الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

فيصل النقبي: موهوب في تحويل «الخردة» إلى «ديكور»

جعل من الابتكار والاستدامة منطلقين أساسيين للإنتاج الوطني في مجال مستلزمات المنازل والمكاتب والمطاعم والمقاهي، ليحول المعدات التالفة إلى كراسيّ ومجالس وأداوت إنارة وخزائن للكتب وأرفف منزلية وغيرها من المنتجات التي تناسب كافة الاستخدامات البشرية.

ووظف رائد الأعمال الإماراتي ومؤسس مشروع «كراسي» برأس الخيمة، فيصل النقبي، موهبته الحرفية في أعمال الحدادة والنجارة، في ابتكار منتجات متعددة للاستخدامات المنزلية والمكتبية، من خلال إعادة تدوير المواد التالفة من خرداوات الإطارات، والبراميل، والأنابيب الحديد والبلاستيك، والأخشاب، ليجعل منها معدات صالحة للاستخدام ومستدامة.

وقال في حديثه مع «الرؤية»، إنه يتمتع بموهبة تحويل الخرداوات إلى معدات صالحة للاستخدام منذ صغره، وكان دائماً ما يجعل من أي قطعة تالفة أيقونه منزلية يستفيد منها الإنسان، معتبراً أنه لا يوجد شيء لا يمكن أن يتم توظيفة في خدمة البشرية.

ولفت إلى أن التعمق في شكل القطعة التالفة، ورسم مستقبلها في المخيلة قبل البدء بالطرق عليها، يعزز لديه الابتكار في تحويلها إلى منتج صالح للاستعمال، ولكن بوظيفة جديدة غير التي كانت تعمل عليها هذه القطعة سابقاً.

وأضاف أنه مارس هذه الموهبة قديماً بمعدات متواضعة في باحة بيته، وكان يعمل دائماً على صيانة مقتنيات المنزل، والقطعة التي تتلف يعمل على إعادة تدويرها في قطعة جديدة مختلفة عن السابق، لكنها تقدم خدمة جمالية ووظيفية، حتى قرر تطوير موهبته وفكرته إلى مشروع استثماري متخصص.

مشروعي «كراسي»



وأوضح أن البداية كانت عندما أطلق مشروعه المنزلي الخاص وأطلق عليه اسم «كراسي» في عام 2015، وذلك بإصدار رخصة منزلية تدعى «الغد» من دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، ليعمل على تطوير ركن من منزله القديم، وذلك بشراء معدات متخصصة ومتطورة في الأعمال الحرفية، بهدف الإنتاج بكميات تجارية.

وأشار إلى أن المنتج الذي بدأ به، هو كراسيّ مصنوعة من إطارات السيارات التالفة، والتي كان يعيد تأهيلها جمالياً، ويدمجها ببعض الأقمشة ذات الجودة العالية والتي تناسب الفكرة، وهو المنتج الذي لاقى استحساناً من كافة أفراد العائلة والأقرباء والأصدقاء، وشكل بداية قوية لفكرة الابتكار في إعادة تدوير القطع التالفة وتحويلها إلى كراسيّ.

وقال إن الأشهر الأولى شهد مبيعات عالية جداً على منتج كراسي الإطارات، كونها كانت فكرة جديدة وجميلة، وتناسب الجلسات الخارجية، لأعمال على ابتكار كرسي جديد من خلال إعادة تدوير البراميل الحديد التالفة، والتي شكلت إضافة نوعية على المنتجات التي أقدمها للعملاء.

الترويج الإعلامي

وأضاف أن التحدي الأصعب في تلك الفترة كانت توسعة قاعدة العملاء، ليلجأ إلى الترويج الإعلامي، وإطلاق حساب إلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي ليقدم منتجاته، وهو ما عزز من دوران عجلة المبيعات في السنة الأولى من عمر المشروع.

وبيّن أن إدخال منتجين من الكراسي على قائمة الإنتاج، أسهم في توسعة قاعدة العملاء على مستوى الدولة خلال السنة الثانية، حيث تلقى طلبات من عدة متاجر ومقاهٍ ومطاعم من معظم إمارات الدولة، إذ إنه أوصل منتجاته إلى إمارة أبوظبي والشارقة ودبي ومدينة العين.

وأكد أن المبيعات كانت تتجاوز 10 آلاف درهم إمارتي شهرياً، وذلك خلال السنوات الثلاث الأولى، ليعمل خلال عام 2017 في تصميم قائمة من المنتجات المنزلية والمكتبية، منها الكراسي ومعدات الإنارة، والخزائن، وطاولات، وأرفف، وصناديق تخزين.



وأوضح أن التنوع ضروري جداً لتنويع العملاء، وتوفير كافة المتطلبات التي يبحث عنها الزبون، لذلك عمل على الابتكار في العديد من القطع التالفة التي يمكن إعادة تدويرها، ليقوم بصناعة أدوات الإنارة من الأخشاب والأنابيب الحديد والبلاستيك، وغيرها من الأدوات المنزلية.

المشاركة في جانزو

وتابع: تعزيز المعرفة كانت خطوة مهمة وأساسية بهدف تطوير أعمالي، ليشارك 4 مرات في معرض جانزو في جمهورية الصين الشعبية بدعوة من وزارة الاقتصاد وتنظيم من مؤسسة سعود بن صقر لتنمية مشاريع الشباب، وهي المشاركات التي عرّفته إلى أهمية الابتكار وإعادة التدوير في صناعة منتجات تنافسية، ليرجع إلى معمله بأفكار جديدة ومختلفة، ليرفع من مستوى إنتاجه.



وأبان أنه يعمل وحده، وبجهد شخصي، وهذا ما جعل من منتجاته محل ثقة العملاء، حتى بات معروفاً بمهارته في إعادة تدوير المنتجات، ودوره في الاستدامة البيئية، مؤكداً أن المشاريع الابتكارية التي تربطها علاقة مع الاستدامة البيئية، ثقيلة نوعاً ما على العملاء، كونهم يفضلون المنتجات الجديدة، إلا أنها مفضلة بالنسبة للعديد من الناس، كونها إنتاجاً محلياً وبجهد شخصي، وتحافط على الاستدامة البيئية.

التالف بسعر مناسب

ولفت النقبي، إلى أن أبرز التحديات التي واجهته، هي في توفير المعدات التالفة والمناسبة وبأسعار تحقق له هامشاً ربحياً أكبر، لإعادة تدوريها وبيعها، مثل البراميل الحديد التي كان يحصل عليها مقابل 50 درهماً للبرميل الواحد، لتشكل ضغطاً كبيراً على هامش الربح عند إعادة التدوير وصناعة الكراسي الحديدة، حتى قدمت له إحدى الشركات الصناعية الرائدة في إمارة رأس الخيمة، كافة البراميل الحديد المستخدمة في المصانع مجاناً، والتي وصل عددها شهرياً إلى نحو 50 برميلاً، وهي الخطورة التي شكلت دافعاً مهماً لزيادة الإنتاج والربح معاً.



وقال إن إقناع الناس بالأدوات المعاد تدويرها، ليس بالأمر السهل، حتى عمل على بناء ثقة العملاء تدريجياً، من خلال المشاركة في المعارض والفعاليات المحلية والدولية لعرض منتجاته، بهدف تعريف الناس بطبيعتها وجودتها، وهي الخطوة الأهم التي أسهمت في تزايد القناعة لدى العملاء في اقتناء المنتجات المعاد تدويرها.

ولفت إلى أن فترة جائحة كورونا شكلت عقبة كبيرة جداً أمام أعماله، بسبب توقف الأعمال، وامتناع الناس عن الاختلاط بالأخرين، لتتراجع أعماله بشكل حاد، إلا أنه في ظل التعافي التدريجي للأعمال بشكل عام، استأنف أعماله بشكل تدريجي، لكنه بحاجة إلى حملة تسويقية جديدة لتذكير الناس والعملاء بما يقدمه من منتجات معاد تدويرها وابتكارية.

دعم الجهات الحكومية

وأكد أهمية دعم الجهات الحكومية لأعمال رواد الأعمال الابتكاريين، والتي تتعلق في الاستدامة البيئية التي تستند على عمليات إعادة التدوير بشكل أساسي، وذلك من خلال محفزات خاصة للمشاركة في المعارض الوطنية، ومنحهم فرصة لعرض منتجاتهم في مراكز سعادة المتعاملين في الجهات الرسمية، لتعريف الناس بها وبجودتها.



وأضاف أن سوق الإمارات من الأسواق المتنوعة الداعمة للأعمال الابتكارية، كما أن الدعم الحكومي للأعمال من خلال الرخص المنزلية، يفتح الآفاق أمام تطوير الأعمال الاستثمارية، لذلك اعتبر النقبي توظيف الموهبة أو المهنة الحرفية في الأعمال التصنيعية، يمكن أن يحقق عوائد مالية مجزية، لكن ذلك يحتاج إلى دعم مستمر من قبل الجهات الحكومية بهدف تنميتها، لتحقيق تنافسية سوقية تجارية.