الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السيارات الكهربائية بالإمارات.. تحديات تعيق انتشارها و24% نمو متوقع حتى 2026

تتبنى دولة الإمارات العديد من المبادرات للحد من ظاهرة التغير المناخي، وتعد وسائل النقل والمواصلات من أسرع مصادر الانبعاثات المتزايدة حول العالم، وفي الوقت الحالي تستثمر الدولة في أنظمة نقل جماعي جديدة ومستدامة مثل نظام السكك الحديد الخفيفة والسريعة (مترو دبي)، بالإضافة إلى قطار الاتحاد، ومشروع القطار عالي السرعة المقترح.

ورغم الاستراتيجيات التي تتبناها الدولة لانتشار السيارات الكهربائية، فإن هناك فجوة كبيرة بين معدل نمو انتشار السيارات الكهربائية في الدول المتقدمة وخاصة أوروبا ومعدل النمو في الإمارات.

وبينما تتصدر الإمارات قائمة دول الشرق الأوسط في معدل نمو وانتشار السيارات الكهربائية، يكاد مشهد السيارات الكهربائية فيها يغيب عند مقارنتها مع أوروبا وأمريكا والصين، إذ قال مختصون إن البنية التحتية المتعلقة بمحطات شحن السيارات الكهربائية ما زالت العائق الأكبر لانتشارها، في الوقت الذي يستهدف العديد من المطورين العقاريين والمراكز التجارية بالدولة زيادة المتاح من محطات الشحن داخل مشاريعهم.

وبالنسبة لأكبر شركة سيارات كهربائية في العالم من حيث القيمة والحصة السوقية، وهي تسلا، تتركز مبيعاتها على نحو أساسي بين أمريكا التي تستحوذ تقريباً على نصف المبيعات، ثم الصين التي تستحوذ على 10%، وهولندا التي تستحوذ على 7% تقريباً، والنرويج التي تستحوذ على 4%.

الفجوة تزداد عاماً بعد آخر، إذ ارتفعت حصة السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات السيارات في أوروبا والصين خلال العام الماضي على نحو فاق كل التوقعات؛ ففي الصين بلغت النسبة 15% و20% في أوروبا.

ومع كل هذه التحديات، تشير التطورات الجارية إلى نمو قد يفوق التوقعات في معدلات تبني السيارات الكهربائية خلال الفترة المقبلة، بدءاً من توسيع الخيارات أمام المستهلكين إلى تمويلات بنكية تستهدف تشجيع تملك تلك السيارات.

وتفتح «الرؤية» ملف السيارات الكهربائية في الدولة، وتحدثت خلاله مع برلمانيين ومصنعين ووكلاء سيارات ومطوري البنية التحتية للسيارات الكهربائية.

وفيما يرى مُشرّعون أن جدوى السيارات الكهربائية لم تتضح بعد حتى الآن، يسعى وكلاء السيارات إلى إتاحة المزيد من الطرازات في السوق بجانب احتضان الدولة أول مصنع للسيارات الكهربائية في المنطقة، وهو ما يؤشر إلى طفرة مقبلة في تبني السيارات الكهربائية في الدولة، مع معدل نمو متوقع يصل إلى 24% حتى عام 2026.

السوق بالإمارات في مراحله المبكرة

قال تقرير بحثي إن سوق المركبات الكهربائية في الإمارات ما زال في مراحلة المبكرة، لكنه شهد نمواً ملحوظاً خلال الفترة بين 2018 و2021، خصوصاً مع العديد من المبادرات التي أطلقتها الدولة مثل مبادرة «الشاحن الأخضر».

وتوقع التقرير الصادر عن شركة أبحاث «6Wresearch»، والذي اطلعت «الرؤية» عليه، أن معدل النمو المركب المستهدف للمركبات الكهربائية في الإمارات يبلغ 24% خلال الفترة ما بين 2022 و2026.

وأضاف: «سيسجل سوق السيارات الكهربائية في الإمارات نمواً خلال فترة التوقعات بسبب الزيادة في إقبال السياح على الدولة، التي ستعمل على توسيع عمليات تأجير السيارات في الإمارات، إلى جانب الاستهلاك المحلي على خلفية الفوائد الاقتصادية، التي تقدمها الحكومة إلى الترويج للسيارة الكهربائية في الدولة».

وفيما يتعلق بأنواع المركبات، أسهمت سيارات الركاب بنسبة 95.1% في الإيرادات من حصة سوق السيارات الكهربائية في الإمارات في عام 2021، بسبب الاتجاه المتزايد لتأجير السيارات في الدولة، إلى جانب المشترين من المقيمين في الدولة، وفقاً للتقرير.

وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً للنطاق المحدود لتبني المركبات التجارية الكهربائية في قطاع السلع الاستهلاكية والنقل والتوريد اللوجستي في الدولة، إلا أنها تمتلك أكبر حصة من الإيرادات، ومع ذلك، يتوقع التقرير أن ينمو قطاع المركبات ذات العجلتين (من حيث العدد) خلال الفترة المتوقعة بسبب التطورات التدريجية في الخدمات اللوجستية وخدمات توصيل الأغذية.

وربط التقرير معدل انتشار السيارات الكهربائية في الإمارات بتوافر البنية التحتية المتعلقة بشحن السيارات، وتوافر مراكز الصيانة، الأمر الذي أسهم في استحواذ أبوظبي ودبي على نحو نصف مبيعات السيارات الكهربائية في الدولة، وهذه النسبة من المتوقع أن تستمر خلال الأعوام المقبلة، حتى يتم توفير محطات شحن ومراكز صيانة في باقي الدولة.

خيارات محدودة وأسعار غير مناسبة

يقتصر السوق المحلي في الإمارات على عدد محدود من طراز السيارات الكهربائية، وفقاً لرصد أجرته «الرؤية».

وتقتصر الوكالات اليوم على تقديم نموذج واحد فقط للمتعاملين من السيارات الكهربائية مقارنة بخيارات السيارة التقليدية وبأسعار قد لا تكون مناسبة لجميع الفئات، لكن الملاحظ أن موديلات وخيارات السيارات الصديقة للبيئة آخذة بالتزايد سنة بعد سنة مثل جنرال موتورز وفولكس فاغن.

وتقدم تسلا العديد من الموديلات في السوق المحلي بداية من تسلا موديل 3، ويراوح سعرها بحسب الفئة بين 185 و236 ألف درهم، وتسلا موديل y ويراوح سعرها بين 247 و270 ألف درهم، وتسلا موديل S وتراوح بين 430 و540 ألف درهم، وتسلا موديل x بفئتيها بمتوسط 500 ألف درهم.

وتوفر علامة شفروليه موديل bolt ev 2022 ويصل سعرها إلى 168 ألف درهم في السوق المحلي، وكذلك أودي توفر موديلها الوحيد e-tron بسعر يصل إلى 469 ألف درهم، كما توفر وكالة رينو موديل zoe بسعر يصل إلى 137 ألف درهم، أما فولكس فاغن بموديليها id4 وid6 فيراوح السعر بين 120 و160 ألف درهم، فيما يصل سعر سيارة بورش تايكان الكهربائية الفارهة إلى سعر 413 ألف درهم في الدولة.

وقالت شركة جنرال موتور لـ«الرؤية» إنها ستوفر 13 سيارة كهربائية في السوق الإماراتي حتى 2025، حيث ستطلق في يناير 2022 موديل «بولت أي يو في» من شفروليه، وفي أواخر السنة المقبلة ستطلق موديل «هامر إي في» من جي إم سي، وفي النصف الأول من 2023 ستطلق كاديلاك ليريك.

وتستهدف الشركة أن تكون الشركة الأولى في الدولة من حيث مبيعات السيارات الكهربائية في السوق الإماراتي بحلول 2025، ولا سيما أن الدولة تضم أكثر 600 محطة شحن وبدأت مبكراً في الاستثمار بالبنية التحتية الخاصة بالسيارات الكهربائية، وهي الأسرع نمواً في هذا القطاع.

وعن أسعار السيارات الكهربائية، قالت إن الأسعار ستنخفض في المستقبل وسنتفاجأ بالانخفاض الذي سيحدث، مشيراً إلى أن سعر السيارة قد يكون مرتفعاً، لكن مع توفير كلفة الوقود والصيانة المتكررة ستكون السيارة الكهربائية مجدية بالنسبة للمتعامل، والتكنولوجيا الخاصة بالسيارات الكهربائية تتسارع اليوم بشكل كبير وستؤدي إلى انخفاض أسعارها بالمستقبل.

مطورون عقاريون يتوسعون في محطات الشحن

يسعى المطورون العقاريون الكبار في إمارة دبي إلى توسيع شبكتهم الخاصة من محطات الشحن الكهربائية، خصوصاً في مجمعاتهم السكنية ومشاريعهم قيد الإنشاء ومراكز التسوق التابعة لهم، فضلاً عن تزويد المشاريع القائمة بمحطات جديدة، بما يتناسب مع استراتيجية الإمارة لتخفيض الانبعاثات الكربونية وتشجيع الجمهور على اقتناء السيارات الخضراء الصديقة والبيئة، فضلاً عن تلبية متطلبات المستثمرين والمستخدمين النهائيين، في الوقت الذي تمثل إمكانية شحن المركبات أحد أهم العقبات التي تقابل أصحاب تلك السيارات والباحثين عن اقتنائها، وتعد أحد العوامل المحددة لطرح الموديلات المنتجة وزيادة كميات توريدها إلى السوق المحلي.

شحن مجاني

وقال نائب الرئيس لدى شركة داماك العقارية نايل ماكلوغلين، إن «الشركة تخطط لتركيب محطات شحن خضراء للمركبات الكهربائية، في مختلف مشاريعها الحالية والمستقبلية في دبي».

وأضاف ماكلوغلين في تصريحات لـ«الرؤية»: «ضمن استراتيجيتنا لتوفير كل سبل الراحة المتعاملين، ركبت (داماك) محطتَي شاحن أخضر في مجتمعها الرئيسي (داماك هيلز 2)، التي تتيح للسكان شحن سياراتهم الكهربائية مجاناً، كما تهدف إلى تركيب المزيد من هذه المحطات في مجتمعها السكني الآخر (داماك هيلز)، بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي».

وتابع: «وفي برج زاده، وهو مبنى مكون من 26 طابقاً في منطقة الخليج التجاري، تخطط (داماك) لتركيب 6 محطات شحن خضراء صديقة للبيئة، في حين تعتزم شركة التطوير العقاري تركيب نحو 12 محطة شحن كهربائية في مشروعها الفاخر (كافالي تاور) المُطل على نخلة جميرا، ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع الطلب على محطات الشحن الخضراء من قبل مالكي السيارات الكهربائية».

200 محطة شحن

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة عزيزي للتطوير العقاري فرهاد عزيزي: «نخطط لشراء وتركيب ما يقرب من 200 محطة لشحن السيارات الكهربائية في مشاريعنا، وستكون متوافقة مع جميع أنواع المركبات، بهدف تلبية احتياجات المستثمرين والمستخدمين النهائيين، وتتماشى هذه الخطوة مع جهود هيئة كهرباء ومياه دبي لتشجيع استخدام هذه المركبات الصديقة للبيئة، والإسهام بشكل فاعل في الحد من الانبعاثات الكربونية، ودعم انتشار وسائل النقل الصديقة للبيئة في جميع أنحاء الإمارة».

وأفاد عزيزي بأنه سيتم توفير محطات شحن عبر مشروعي «ريفيرا» في مدينة محمد بن راشد، و«كريك فيوز 1» المطل على مدينة دبي الطبية، ونبحث أيضاً باستمرار عن طرق جديدة للإسهام في دعم المشاريع البيئية للإمارة، للتحرك سوياً نحو منظومة صحية ومستدامة، مع تلبية رغبات متعاملينا وتوفير احتياجاتهم لتحقيق هذا الهدف، واعتماد نمط معيشة أكثر استدامة.

وأضاف: «نتطلع لتركيب محطات شحن في جميع مشاريعنا التي لا تزال تحت الإنشاء، ومعظم مجمعاتنا السكنية والتجارية التي سيتم الانتهاء منها قريباً، وغيرها من المشاريع التي اكتملت بالفعل في جميع أنحاء دبي».

الاستدامة

وتشهد تصميمات وخطط إنشاء عدد من المشاريع العقارية الضخمة تعزيزاً واضحاً لمعايير الاستدامة، سواء في معايير البناء أو في حلول استخدام الطاقة، وفق المختص العقاري أشرف توفيق، مضيفاً أن ذلك يعزز- من ناحية تنافسية- المشاريع بشكل عام، ومن ناحية أخرى، فإنه يعزز الطلب من جانب فئات جديدة من المشترين ومنهم أصحاب المركبات الخضراء، التي بدأت في الانتشار محلياً بشكل تدريجي.

وأضاف: كشفت العديد من الشركات العقارية المطورة لمشاريع سكنية مثل «الدار» و«بلووم» وغيرها، تطوير تصميمات المشاريع العقارية لتعزيز البنية التحتية للطاقة النظيفة واستخداماتها، بما فيها حلول شحن المركبات الخضراء، إذ توفر تلك الحلول المتطورة بدائل جديدة للسكن في السوق المحلي وتعزز من تطوره وتعزيز الطلب على الشراء.

مراكز التسوق

إلى ذلك، قال مدير شركة لاين للاستثمار والعقارات، الذراع العقارية لمجموعة اللولو العالمية، التي تدير أكثر من 15 مركزاً تجارياً محلياً، واجب الخوري، عن بدء خطة لتأهيل مرافق السيارات في تلك المراكز وتعزيز استيعابها للسيارات الكهربائية عن طريق إنشاء محطات داخلية للشحن الذاتي، إذ تم تركيب 6 محطات داخل 3 مراكز كبرى عاملة في أبوظبي، بواقع محطتين لكل مركز، فيما ستطلق محطتين إضافيتين عبر مركز التسوق الجديد، الذي تنجزه في مدينة خليفة.

وأضاف الخوري أن المجموعة تدرس أيضاً المزيد من خطط التأهيل خلال الفترة المقبلة، سواء باللجوء لزيادة محطات الشحن في تلك المراكز خلال الفترة المقبلة أو تعزيز مرافق المراكز التجارية الأخرى وتأهيلها بدورها بمحطات للشحن، بما يتوافق مع احتياجات المستهلكين وتوزيعهم الجغرافي، في الوقت الذي يشهد قطاع النقل المستدام والمركبات الخضراء نشاطاً ملحوظاً محلياً عبر زيادة حصص السيارات الكهربائية بين المستهلكين.

وتابع أن ذلك من شأنه تعزيز مساهمة المجموعة في تحقيق تطلعات الاستدامة وتطوير البنية التحتية لاستيعاب وسائل النقل الحديثة، وفي الوقت ذاته رفع جاهزية المراكز التجارية وملائمتها للكثير من احتياجات شرائح المستهلكين.

جمعيات تعاونية

من جهته، أفاد مدير المراكز التجارية في جمعية أبوظبي التعاونية رائد الحداد، إلى أن الجمعية باشرت التنسيق مع عدد من الشركات المختصة بشأن تعزيز مساحات المواقف الخاصة والتابعة لها بمحطات شحن للسيارات الكهربائية، مع وجود طلب متنامٍ من أصحاب تلك المركبات من المتسوقين ومتعاملي فروع الجمعية، تزامناً مع بدء ازدياد أعداد مستخدمي تلك المركبات محلياً.

وتابع قد يتم وفق الدراسات تجهيز 3 فروع كمرحلة أولى بالمحطات، فيما تراوح استيعابية تلك المواقف بين محطتين و3 للشحن.

البنية التحتية

بدورهم، أشار مختصون في قطاع السيارات بأن عامل البنية التحتية يعد أحد العوامل الأساسية لخطط زيادة طرح الموديلات في السوق المحلي، إذ إن سهولة شحن تلك المركبات يعزز من الطلب والحجوزات من المشترين.

وقال مدير مبيعات علامة شيفروليه وجي إم سي في وكالة «بن حمودة» أيمن البيجاوي، إن سوق السيارات الكهربائية في الإمارات يعد واعداً، إذ من المنتظر نمو الطلب تدريجياً شريطة توفير عدد من العوامل أهمها بدأ انتشار مرافق الشحن أمام المستهلكين، إذ تعد صعوبة إمكانية الشحن- ولا سيما داخل المدن- أحد العوامل التي تقف حائلاً أمام اقتناء المزيد منها، مضيفاً أن مبيعات الوكالة من موديلها من السيارات الكهربائية ما زال مرتكزاً على المبيعات للمؤسسات والهيئات التي تمتلك أريحية في شحن تلك المركبات، مشيراً إلى أن السيارات الكهربائية باتت البديل الاقتصادي الأمثل على المدى الطويل للمستهلكين مع تنافسية كلفة الشحن مقابل أسعار الوقود.

واتفق معه المختص في قطاع السيارات المحلي مصعب بيطار، رابطاً بشكل مباشر بين زيادة مبيعات سوق السيارات للأفراد ومدى ما وصل إليه تعزيز البنية التحتية لمحطات الشحن الخضراء، إذ ما زالت مرافق الشحن تعاني من نقص واضح، ما يعوق انتشار السيارات في أسواق الدولة.