقت الكافي للعثور على أسواق أخرى للحدِّ من أي ضرر يصيب إيرادات التصدير، يعني ذلك أنَّ الأموال تتدفق إلى حسابات روسيا، ما يدفع الغرب للتفكير بتغيير جذري.

وارتفعت عائدات صادرات النفط وحدها بنسبة 50% مقارنةً بما كانت عليه قبل عام، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، كما حقَّق كبار منتجي النفط في روسيا أعلى أرباحهم في نحو عقد في الربع الأول، إضافة لصادرات القمح ذات الأسعار المرتفعة.

وزاد فائض الحساب الجاري أيضاً، إلى ما يزيد على 3 أضعاف في الأشهر الأربعة الأولى من السنة ليبلغ نحو 96 مليار دولار، ويعدُّ ذلك أعلى رقم منذ 1994 ويعكس طفرةً في أسعار السلع الأساسية إلى جانب الهبوط في الواردات تحت وطأة العقوبات الدولية.

وأصبح الروبل رمزاً آخر تستخدمه روسيا لإبراز قوتها، حيث حقق أداء جعله أفضل عملة في العالم مقابل الدولار هذا العام.

وارتفعت إيرادات روسيا الشهرية من تصدير النفط بنحو 50% هذا العام، واشترت شركات التكرير الهندية ما يزيد على 40 مليون برميل من النفط الروسي بين بداية الحرب في أواخر فبراير وأوائل مايو، بزيادة بنسبة 20% على التدفقات الروسية الهندية لكامل عام 2021، وفقاً لـ«بلومبيرغ».

من جهة أخرى، تعمل الصين على تعزيز روابطها مع روسيا بشأن الطاقة وتأمين أسعار أرخص من خلال شراء النفط الذي تتجنب بلدان أخرى شراءه.

تعزز الصين كذلك الواردات وتجري محادثات لملء مخزوناتها من النفط الخام الاستراتيجي بالنفط الروسي، حيث ارتفعت الواردات من روسيا لشهر ثالث في أبريل إلى ما يزيد على ضعف مستوى العام الماضي، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، إذ حاول بعض بائعي النفط والفحم الروسيين تسهيل الأمور على المشترين الصينيين من خلال السماح بالمعاملات باليوان.

تعدُّ روسيا أيضاً مورِّداً رئيسياً للمواد الخام الأساسية، حيث تمد روسيا القارة العجوز بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز، ما يعدُّ أصعب تحدٍّ يتعيَّن على الاتحاد مواجهته، كما قفزت عمليات التسليم الأوروبية في فبراير ومارس، حيث تسببت الحرب في ارتفاع الأسعار في مراكز الغاز الأوروبية، ما جعل المشتريات من شركة «غازبروم» الروسية أرخص بالنسبة لمعظم العملاء الذين لديهم عقود طويلة الأجل.

وقطعت روسيا بالفعل إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا وفنلندا وهولندا التي رفضت الاستجابة لمطالبها لفتح حسابات بالروبل لدى بنك روسي في إطار نظام تسوية المدفوعات.

لكن رغم انخفاض اعتماد الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي من 55% إلى 35%، ما تزال توجد الكثير من التعقيدات في كل خطوة، ومع ذلك، أفادت وكالة الطاقة الدولية بأنَّ أوروبا يمكن أن تستغني عما يزيد على نصف الغاز الروسي هذا العام.

ويواجه قطاع الطاقة في روسيا مجموعة من العوامل الأخرى التي تتجاوز الطلب، مثل قيود الشحن والتأمين وضعف الطلب المحلي، لذلك يمكن أن ينخفض إنتاج النفط بما يزيد على 9% هذا العام، في حين أنَّ إنتاج الغاز قد ينخفض بنسبة 5.6%، وفقاً لتوقعات وزارة الاقتصاد الروسية.