الأربعاء - 01 مايو 2024
الأربعاء - 01 مايو 2024

ارتفاع الفوائد يزيد تحديات الشركات الصغيرة

تبدو الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر حساسية تجاه أسعار الفائدة، فبينما تدفع الفوائد الجديدة بأسعار قروض كل القطاعات إلى الارتفاع، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر من يعاني، الأمر الذي يرتبط بدرجة المخاطر التي تنطوي عليها هذه الشركات ونظرة البنوك المتحفظة تجاهها.

وكانت بنوك أبدت تحفظاً في إقراض هذه الشركات خلال الفترة الماضية في ظل جائحة كورونا، ومع عودة بعضها للإقراض حالياً، فإن الفوائد بدأت بالصعود.



تثبيت الفائدة 3 سنوات

وفيما تتجه أسعار الفائدة إلى المزيد من الارتفاعات المتتالية خلال الفترة المقبلة، فإن بعض المصرفيين نصحوا الشركات الصغيرة الراغبة والقادرة على الحصول على تمويل في الوقت الراهن بالإقدام على هذه الخطوة، وبالسعي إلى تثبيت الفائدة لمدة 3 سنوات على الأقل، إن كان ذلك ممكناً.

إلى ذلك، أفاد رواد أعمال بأن ارتفاع سعر فائدة التمويل البنكي للشركات الناشئة، يمكن أن يؤثر في خطط التطوير والعمليات، إلا أن التمويل ليس الملاذ الأول والأخير، مشيرين إلى إمكانية اللجوء إلى صناديق دعم الأعمال الوطنية، أو عقد شراكات تمويلية محددة مع شركات استثمارية.

ولفتوا إلى أن الرفع المتوقع للفائدة على مدى العام سيفرض على الشركات الصغيرة المقترضة إجراءات مثل زيادة أسعار البيع أو تخفيض النفقات على المنتجات أو رواتب العمال وغيرها.



فوائد تتجاوز 20%

وتبدأ أسعار الفائدة بالنسبة لتمويلات الشركات الصغيرة والمتوسطة من حدود 5% متناقصة، لكنها أقل انتشاراً، وعلى أرض الواقع تختلف الأسعار وتبدأ من حدود 8 أو 10%، وقد تصل إلى 20% كأسعار متناقصة.

وأفاد المصرفي حسن الريس، بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر حساسية تجاه أسعار الفائدة بين كل أنواع الشركات والقطاعات الأخرى كالتمويلات الشخصية، الأمر الذي يرتبط بدرجة المخاطر التي تنطوي عليها تمويلات هذه القطاعات أو الشركات.

وأشار إلى أن هامش الأرباح بالنسبة للشركات الصغيرة في العموم أقل مقارنة بالشركات الأكبر، إذ تعتمد الشركات الصغيرة في العموم على مزودي خدمات وشركات أخرى ما يقلص حجم دخلها ويزيد من نفقاتها.

وقال: «خلال جائحة كورونا كانت الشركات الصغيرة أكثر من عانى من تشدد وحذر البنوك في التمويل، واليوم وبعد أن عادت حركة التمويل نسبياً إلى النشاط فإن فوائد تمويل الشركات الصغيرة بدأت ترتفع في وقت ترتفع فيه أسعار المواد، ما يزيد من الأعباء على هذه الشركات بدرجات أكبر من غيرها».



حد أدنى لسعر التمويل

وأشار الريس إلى أن فوائد تمويل الشركات الصغيرة تبدأ من حدود 2.5% مضافة إلى سعر إيبور لأجل 3 أشهر، أي من حدود 4.5 أو 5% متناقصة، لكن على أرض الواقع من الصعب لشركات صغيرة أو متوسطة الحصول على هذه النسبة، فالأسعار في الواقع تزيد على ذلك وقد تبدأ من حدود 9 أو 10% كفائدة متناقصة في العموم.

وبين أن البنوك تضع نسبة ربح فوق معدل إيبور، لكنها في الوقت ذاته تضع حداً أدنى يناقض النسبة الأولية الموضوعة.

ونصح الشركات الصغيرة القادرة على الحصول على قرض في الوقت الراهن مع إمكانية تثبيت الفائدة لـ3 أو 5 أعوام حتى باتخاذ هذه الخطوة، فالأسعار تسلك طريقاً تصاعدياً قد يجعل كلفة التمويل لهذا النوع من الشركات مكلفة جداً في الفترة المقبلة.



شركات مرتفعة المخاطر

من جهته، أفاد المصرفي أمجد نصر، بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة تصنف من قبل البنوك على أنها مرتفعة المخاطر، وقد يكون هذا الأمر صحيحاً نسبياً، لكن تعميم هذا التصنيف يجعل الكثير من الشركات الناجحة تفقد فرصتها بالحصول على التمويل أو بالحصول على أسعار فائدة مناسبة.

وأشار إلى أن ارتفاعات أسعار الفائدة الحاصلة والمرتقبة على المستوى العالمي، وبالتالي على المستويين الإقليمي والمحلي من شأنه أن يضغط على المشاريع الصغيرة ويرفع كلف إقراضها بشكل سيكون أكثر وضوحاً مقارنة بالعديد من القطاعات الأخرى، كون الفائدة تنعكس بشكل أكبر على الشركات التي تصنف على أنها أكثر مخاطر.



الخروج عن التعميم

وأضاف نصر: «لا بد من الخروج عن التعميم من أجل الوصول إلى بيئة تمويلية تناسب الشركات الناشئة»، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من اختلاف نسب الفائدة بين شركات القطاع إلا أن الفروقات لا تعكس القوة الائتمانية لكل شركة.

وأشار إلى أن البنوك بحاجة إلى إبداء المزيد من الانفتاح على الشركات الصغيرة والمتوسطة، لكن ذلك لا يعني أن تتحمل هي المسؤولية كاملة، فالشركات الصغيرة مطالبة بتنسيق بياناتها المالية وتقديم الدراسات أو التفاصيل اللازمة وبشكل دقيق وواضح إلى البنوك من أجل إيضاح المركز الائتماني وأفق النمو.



غياب المنافسة

من جانبه، أفاد المصرفي أحمد عرفات، بأن البنوك شديدة التحفظ عند التعامل مع الشركات الصغيرة، وتبدأ أسعار الفائدة الواقعية بالنسبة للشركات الصغيرة في العموم من 8 أو 9% وتصل إلى حدود الـ20% كفائدة متناقصة، وقد تتجاوز هذا المستوى.

وأشار إلى أن بعض البنوك باتت أكثر تحفظاً، بحيث لا تمنح تمويلات للشركات الصغيرة، ما جعل البنوك الأخرى التي لا تزال تمنح التمويلات أكثر قدرة على رفع الأسعار في ظل غياب المنافسة.

وأشار إلى أن الارتفاعات الراهنة والمرتقبة لأسعار الفائدة من شأنها زيادة الأعباء التمويلية على الشركات الصغيرة والمتوسطة، سواء بالنسبة للتمويلات القائمة أو الجديدة، وسيكون أثر ارتفاع أسعار الفائدة على هذه الشركات أكثر وضوحاً مقارنة بباقي القطاعات. وقال: «من يرغب في الحصول على قرض من الشركات الصغيرة وغيرها من الأطراف فعليه الإقدام على هذه الخطوة الآن أو خلال الأشهر القليلة المقبلة، فأسعار الفائدة إلى المزيد من الارتفاع».



تحدٍّ للتوسع

وقال مدير ومؤسس شركة أرضية الإبداع للحلول المعلوماتية إبراهيم العبيدلي، إن ارتفاع نسبة الفائدة البنكية على التمويل، تشكل تحدياً لمسيرة أعمال الشركات الناشئة المحتاجة للتمويل بهدف التوسع والتطوير، إلا أن اللجوء إلى التمويل البنكي ليس من الحلول ذات الأولوية لدعم الأعمال الوطنية من فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ولفت إلى أن ارتفاع سعر الفائدة، والتوقعات بارتفاعها مرات عدة خلال العام الجاري، نظراً لتوجهات الفيدرالي الأمريكي، له تبعات مستقبلية على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تلجأ للتمويل البنكي.

وذكر أن ارتفاع الفائدة له تأثير حتمي في خطط التطوير أو التشغيل، إذ سيؤدي إلى تحميل كلفة الفائدة على المستهلك، أو التقليل من توقعات الأرباح، في إطار تمكين الشركات من الاستمرارية بالأعمال.



إجراءات

بدوره، قال المدير التنفيذي ومؤسس شريك لمنصة سناكات لتجارة المواد الغذائية محمد الشحي، إن ارتفاع سعر فائدة التمويل البنكي للشركات الناشئة، يمكن أن يؤثر في خطط التطوير، لكن التمويل ليس الملاذ الأول والأخير، في ظل وجود صناديق استثمارية داعمة للأعمال الوطنية، أو شركات استثمارية قادرة على الدخول في شراكات تمويلية محددة.

ولفت الشحي إلى أن التمويل البنكي من آخر الوسائل التي تلجأ إليها الشركات الناشئة، لكن ارتفاع أسعار الفائدة حالياً والارتفاعات المتوقعة خلال العام الجاري تأثراً بتحركات الفيدرالي الأمريكي، سيكون لها تأثيرات مباشرة في أرباح الشركات المقترضة، ما سيفرض عليها إجراءات مثل زيادة أسعار البيع أو تغيير السياسة المالية من نفقات على المنتجات أو رواتب العمال وغيرها، للتغلب على ارتفاع أسعار الفائدة لتمويل الشركات.