الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بن طوق: تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية أولوية رئيسية لمشاريع الخمسين

بن طوق: تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية أولوية رئيسية لمشاريع الخمسين

قال عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي إنه لا توجد حاجة إلى التعمق في التاريخ للإيقان أن 2021 سيصبح واحداً من أكثر الأعوام أهمية في التاريخ الحديث لدولة الإمارات، فقد احتفلنا فيه باليوبيل الذهبي للدولة، ورحبت بالعالم في إكسبو 2020 دبي، بالإضافة إلى إطلاق القيادة الرشيدة فصلاً جديداً في مسيرة النجاح المتواصلة عبر «مشاريع الخمسين»، التي تشمل حزماً متكاملة من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية، وترسم مسار الإنجازات خلال الخمسين عاماً المقبلة، وصولاً إلى مئوية الإمارات عام 2071، عبر تغييرات هيكلية وجذرية في المنظومة الاقتصادية، تشمل تمكين القطاعات الاقتصادية المحلية والكوادر المواطنة، وتطوير مجموعة قوانين ومبادرات وطنية خاصة بتمكين الكفاءات الوطنية والمواهب ورواد الأعمال الإماراتيين، وإطلاق مشاريع لاستقطاب المواهب والمستثمرين للدولة، وبناء شراكات اقتصادية عالمية، بهدف ترسيخ مكانة الدولة مركزاً عالمياً للأعمال، ووجهةً مفضلة للمواهب والمبتكرين.

وأوضح أن لتحقيق هذا الهدف، تم اتخاذ عدد من الخطوات منها إصدار قانون الشركات الذي يسمح بملكية الأجانب بنسبة 100%، واعتماد عطلة نهاية أسبوع جديدة تتماشى مع الأسواق والاقتصادات الرئيسية حول العالم، وتعديل قوانين العمل والإقامة لتكون أكثر مرونة لجذب أفضل العقول والكفاءات إلى سوق العمل، والإعلان عن التزام الدولة بالوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول 2050.

وذلك بما يُحقق أهداف ومبادرات المرحلة الثالثة من خطة التعافي والنهوض الاقتصادي التي أطلقها مجلس الوزراء في أغسطس 2020، ونتخذ منها خارطة طريق للنمو وتهيئة الاقتصاد الوطني للانتقال إلى نموذج أكثر مرونة واستدامة بمحركات نمو جديدة تخدم احتياجات اقتصاد المستقبل.

وأشار إلى أن الأهمية الاستراتيجية بعيدة المدى لمشاريع الخمسين، تتطلب إعادة تقييم العلاقات التجارية للدولة من شأنها تحقيق نتائج سريعة، كما أشار إلى أنه كان من الضروري إعادة هندسة اقتصادنا الوطني، ليس فقط لمواجهة تحديات المستقبل، ولكن أيضاً لتخطي عقبات الحاضر، وخصوصاً ما يتعلق بتداعيات التفشي العالمي لوباء كورونا، مؤكداً أنه من هذا المنطلق جاءت الاستجابة الحكومية للتحديات الراهنة للاقتصاد العالمي والتأثيرات السلبية لجائحة «كوفيد-19» على سلاسل التوريد حول العالم سريعة ومدروسة، إذ أصبح تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الشركاء الاستراتيجيين للدولة في جميع أنحاء العالم أولوية رئيسية لمشاريع الخمسين، عبر إطلاق برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية، بهدف تلبية الحاجة المتزايدة إلى تحفيز تدفق السلع والخدمات داخل وخارج دولة الإمارات، وترسيخ مكانتها بوابةً رئيسية لتدفق التجارة الدولية عبر أرجاء العالم، وتحفيز الاستثمار وتوفير فرص جديدة للمشاريع المشتركة، والمساهمة في استقطاب جميع أشكال رؤوس الأموال، سواء كانت البشرية أو التكنولوجية أو المالية.

وذكر بن طوق أنه في الصيف الماضي، اعتمدت حكومة دولة الإمارات قائمة أولية تضم 8 دول، لإطلاق محادثات معها بهدف التوصل إلى اتفاقيات للشراكة الاقتصادية الشاملة، وجاء اختيار هذه الدول بعناية ووفقاُ لمعايير محددة، أبرزها أنها تتمتع بأهمية استراتيجية إقليمياً وعالمياً، كما يعيش فيها مجتمعةً 26% من سكان العالم، وتسهم بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وكان الهدف الرئيس هو تأمين زيادة سنوية قيمتها 40 مليار درهم في تجارة الدولة مع هذه الدول.

وأضاف أنه ترجمةً للمكانة العالمية المرموقة لدولة الإمارات في مختلف المجالات، فقد كانت استجابة هذه الدول إيجابية للغاية، وجرى إطلاق المحادثات مع كل من إندونيسيا وإسرائيل والهند، وبالتزامن مع ذلك بدأنا في استكشاف مجموعة من الفرص مع دول أخرى ذات نظرة مستقبلية مماثلة لرؤية الدولة، وخصوصاً الأسواق التي تسعى إلى علاقات أوسع وأكثر تكاملاً مع الإمارات لتحقيق منافع متبادلة.

ومع انتهاء 2021، وتحول الخطط التي أُطلقت خلاله إلى واقع ملموس في العام الجديد، فإن أولى اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة جرى إنجازها وتوقيعها، واللافت أنها مع جمهورية الهند الصديقة بكل ما تمثله من علاقات تاريخية وتجارية وثقافية واقتصادية ضاربة في القدم مع دولة الإمارات، وكونها أحد أقدم حلفاء وشركاء الدولة ومن بين أكثرهم ثقة، لتصبح الهند الدولة التي نكتب معها الفصل الأول في هذه الحقبة الجديدة من النمو والازدهار المتبادل لاقتصاد وتجارة الدولتين الصديقتين، وبما يعود بالفائدة أيضاً على حركة التجارة العالمية ككل، كما أننا نفتح صفحة جديدة من التعاون التجاري تخدم جهود التعافي للاقتصادين من تداعيات الجائحة العالمية وتؤسس لمرحلة أكثر نمواً وازدهاراً لما بعد كوفيد-19.

فصل جديد من العلاقات الإماراتية الهندية

وقال بن طوق إن اتفاقيات الشراكة ستعود بالمكاسب المباشرة للإمارات والهند، إذ إنها ستزيد التجارة البينية غير النفطية إلى 100 مليار دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة، بفضل الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية على أكثر من 80% من البضائع، وسيتمتع المصدّرون الإماراتيون بوصول أكبر إلى سوق ضخم يضم ما يقارب 1.4 مليار مستهلك، وستكون الشركات الإماراتية أكثر قدرة على اغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات متعددة مثل الضيافة والتشييد والخدمات.

وأوضح أن التقديرات تشير إلى أنه بحلول عام 2030 ستضيف الاتفاقية نحو 1.7% إلى الناتج المحلي الإجمالي لدولة، بما قيمته 8.9 مليار دولار، وستزيد الصادرات الإماراتية بنسبة 1.5%، وينمو حجم الواردات بنسبة 3.8%، أي بقيمة 14.3 مليار دولار إضافية، كما ستتيح الاتفاقية خلق أكثر من 140 ألف وظيفة في قطاعات تتطلب مهارات عالية وكفاءات متخصصة ضمن سوق العمل الإماراتي، مما يسهم في رفع القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتسريع الابتكار في القطاع الصناعي المتزايد الأهمية.

وأشار إلى أنه بالنسبة للهند، فإن الاتفاقية تتيح لمجتمع الأعمال وصولاً أفضل للسوق الإماراتي بما يتضمنه من إمكانيات لتصنيع السلع والتقنيات الرقمية والآلات الصناعية والأجهزة المنزلية والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، كما أنه بوابة رئيسية خالية من التعقيدات تسهل النفاذ إلى الاقتصادات سريعة النمو في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا. ومعاً، يمكن للدولتين الاستمرار في استكشاف الفرص بشكل مشترك في قطاعات الصناعة والبنية التحتية والطاقة والزراعة.

وأكد أن هذه الاتفاقية التاريخية تتمتع بالمرونة الكافية لضمان استمرارية تطويرها، بما يخدم مصالح الطرفين، حيث إن هناك عدداً من فصول الاتفاقية تتضمن آفاقاً للتطوير في المستقبل، ومن أبرزها التجارة الإلكترونية، والتي تعد من القطاعات الجديدة والمهمة والتي تشهد تطورات متلاحقة في ظل التقدم التكنولوجي السريع.

أما بالنسبة للعالم، فأكد أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الإمارات والهند خطوة مهمة نحو الالتزام بتنفيذ ما جاء في الإعلان المشترك لقادة قمة مجموعة العشرين في نوفمبر 2020، الذي أكد أن «التجارة مهمة الآن كما كانت دائماً»، وأنه يجب أن تركز الحكومات حول العالم على «السعي إلى توفير بيئة تجارية واستثمارية حرة وعادلة وشاملة وغير تمييزية وشفافة ومستقرة ويمكن التنبؤ بها مع إبقاء الأسواق مفتوحة».

وأضاف أنه كونها دولة فاعلة في المجتمع الدولي، فإن الإمارات ومن خلال برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية العالمية ستواصل المساهمة في تحقيق هذا الهدف، لأننا دولة تجارية منذ القدم ويرتبط تاريخها العريق وتراثها الأصيل ارتباطاً وثيقاً بالطرق البحرية بين الشرق والغرب، حيث يمثل القطاع اللوجيستي والأنشطة المرتبطة أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدولة، ولذا تدرك دولة الإمارات أهمية سلاسل التوريد المستدامة والمرنة، وأنظمة التجارة القائمة على تكافؤ الفرص، والأسواق العالمية المفتوحة أمام بضائع وخدمات الدول النامية والشركات الناشئة.

وأشار إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع الهند، خامس أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان، هي باكورة سلسلة من الاتفاقيات المثيلة التي ستتيح فرصاً هائلة للنمو والازدهار، ليس للدولتين فقط، ولكن للمنطقة ككل.

وقال إنه بالتوازي مع تطلع دولة الإمارات لإطلاق الإمكانيات الكامنة لاقتصادها الوطني في مرحلة ما بعد الجائحة، فإن الخمسين عاماً المقبلة من مسيرة النجاح الاقتصادي والتجاري والاستثماري تبدأ من هنا.